خطبة الاسبوع arrow خطبة الاسبوع arrow نَحْوَ زَواجٍ سَعِيدٍ
spacer

  

spacer
spacer  
spacer spacer

نَحْوَ زَواجٍ سَعِيدٍ طباعة ارسال لصديق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
03/07/2007

خطبة الجمعة بتاريخ 21 جمادى الثانية 1428هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

نَحْوَ زَواجٍ سَعِيدٍ

   الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، خَلَقَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ زَوْجَيْنِ، وأَلَّفَ بِالزَّوَاجِ بَيْنَ قَلْبَيْنِ، سُبْحَانَهُ جَعَلَ الزَّوَاجَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ مُخَاطِباً نَبِيَّهُ الأَمِينَ -صلى الله عليه وسلم-  : (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً))(1)، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَمَرَ بِتَيْسِيرِ الزَّوَاجِ وإِزَالَةِ كُلِّ مَا يَعتَرِضُهُ مِنْ عَقَبَاتٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ عَليْه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجمعينَ، والتابعين لَهُمْ بإِحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :

   إِنَّ الزَّوَاجَ أَمْرٌ تَقْتَضِيهِ الفِطْرَةُ، ويَتَطَلَّبُهُ العَقْلُ، لِذَا فَقَدْ أَوْلاَهُ الإِسْلاَمُ عِنَايَةً بَالِغَةً؛ فَحَثَّ عَلَيهِ ورَغَّبَ فِيِه، ويَسَّرَ كُلَّ طَرِيقٍ يُؤَدِّي إِلَيهِ، إِنَّهُ سَكَنٌ ولِبَاسٌ وأُنْسٌ وانْدِمَاجٌ، يُحَقِّقُ لِلإِنْسَانِ السَّكِينَةَ، ويَمنَحُهُ الهُدُوءَ والطُّمَأنِينَةَ، ويُعِينُهُ عَلَى أَعبَاءِ الحَيَاةِ الاجتِمَاعِيَّةِ؛ فَلاَ عَجَبَ أَنْ جَعَلَهُ اللهُ آيةً مِنْ آيَاتِهِ، ودَلِيلاً مِنْ دَلائِلِ قُدرَتِهِ وحِكْمَتِهِ، الدَّالَّةِ عَلَى عَظِيمِ خَلْقِهِ وبَدِيعِ صُنْعِهِ، يَقُولُ اللهُ تعَالَى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (2).

   عِبَادَ اللهِ :

   لَقَدْ طَمْأَنَ الإِسْلاَمُ الرَّاغِبِينَ فِي الزَّوَاجِ المُتَوَجِّسِينَ مِنْ عِظَمِ مَسْؤولِيَّاتِهِ وضَخَامَةِ تَبِعَاتِهِ، بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ سيُعِينُهمْ ويُغْنِيهِمْ مِنْ فَضلِهِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))(3)، وانْطِلاَقاً مِنْ حِرْصِ الإِسْلاَمِ عَلَى إِتْمَامِ الزَّوَاجِ فَقَدْ حَثَّ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَى التَّيْسِيرِ والتَّخْفِيفِ، بَعِيداً عَنِ العُسْرِ وَكَثْرَةِ التَّكَالِيفِ، وهَذِهِ سِمَةُ الإِسْلاَمِ وشَأْنُهُ فِي كُلِّ الأُمُورِ، لِذَا جَاءَ التَّرْغِيبُ فِي تَيْسِيرِ المُهُورِ، فَغَلاؤُهَا عَقَبَةٌ مَصْطَنَعَةٌ كَؤُودٌ، تَحُولُ دُونَ تَحقَِيقِ الهَدَفِ والأَمَلِ المَنْشُودِ، لِذَا وَجَبَ إِزَالتُهَا إِمْضَاءً لِتَحقِيقِ سُنَّةٍ فِطْرِيَّةٍ، وإِنْفَاذاً لأَوَامِرَ رَبَّانِيَّةٍ، فَالزَّوَاجُ إِذَا قَلَّتْ تَكَالِيفُهُ كَانَ أَضْمَنَ استِمْرَاراً، وأَعْظَمَ بَرَكَةً وأَينَعَ ثِمَاراً، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  : ((إِنَّ أَعْظَمَ النَّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً))، إِنَّ الإِسْلاَمَ يَرِيدُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ فِي حُدُودِ الاعْتِدَالِ، بَعِيداً عَنْ مَظَاهِرِ السَّرَفِ والتَّرَفِ، يَقُولُ عُمَرُ بُن الخَطَّابِ-رَضِيَ اللهُ عنْهُ-: ((أَلاَ لاَ تُغَالُوا بِصَدَاقِ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَو كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَو تَقْوَى عِنْدَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ كَانَ أَوْلاَكُم بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ولاَ أُصدِقَت امرأةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَي عَشْرَةَ أَوقِيَّةً)).

