خطبة الاسبوع arrow خطبة الاسبوع arrow مِنْـهَـاجُ الصَّائِم
spacer

  

spacer
spacer  
spacer spacer

مِنْـهَـاجُ الصَّائِم طباعة ارسال لصديق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
09/09/2007
خطبة الجمعة بتاريخ 2 رمضان 1428هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مِنْـهَـاجُ الصَّائِم
  الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لَنَا صِيامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، لِنُضَاعِفَ أَفْعَالَ البِرِّ والطَّاعَةِ والإِحسَانِ، سُبْحَانَهُ يَقْبَلُ مِنْ عِبَادِهِ الخَالِصَ مِنَ الطَّاعَاتِ، ويَرفَعُ بِالصِّيامِ لَهُمُ الدَّرَجَاتِ، ويُضَاعِفُ الحَسَناتِ، ويَغْفِرُ بِالتَّوبَةِ الذُّنُوبَ والسَّيئَاتِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَ اللهُ وحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ، أَقْوَمُ الخَلْقِ مَنْهَجاً وسِيرَةً، وأَنقَاهُمْ نَفْساً وأَطْهَرُهُمْ سَرِيرَةً، -صلى الله عليه وسلم-  وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وأَتبَاعِهِ، صَلاَةً وسَلاَماً دَائِمَيْنِ.   أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُم ونَفْسِي - عِبَادَ اللهِ - بِتَقْوَاهُ، والعَمَلِ بِمَا فِيهِ رِضَاهُ، فَاتَّقُوا اللهِ ورَاقِبُوهُ، وامتَثِلُوا أَوَامِرَهُ ولاَ تَعصُوه،ُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (1) ، واعلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ لِلصَّائِمِ مَنْهَجاً بِهِ تَتَرَبَّى نَفْسُهُ، وتَسْمُو رُوحُهُ، ويَتَطَهَّرُ قَلْبُهُ، فَتَتَحلَّى بِمَحَاسِنِ الأَلفَاظِ أَقْوَالُهُ، وتَتَّشِحُ بِجَمِيلِ الشَّمَائِلِ أَفْعَالُهُ، فَالصَّوْمُ مَدرَسَةٌ تَربَوِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، بِهَا يَحْيَا الضَّمِيرُ، وتَتَعَمَّقُ العَقِيدَةُ، وتَعلُو الأَخلاَقُ، وتُشْحَذُ الهِمَمُ، ويَصِلُ طُلاَّبُها إِلى القِمَمِ، وإِذَا كَانَتِ التَّرْبِيَةُ تَعمَلُ عَلَى غَرسِ العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ فِي كَيَانِ المُرَبَّى، وتَنْمِيَةِ القِيَمِ الفَاضِلَةِ لَدَيهِ، وتُنفِّرُه مِنْ كُلِّ ضَارٍّ وخَبِيثٍ، وتُرَغِّبُهُ فِي كُلِّ حَسَنٍ ومُفِيدٍ، وتُرشِدُهُ لِلعَمَلِ الصَّالِحِ والقَولِ السَّدِيدِ، فَإِنَّ شَهْرَ رَمضَانَ -الذِي جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ظَرفاً لِمَدرَسِةِ الصَّوْمِ- يَحْمِلُ جَمِيعَ هَذِهِ المَعَانِي والقِيَمِ التَّربَويَّةِ، فَفِي شَهْرِ رَمضَانَ اتصَلَتِ الأَرْضُ بِالسَّمَاءِ بِأَولِ خَيْطٍ مِنْ نُورٍ، قَالَ تَعَالَى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ)) (2)، حَيْثُ أَخَذَتْ أُولَى قَطَراتِ الوَحْيِ المُبَارَكِ تَتَنزَّلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-   نُوراً يُضِيءُ جَوانِبَ النَّفْسِ، وهُدَىً يَقُودُ إِلى مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ وفَضَائِلِ الأَعمَالِ، وهَذَا أَمْرٌ يَدُلُّ بِكُلِّ وضُوحٍ وجَلاَءٍ، ويُرشِدُ بِكُلِّ هَدْيٍ وصَفَاءٍ، إِلى أَنَّ الصَّائِمَ يَستَمِدُّ مَنْهَجَهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ، ومِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ الأَوَّاه -صلى الله عليه وسلم-  .
