خطبة الاسبوع arrow خطبة الاسبوع arrow التسويف تفريط في مقدرات الأمة
spacer

  

spacer
spacer  
spacer spacer

التسويف تفريط في مقدرات الأمة طباعة ارسال لصديق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
16/03/2007
خطبة الجمعة بتاريخ 26 صفر 1428هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التسويفُ تفريطٌ في مقدِّراتِ الأُمَّةِ
   الْحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمين، أنارَ السَّبيلَ لِمَنِ استمسكَ بحبلِه المتينِ واغتنمَ أوقاتَه، وأوضحَ المَسلَكَ والدَّليلَ لِمَنْ عَمَرَ ليلَه ونهارَه بِما فيهِ مرضاةِ ربِّهِ وصالحِ حياتِه، أحمدُه سُبحانَه حَمْدَ الشَّاكرينَ، وأتوبُ إليهِ توبةَ الأَوَّابينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ ((جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً))(1)، وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إمامُ المرسَلِينَ، وسَيِّدُ الأَوَّلِينَ والآخرِينَ،  -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهْتَدَى  بِهَدْيِهِ، وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.  أُوصيكُم ونَفسي بِتَقْوى اللهِ، والعَملِ بما فيهِ رِضاه، والسَّيْرِ على نَهْجِهِ وهُداه، ((وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )) (2) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) (3) ،  واعلَمُوا  – رَحِمَني اللهُ وإيَّاكُم- أنَّ الإنسانَ لا يُمكنُ أنْ يَنفكَّ وجودُه، ويستحيل أنْ يَتحقَّقَ حضورُه خارجَ إطارِ الزَّمَنِ المحصورةِ أَجْزاؤُه والمُقيَّدةِ لحظاتُه بِاللَّيلِ والنَّهارِ، ولقدْ شاءتْ قُدرَةُ المَولَى عَزَّ وجلَّ أنْ يكونَ لِكُلِّ شيءٍ خلَقَهُ أجلٌ منَ الزَّمَنِ مَحدُودٌ، وميقاتٌ منَ العُمرِ مَعْدُودٌ، فَهَذا الكَونُ الذي يُحيطُ بِنا ونعيشُ كَرَّ ليلِهِ ونَهَارِه وتَتجدَّدُ ساعاتُه وأيَّامُه هو أيضاً مَحْسُوبُ الأجلِ مُقدَّرُ العُمْرِ في مِيزانِ قِياسِ الزَّمَنِ، وكَذَا سائرُ ما فيهِ ومَنْ فِيه، ما يدلُّ دلالةً ظاهرةً على عِظَمِ الأَهمِّيَّةِ والقيمةِ التي يَمتازُ بِها الزَّمَن؛ لِما يُضفِيهِ في حَياتِنَا ومَعيشتِنا حَركَةً وسُكُوناً، نَوماً ويَقْظَةً، منْ تَغيُّرٍ وتَجديدٍ، قالَ سُبْحَانَهُ: ((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)) (4).
   أيَّها المُؤْمِنُونَ :
   ولِما للزَّمَنِ منْ صفةٍ اعتباريَّةٍ وأَثَرٍ واضحٍ في حركةِ الحياةِ ومََسِيْرةِ الكونِ؛ عُدَّ في نَظَرِ العارفينَ أنفَسُ ذخيرةٍ تمتلكُهُ الإنسانيةُ، وأثمنُ كَنزٍ تَدَّخِرُهُ البَشَرِيَّة؛ الأمرُ الذي يَستَلْزِمُ مِنَّا صونَه واغتنامَه، ويستوجبُ علينا حِفْظَهُ واحترامَه، ويَتطلَّبُ مِنَّا تَثميرَهُ وإِكرامَه، عَنْ جابرِ بنِ عبد الله -رضيَ اللهُ عنه- قالَ: خطبَنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  فقالَ: ((أيُّها الناسُ تُوبوا إلى اللهِ قبلَ أنْ تَموتوا، وبادروا بالإعمالِ الصالحةِ قبلَ أنْ تُشغلوا))، ذلكَ لأنَّ التفريطَ في العُمرِ والتسويفَ في استغلالِه على الوَجْهِ الذي يُرضِي المولى عَزَّ وجل، هو في المقامِ الأَوَّلِ تَفريطٌ في حقِّ المَنَّانِ ربِّ الزمانِ والمكان، كما أنَّهُ تفريطٌ في حقِّ الحياةِ بأكملِها وخسارٌ، وتضييعٌ للإنسانِ ولعمرِه دمارٌ.