                                            

   عِبَادَ اللهِ :

   إِنَّ زَوَاجَ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ مُنَاسَبَةٌ مِنَ المُنَاسَبَاتِ الطَّيِّبَةِ السَّعِيدَةِ، كَيْفَ لاَ؟ وبِهَذَا الزَّوَاجِ تُضَافُ إَلى المُجتَمَعِ أُسْرَةٌ جَدِيدَةٌ، والإِسْلاَمُ يُرَغِّبُ فِي أَمثَالِ هَذِه المُنَاسَبَاتِ السّارَّةِ فِي جَمْعِ الأَهلِ والأَصْدِقَاءِ، يَجْمَعُهُمُ الحُبُّ ويُظَلِّلهُمُ الوُدُّ والصَّفَاءُ، واجتِمَاعُهُم يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا تَيَسَّرَ مِنَ الطَّعَامِ، ومِنْ هُنَا شَرَعَ الإِسْلاَمُ فِي الزَّوَاجِ إِقَامَةَ ولِيمَةٍ، والوَلِيمَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الوَلْمِ وهُوَ الجَمْعُ؛ نََظَراً لاجتِمَاعِ العَرُوسَيْنِ مِنْ جِهَةِ واجتِمَاعِ الأَهلِ والأَصْدِقَاءِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وقَدْ جَاءَ فِي الخَبَرِ أَنَّ عَلِيَّاً -كَرَّمَ اللهُ وجْهَهُ- لَمَّا خَطَبَ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  : ((لاَ بُدَّ لِلعُرْسِ مِنْ وَلِيمَةٍ))، ولَمَّا تَزَوَّجَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  أَولَمَ بِشَاةٍ، كَمَا أَولَمَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  مَرَّةً أُخْرَى بِتَمْرٍ وأَقْطٍ وَسَمْنٍ، وفِعلُ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-  هَذَا يَحْمِلُ الدَّلِيلَ القَاطِعَ والبُرْهَانَ السَّاطِعَ عَلَى أَنَّ الوَلِيمَةَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ، فَمَنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي رِزقِهِ وَسَّعَ فِي وَلِيمَتِهِ فِي حُدُودِ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ عِبَادَ الرَّحْمنِ عِنْدَمَا قَالَ: ((وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً))(4)، ومَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزقُهُ فَلْيُولِمْ عَلَى قَدرِ استِطَاعَتِهِ وفِي حُدودِ طَاقَتِهِ، يَقوُلُ اللهُ تَعَالَى: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا)) (5)، ويَقُولُ: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا)) (6). إِنَّ مِنَ الخَطَأِ الشَّائِنِ والجُّنُوحِ البَائِنِ الإِسْرَافَ فِي الوَلاَئِمِ، فَإِنَّ بَعْضاً مِنَ النَّاسِ لا يُقِيمُونَ وَلِيمَةَ الزَّوَاجِ عَلَى اعتِبَارِ أَنْهَا سُنَّةٌ تَتَحَقّقُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الطَّعَامِ؛ بَلْ يَدْخُلُ فِيها أَحْيَاناً قَدْرٌ مِنَ المُفَاخَرَةِ والرِّيَاءِ، الأَمْرُ الذِي يَجْعَلُ الزَّوجَ يَلْجَأُ أَحْيَاناً إِلى الاستِدَانَةِ أَو الإِنْفَاقِ مِنْ مَالِه بِإِسْرَافٍ، وفِي هَذَا حَرَجٌ وعُسْرٌ، وخَيْرُ الزَّوَاجِ مَا يُبنَى عَلَى السُّهُولَةِ واليُسْرِ. إِنَّ الإِنْسَانَ العَاقِلَ البَصِيرَ هو الذِي يُصَادِقُ القَصْدَ والاعتِدَالَ، ويُعَادِي الإِسْرَافَ والتَّبذِيرَ، وحَسْبُهُ رِفْعَةَ مَكَانَةٍ وسُمُوَّ مَنْزِلَةٍ أَنَّهُ نَأَى بِقَصْدِهِ واعتِدَالِهِ عَنْ مَنْزِلَةِ الإِسْرَافِ الخَطِيرِ، وكَيفَ لاَ يَكُونُ الإِسْرَافُ والتَّبذِيرُ خَطِيراً وقَدْ حَذَّرَ مِنْهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أَشَدَّ تَحذِيرٍ؟ يَقُولُ اللهُ تعَالى: ((وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)) (7)، ومِمَّا نَهَى اللهُ عزَّ وجَلَّ عَنِ الإِسْرَافِ فِيه الأَكْلُ والشَّرَابُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) (8)، ويَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  : ((كُلُوا واشْرَبُوا والبَسُوا وتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ ولاَ مَخِيلَةٍ)).

   فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واعلَمُوا أَنَّ القَصْدَ والاعتِدَالَ؛ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَجَالٍ، وعَلَى كُلِّ حَالٍ.

  أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

  *** *** ***

   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :

   إِنَّ الزَّوّاجَ أَمْرٌ عَظِيمٌ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ بِشَأَنِهِ قَرَارٌ، قَبْلَ تَرَيُّثٍ وتَفَكُّرٍ واخْتِيَارٍ؛ وقَدْ حَدَّدَ الإِسْلاَمُ بِتَشْرِيعَاتِهِ السَّامِيَةِ وأَنْظِمَتِهِ الشَّامِلَةِ لِكُلٍّ مِنَ الخَاطِبَينَ قَوَاعِدَ وأَحكَاماً؛ لِكَي يَضْمَنَ لَهُمَا زَوَاجاً أَكْثَرَ انْسِجَاماً؛ فَمِمَّا يُستَحْسَنُ فِي الزَّوَاجِ الاغْتِرَابُ فِيه، بِمَعنَى أَنْ يَخْتَارَ الزَّوْجُ شَرِيكَهُ البَعِيدَ نَسَباً ورَحِماً، وذلِكَ حِرْصاً عَلَى إنْجَابِ الذُّرِّيَّةِ السَّلِيمَةِ القَوِيَّةِ، ووقَايَةً مِنْ كُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ أَمْرَاضٍ وِرَاثيَّةٍ، بَلْ إِنَّ فِي ذلِكَ تَمتِيناً لِرَوابِطَ اجتَمَاعِيَّةٍ جَدِيدَةٍ، بِتَعَدِّي رَابِطَةِ صِلَةِ الرَّحِمِ القَرِيبَةِ، ولَقَدْ أَوْصَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَدِيماً بِذَلِك فَقَالَ: ((اغْتَرِبُوا لاَ تَضْووا)) -أَيْ حَتَّى لاَ تُنْجِبُوا وَلَداً ضَاوِياً هَزِيلاً-، وَقَدْ أَيَّدَ ذَلِكَ عِلْمُ الوِرَاثَةِ حَدِيثاً، وذلِكَ مَعْ بَقَاءِ صِلَةِ الأَرْحَامِ عَلَى حَالِها؛ فَذَووا القُرْبَى والأَرْحامِ لَهُم كُلُّ الاحتِرَامِ، والتَّقْدِيرِ والإِكْرَامِ.

   عباد الله :

   مِنْ أَسْرَارِ الزَّوَاجِ وحِكَمِهِ إِنْجَابُ الذُّرِّيَّةِ، يَقُولُ اللهُ تعَالَى:((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً))(9)، بَيْدَ أَنَّ الإِسْلامَ أَوْلَى غَايَةَ الاهتِمَامِ بِكَيْفِ الذُّرِّيَّةِ وصَلاحِها، لاَ فَقَط بِعَدِّهَا وكَمِّهَا، فَعَلَى الكَيْفِ انْصَبَّ اهتِمَامُ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلينَ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلى اللهِ ضَارِعِينَ أَنْ يَهبَهُمْ ذُرِّيَّةً صَالِحَةً طَيِّبَةً، يَقُولُ اللهُ تعَالَى عَلَى لِسَانِ إبراهيمَ -عليهِ السلامُ-:((رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ))(10)، ويَقُولُ عَلَى لِسَانِ زَكَريَّا    -عليهِ السلامُ-: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ))(11)، ويَقُولُ عَلَى لِسَانِ عِبَادِ الرَّحْمنِ: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)) (12)، إِنَّ إِعدَادَ الذُّرِّيَّةِ والاهتِمَامَ بِهَا بَدَنِيَّاً وعَقْلِيَّاً ورُوحِيَّاً فِيهِ الخَيْرُ الكَثِيرُ والنَّفْعُ الوَفِيرُ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  : ((الزَمُوا أَولاَدَكُم، وأَحْسِنُوا أَدَبَهُم)).

   فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واعلَمُوا أَنَّ الزَّوَاجَ المَبْنِيَّ عَلَى أُسُسٍ وَطِيدَةٍ، هوَ نَوَاةُ مُجتَمَعٍ آمِنٍ وأُسَرٍ سَعِيدَةٍ.

   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (13).

   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.

   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.

                                             

   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.

                                            

   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.

   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.

   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.

   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.

   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.

   عِبَادَ اللهِ :

(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).

(1) سورة    الرعد / 38 .

(2) سورة الروم / 21 .

(3) سورة النور / 32 .

(4) سورة الفرقان / 67 .

(5) سورة البقرة / 286 .

(6) سورة الطلاق / 7 .

(7) سورة الاسراء / 26-27 .

(8) سورة الأعراف / 31 .

(9) سورة الرعد / 38 .

(10) سورة الصافات / 100 .

(11) سورة آلا عمران / 38.

(12) سورة الفرقان / 74 .

(13) سورة الأحزاب / 56 .

آخر تحديث ( 08/07/2007 )
 
التالى >
 

استفتاء

ما رأيك بصفحة خطب الجمعة؟
 
spacer

spacer
© 2024 موقع خطب الجمعة
Joomla! is Free Software released under the GNU/GPL License.