  عِبَادَ اللهِ :
  إِنَّ استِقَامَةَ الصَّائِمِ عَلَى مَنْهَجِ اللهِ تَعَالَى تَبْدَأُ مِنْ جَعْلِ الصِّيَامِ مُنْطَلَقاً لِحُسْنِ العَلاَقَةِ مَعَ المَولَى جَلَّ فِي عُلاَهُ، فَمَا شُرِعَ الصِّيامُ إِلاَّ لِتَحقِيقِ التَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))(3)، هُنَا فِي مَدْرَسَةِ الصِّيَامِ تَتَربَّى النَّفْسُ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى، والاعتِرَافِ لَهُ سُبْحَانَهُ بِمَا أَعْطَى وأَسْدَى، والشُّكْرِ لَهُ عَلَى مَا أَفَاضَ وأَولَى، فَالمَأْكَلُ والمَشْرَبُ فِي مُتَنَاوَلِ اليَدِ، والجَسَدُ يَطْلُبُهما، والنَّفْسُ تَشْتَهِيهُما، ولاَ يَمنَعُ الصَّائِمَ مِنْهُما إِلاَّ مُرَاقَبَةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، إِنَّهُ التَّأسِيسُ والتَّأصِيلُ لِمنْهَجِ الإِخلاَصِ الأَصِيلِ، لِذَا كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ الجَزِيلُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  قَالَ: ((كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثَالِها إِلى سَبْعِمائةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنا أَجزِي بِهِ،  إِنَّهُ يَدَعُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ مِنْ أَجلِي))، فَالصَّوْمُ يَعْمَلُ عَلَى تَهذِيبِ النَّفْسِ وتَرْبِيَتِها عَلَى خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ والعَلَنِ، وإِخْلاَصِ العِبَادَةِ لَهُ فِي السَّهلِ والحَزَنِ، إِذْ لاَ رَقِيبَ عَلَى الصَّائِمِ سِوَى اللهِ، فَإِذَا أَحَسَّ الصَّائِمُ بِالجُوعِ أَوِ العَطَشِ، أَو تَرَاءَتْ لَهُ الشَّهواتُ، أَو تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلى المَلَذَّاتِ، أَحْجَمَ عَنْ تَنَاوُلِها، وتَرَفَّعَ عَنْهَا بِدَافِعٍ مِنْ إِيمَانِهِ العَمِيقِ، وشُعُورِهِ القَويِّ ويَقِينِهِ الصَّادِقِ، بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَيهِ، يَعلَمُ دَخِيلَةَ نَفْسِهِ ومَكْنُونَ ضَمِيرِهِ، فَالصَّائِمُ الحَقِيقِيُّ يَستَحْضِرُ عَظَمَةَ الخَالِقِ جَلَّ وعَلاَ، ويُرَاقِبُهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظاتِ حَيَاتِهِ، وهُنَا يَتَجلَّى مَظْهَرٌ آخَرُ مِنْ مَظَاهِرِ مِنْهاجِ الصَّائِمِ مَعَ رَبِّهِ تَعَالَى، إِنَّهُ العُبُودِيَّةُ للهِ، والاعتِرَافُ لَهُ بِالفَضلِ والنِّعْمَةِ، فَإِنَّ إِلْفَ النِّعَمِ قَدْ يُفقِد الإِنسانَ الإِحسَاسَ بِقِيمَتِها، بِحَيْثُ لاَ يَعْرِفُ مِقْدَارَ النِّعْمَةِ إِلاَّ عِنْدَ فَقْدِها (وبِضِدِّها تَتَمَيَّزُ الأَشياءُ)، فَإِنَّمَا يُحِسُّ المَرْءُ بِنِعْمَةِ الشِّبَعِ والرَّيِّ إِذَا جَاعَ أَو عَطِشَ، فََإِذَا شَبِعَ بَعْدَ جُوعٍ، أَوِ ارتَوَى بَعْدَ عَطَشٍ، قَالَ مِنْ أَعمَاقِهِ: الحَمْدُ للهِ، ودَفَعَهُ ذَلِكَ إِلى شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيهِ، وهُنَا يَلْهَجُ لِسَانُهُ حَمْداً للهِ وثَنَاءً، وتَنْطَلِقُ الكَلِمَاتُ مِنْ أَعمَاقِ قَلْبِهِ تَوَسُّلاً ودُعَاءً، فَلاَ غَرْوَ أَنْ تَتَوَسَّطَ آيَاتِ الصِّيامِ آيةُ الأَمْرِ بِالدُّعَاءِ، فَلِلصَّائِمِ دَعْوَتُهُ التِي لاَ تُرَدُّ، قَالَ تَعَالَى:((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))(4)، هَذَا هُوَ مِنْهَاجُ الصَّائِمِ مَعَ رَبِّهِ: صِيَامٌ وقِيَامٌ، وتِلاوَةٌ لآيِ القُرآنِ، وشُكْرٌ لِربِّ الفَضلِ والإِحسَانِ.
  أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
  إِنَّ الصَّائِمَ مَعَ نَفْسِهِ فِي مَدْرَسَةٍ مِنْهاجُها سَيْطَرَةُ الإِرَادَةُ، وصَفَحاتُ كِتَابِها صِدقُ العَزِيمَةِ، ومِدَادُ حُروفِها قُوَّةُ الشَّكِيمَةِ، وهَدَفُها انتِصَارُ الرُّوحِ عَلَى المَادَّةِ، وَوَسِيلَتُها غَلَبَةُ العَقْلِ عَلَى الهَوَى، وغَايَتُها نَجَاةُ الصَّائِمِ مِنَ الرَّدَى، فِي مَسلَكٍ وَاضِحٍ، ومَسْعىً مُوَفَّقٍ نَاجِحٍ، يَتَمَيَّزُ فِيهِ جِنْسُ الإِنسَانِ عَنْ أَصنَافِ الحَيَوانِ، إِذِ الأَكلُ والشُّرْبُ والغَرِيزَةُ وغَيْرُها مِنَ الشَّهَواتِ يَشْتَرِكُ فِيهَا الصِّنْفَانِ، وإِنَّمَا يَتَجَلَّى الفَرقُ فِي سَيطَرَةِ الأَسوِياءِ مِنْ بَنِي الإِنسَانِ عَلَى شَهَواتِهم، عِنْدَما تَنْتَصِرُ عَزَائِمُهُم، وتُسَيْطِرُ إِرَادَاتُهُم، والإِرَادَةُ مِنْ أَهَمِّ الفَوارِقِ بَيْنَ الإِنسَانِ والحَيَوانِ، فَالإِنسَانُ يَأكُلُ عِنْدَما يُرِيدُ، وبِالقَدْرِ الذِي يُرِيدُ، ومِنَ الطَّعَامِ الذِي يُرِيدُ، وِفْقاً لِلمَنْهَجِ الذِي رَسَمَهُ لَهُ الحَكِيمُ الحَمِيدُ، والحَكِيمُ هُوَ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَحكُومَةً بِالإِرَادَةِ، وكُلَّمَا كَانَتِ الإِرَادَةُ قَوِيَّةً استَطَاعَت أَنْ تُزَكِّي النَّفْسَ فَيُفْلِحُ الإِنسَانُ، وإِذَا ضَعُفَتِ الإِرَادَةُ عَنْ ضَبْطِ النَّفْسِ تَمَرَّدَتْ وأَورَثَتْ صَاحِبَها الخُسْرَانَ، قَالَ تَعَالَى: ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)) (5)، والصَّومُ أَفضَلُ وسَائِلِ تَنْمِيةِ الإِرَادَةِ، ولَعَلَّ هَذَا هُوَ سِرُّ الفَرْحَةِ اليَوْمِيَّةِ التِي يَجِدُها كُلُّ صَائِمٍ وُفِّقَ إِلى إِتمَامِ صَوْمِ يَوْمِهِ حَتَّى يُفْطِر، والتِي عَبَّرَ عَنْهَا الحَدِيثُ النَّبَوِيُّ بَقَولِهِ -صلى الله عليه وسلم-  : ((لِلصَّائِمِ فَرْحتَانِ يَفْرَحُهُما: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))، فَالإِنسَانُ جَسَدٌ ورُوحٌ، ومَا الجَسَدُ بِلاَ رُوحٍ إِلاَّ جُثَّةٌ هَامِدَةٌ، وخَلاَيَا بَائِدَةٌ، وتَربِيَةُ الرُّوحِ تَكُونُ بِدَوامِ صِلَتِها بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ لَحظَةٍ، وعِنْدَ كُلِّ عَمَلٍ وشُعُورٍ وفِكْرَةٍ، والعِبَادَةُ هِيَ الوَسيِلَةُ الفَعَّالَةُ لِتَرْبِيَةِ الرُّوحِ.