   عباد الله :
   إنَّ من ألدِّ أعداءِ الزَّمَنِ التسويفَ الهادمَ للعُمرِ بلا فائدةٍ، المضيعَ للوقتِ الثمين، والمُفَوِّتَ لمصالحِ الإنسان، وإذا ما جِئْنَا نبحثُ في التسويفِ وندرسُه، ونتتبعُ أسبابَه ونُشَخِّصُه نجدُ أنَّ مِنْ أهمِّ أسبابِه الانسياقَ وراءَ هَوَى النَّفْس ورغباتِها، والاستجابةِ لدواعيها وشهواتِها، دُونَما رقيبٍ مِنْ ضميرٍ أو عقلٍ أو نظرٍ في عواقبِ الأُمُور، وهَوَى النَّفْسِ - كما قيلَ - شَرُّ داءٍ خالطَ القَلْبَ، عنِ الخيرِ صادٌّ، وللعقلِ مُضادٌّ، يُنتِجُ منَ الأخلاقِ قَبائحَها، ويُظْهِرُ منَ الأفعالِ أَردَءها، قالَ تعالى: (( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ))(5)، قيل: "إذا كانَ الإنسانُ كلَّما هَوى شيئاً ركبَه، وكلَّما اشتهَى شَيئاً أتاه، لا يحجزُه عَنْ ذلكَ ورعٌ ولا تَقْوى؛ فقدَ اتخذَ إِلهه هواه" ((فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) (6)، فاتباعُ هَوَى النَّفسِ يَصدُّ عَنْ جادَّةِ السَّبيلِ، ويُحِيلُ القُوى والطَّاقَاتِ إلى وِجْهَةِ الضياعِ والتعطيل، يَهدِمُ عُمرَ الإنسانِ ويُرديه، وعنِ السلامةِ يُبعدُه ويُعمِيه، ولكأسِ التعاسةِ والشقاوةِ يَسقيه.
   أيُّها المسلمونَ :
   ومنَ العواملِ الرَّئيسةِ أيضاً للتَّسويفِ: التلهِّي بطُولِ الأملِ، فعلى العاقلِ الكَيِّسِ أنْ يكونَ مِنْ خَطَرِه في خشيةٍ ووَجَلٍ، ومِنْ تَخَطُّفِهِ واستدراجِه علَى حَيْطةٍ وتَنبُّهٍ وحَذَرٍ؛ لأنَّهُ إيحاءٌ مُضِلٌ مِنْ إيحاءاتِ الشيطانِ، وجُنُوحٌ بِالإنسانِ إلى الدَّعَةِ والهَوان، قالَ تعالَى: ((رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)) (7)، وقال: ((وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ))(8)، فالتَّلَهِّي بِطُولِ الأملِ -يا عبادَ اللهِ– يُقْسِي القلبَ ويَحمِلُ الإنسانَ على عَدَمِ الصَّبْرِ عنِ الشَّهواتِ، ما يدفعُه إلى ارتكابِ المعاصي ويُبعدُه عنِ الطاعاتِ، وبالتالي سلوك مَنْهَج الاتِّكالِ واللامبالاةِ في التَّعاملِ معْ نفسِه ومُجتمعِه، يقولُ عليُ بنُ أبي طالبٍ -كرم الله وجهه-: ((إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم اتباعُ الهَوَى وطُولُ الأَمل فأَمَّا اتباعُ الهَوى فَيصدُّ عَنِ الحَقِّ، وأمَّا طُولُ الأَملِ فَيُنْسِي الآخرة)) ، وقيلَ: (إيَّاكُم وطول الأَملِ فإنَّ مَنْ أَلهاهُ أملُه أَخزاهُ عملُه). كذلكَ يأتي الاغترارُ بسرابِ الأماني وتصديقُ أوهامِها والتمسُّكُ بحبائلِها الواهية؛ عاملاً يدفعُ المُتعلِّقَ بها إلى التسويفِ وتأجيلِ العَمل، ولقد نَعَى القرآنُ الكريمُ أولئك الَّذين نَسُوا أنفسَهم فاغترُّوا بالأمانيِّ ولم يُقَدِّموا لأنفسِهم منْ صالحِ العملِ ما ينفعُهم في أُخْراهُم حتَّى اغتالَهم رَيبُ المَنُون، فقالَ سُبْحَانه حاكياً حالَهُمْ : (( يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ )) (9).
   فعلى العاقلِ - يا عبادَ الله - أنْ يكونَ لِهَواهُ مُسَوِّفاً، وعنْ إِطَالةِ الآمالِ والتمسُّكِ بالأمانيِّ مُبتَعِداً متأَفِّفاً، وأنْ يكونَ لِعَقْلِهِ في شؤونهِ كُلِّها مُسْعِفاً، وأنْ ينظرَ إلى ما تسوءُ عاقبتُهُ فيُوَطِّنَ نَفْسَهُ على مُجانَبتهِ، وأنْ يعالجَ دواعي النفسِ السلبيةِ بالعَزْمِ القويِّ على هُجْرانِها، والصَّبْرِ الجميلِ على مُخَالَفتِها، فبذلكَ تسعدُ نفسُهُ وتَسلم، ويَستريحُ ضميرُهُ ويَنعَم، وبالتالي يَصلحُ تَوجُّهُهُ في حياتِهِ وتَتحقَّقُ جِدِّيَّتُهُ وحَزمُهُ في التعاملِ معَ الوجودِ الإنسانيِّ بأسرِه، يقولُ -صلى الله عليه وسلم-  : ((الكيِّسُ مَنْ دانَ نفسَهُ وعَمِلَ لما بعدَ الموت، والعاجزُ مَنْ أتبعَ نفسَهُ هواها وتمنَّى على اللهِ الأماني)). إنَّ سفينةَ الحياةِ تمخرُ عبابَ الزمنِ ماضيةً إلى أجلِها المحتومِ دونَ انتظارِ متقاعسٍ أو مُتأخِّر، ولا التفاتٍ لِمُسَوِّفٍ نَؤُومٍ مُتدَثِّر.
   فاتَّقوا اللهَ -يا عبادَ الله -، واعملوا بجِدٍ وتفانٍ، فالعمرُ كُلُّهُ دقائقٌ وثوان، والحياةُ لا تقبلُ أيَّ كَسُولٍ عَنْ خَيْرِ أُمَّتِهِ مُتوان.
  أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إنَّ التسويفَ في العملِ وإرجاءَه، والمماطلةَ والتلكُّؤَ في تحقيقِهِ وإنهائهِ، كلّها مفرداتٌ متجانسةٌ وأخواتٌ متقاربةٌ، تَحمِلُ في مفهومِها معانيَ الضَّعفِ والاستهتار، وتضمُّ بين طوايا أحرُفِها اللامبالاة وخَوَراً في العزيمةِ وانحساراً، إنَّ أيَّ أُمَّةٍ ترقى وتسمُو وتتفاخرُ بعلوِّ هِمَمِ أفرادِها بينَ الأُمَم، وبمثابرةِ أبنائِها تمضي شامخةً تُناطِحُ ذُرى القِمَم، إنَّ الحضارةَ الإنسانيةَ التي شيَّدَ قواعدَها الأوائلُ ما كانت لِتَقومَ قائمتُها لولا امتطاؤُهم صَهوةَ العملِ الباذلِ الجادّ، وركوبُهم سفينةَ الكفاحِ بعزائمَ عالية، واختيارُهم طريقَ التَّحدِّي والتنافس؛ فصدقُوا ما عاهدُوا اللهَ عليه، كانَ شِعارُهُم: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور((10)، (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ((11)،  (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( (12).
   هذا وإنَّ التسويفَ - يا عبادَ الله - مدعاةٌ لتضييعِ المصالحِ وهَدْرِ الوقتِ بلا فائدة، ما فتئَ يختلسُ مِنَّا أغلى ما لَدَينا وأثمنَ ما تملكهُ أيدينا، ويحاربُنَا في مختلفِ مناحي الحياةِ ومجالاتِ العملِ مُتَقَمِّصاً صُوَراً شتَّى، آخذاً بأيدي مصالِحِنا إلى الضَّرَرِ، مُفَوِّتاً علينا الفُرَص، إنَّ المجتمعاتِ إذا ابتُليتْ بهذا الدَّاءِ جانبَها التَّطوُّرُ والنَّماء، وضَعفَ إنتاجُها وعمَّ الركودُ بساحتِهَا والبلاء.
   فاتَّقوا اللهَ -عبادَ الله- ، واحرِصُوا على العمل، ولا يُلهِكُم طولُ الأمل.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (13).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
   (( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة الفرقان / 62 .
(2) سورة القرة / 281 .
(3) سورة لقمان / 33 .
(4) سورة الإسراء / 12 .
(5) سورة الفرقان / 43 .
(6) سورة القصص / 50 .
(7) سورة الحجر / 2-3 .
(8) سورة القرة / 96 .
(9) سورة الحديد / 14 .
(10) سورة الملك / 15 .
(11) سورة الجمعة / 10 .
(12) سورة التوبه / 105 .
(13) سورة الأحزاب / 56 .
آخر تحديث ( 23/09/2007 )
 
< السابق   التالى >
 

استفتاء

ما رأيك بصفحة خطب الجمعة؟
 
spacer

spacer
© 2024 موقع خطب الجمعة
Joomla! is Free Software released under the GNU/GPL License.