  أيُّهَا المُسْلِمونَ : 
  إِنَّ الصِّيامَ مَنْهَجُ حَياةٍ، ودَلِيلُ سُلُوكٍ، وغِذَاءُ أَخْلاَقٍ، وصَلاَحُ سِيرَةٍ، ونَقَاءُ سَرِيرَةٍ، يَتَرَفَّعُ صَاحِبُهُ عَنِ الإِيذَاءِ، بَلْ ويَتَحَمَّلُ أَذَى الجُهَلاءِ، يَبْذُلُ المَعْروفَ ويَدُلُّ عَلَيهِ، ويَفْعَلُ الخَيْرَ ويَسْعَى إِليهِ، إِنْ أَسَاءَ إِليهِ أَحَدٌ عَفَا وصَفَحَ، وإِنْ رَأَى خَلَلاً قَوَّمَهُ وأَصلَحَ، إِنَّهُ صَائِمٌ والصَّومُ جُنَّةٌ، فَهُوَ وِقَايَةٌ مِنْ فَسَادِ الدُّنيا، وحِمَايَةٌ مِنْ هَلاَكِ العُقْبَى، لأَنَّهُ يَحْجُرُ صَاحِبَهُ عَنِ الخَطِيئاتِ، ويَصُونُ قَدَمَهُ عَنْ مَوَاقِعِ الهَفَواتِ، فَعَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((الصِّيامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ ولاَ يَجْهَلْ ولاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَو قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ))، نَعَمْ إِنَّهُ صَائِمٌ عَنْ إِيذَاءِ النَّاسِ كَمَا إِنَّهُ صَائِمٌ عَنِ الأَكْلِ والشُّرْبِ، فَالصِّيَامُ مَدْرَسَةٌ اجتِمَاعِيَّةٌ، تُغَذِّيها النَّفَحَاتُ الإِيمَانِيَّةُ، فَعَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبَصَرُك، ولِسَانُكَ عَنِ الغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ، ودَعْ أَذَى الجَارِ، ولْيَكُنْ عَلَيكَ السَّكِينَةُ والوَقَارُ، ولاَ تَجَعلْ يَوْمَ صَوْمِكَ ويَوْمَ فِطْرِكَ سَواء))، والصَّائِمُ يَتَربَّى أَنْ يَكُونَ فِي مُجتَمَعِهِ حَارِساً لِلحَقِيقَةِ، يَصُونُها مِنَ القَولِ البَاطِلِ، ويَحْمِيها مِنْ كُلِّ عَابِثٍ وفَاشِلٍ، فَإِذَا تَكلَََّم نَطَقَ بِهَا، وإِنْ عَمِلَ فَلأَجلِها، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ والعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ))، ذَلِكَ لأَنَّ قَولَ الزُّورِ يَقْلِبُ الحَقَّ بَاطِلاً، ويَجْعَلُ مِيزَانَ العَدَالَةِ مَائِلاً، فَيُوغِرُ بِذَلِكَ الصُّدُورَ، وتَتَكَالَبُ عَلَى المُجتَمَعِ البَلاَيَا والشُّرورُ، وكَمَا قَطَعَ اللهُ شَأْفَةَ إِفسَادِ المُجتَمَعِ بِتَحرِيمِ قَولِ الزُّورِ، َسَدِّ مَنَافِذَ الخَلَلِ بِكُلِّ مَا يُؤَدِّي إِلى سُوءِ الأَثَرِ، أَو يُوقِعُ عَلَى النَّاسِ الضَّررَ، فَالغِيبَةُ فِي مَنْهَجِ الصَّائِمِ مُحَرَّمَةٌ، والنَّمِيمَةُ مُجَرَّمَةٌ، ومِثْلُهُما الكَذِبُ، فَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((الغِيبَةُ والنَّمِيمَةُ تُفَطِّرَانِ الصَّائِمَ وتَنْقُضَانِ الوُضُوءَ)).
   فاتَّقوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واسلُكُوا فِي صِيَامِكُم وقِيَامِكُم مِنْهَاجَ نَبِيِّكُم -صلى الله عليه وسلم-  ، فَهَذَا أَمْرُ اللهِ لَكُم فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ، فاقتَدوا بِنَبِيِّكُم -صلى الله عليه وسلم-  لِتَكُونُوا مِنْ أَحبَابِهِ، قَالَ تَعَالَى: (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً))(6).
  أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
  الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
  أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
  إِنَّ الصِّيَامَ مِنْهَاجُ نَجَاةٍ ووَسِيلَةُ نَجَاةٍ ودَلِيلُ هِدَايَةٍ، تَكْثُرُ فَوَائِدُهُ وتَعَلْو نَتَائِجُه عِنْدَ الصَّائِمِ بِمقْدَارِ التِزَامِهِ بِآدَابِ الصَّومِ وأَحكَامِهِ، فَهُوَ يَصُومُ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ للهِ يُبَيِّتُها مِنَ الَّليلِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)) (7) ، وَفِي الحَدِيثِ عَنِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ صِيامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ النِّيَّةَ مِنَ الَّليل))، وإِذَا دَخَلَ المُسلِمُ فِي صِيَامِهِ التَزَمَ بِجَمِيعِ أَحكَامِهِ، ومِنْ أَهَمِّهَا الكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، فقد رُوِيَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ صَلاَةَ لَهُ، ولاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، ولاَ صَوْمَ إِلاَّ بِالكَفِّ عِنْ مَحَارِمِ اللهِ))، فَصَوْمٌ بِلاَ كَفٍّ عَنِ المَحَارِمِ والمُوبِقَاتِ كَإِيمَانٍ بِلاَ صَلاَةٍ، أَو كَصَلاةٍ بِلاَ طَهَارَةٍ، إِنَّهُ العَدَمُ ومَدْعَاةُ النَّدَمِ، إِذْ لاَ وُجُودَ حَقِيقَةٍ لِلعِبَادَةِ بِلاَ شُرُوطِها، حَتَّى ولَو أَتَى بِها الإِنسَانُ فِي شَكْلِها، فَشُروطُ العِبَادَةِ كَالرُّوحِ لِلجَسَدِ، لأَنَّ لِلعِبَادَةِ أَهدَافاً نَبِيلَةً، وغَايَاتٍ عَظِيمَةً جَلِيلَةً، ومَتَى فَقَدَتِ العِبَادَةُ أَهدَافَهَا، أَوِ انْحَرَفَ بِها صَاحِبُها عِنْ غَايَاتِها كَانَتْ كَالعَدَمِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  : ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الجُّوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ))، إِنَّ الذُّنُوبَ والمَعَاصِيَ تُمِيتُ القُلوبَ، وتَقْطَعُ الصِّلَةَ بِعَلاَّمِ الغُيُوبِ، ورَمَضانُ شَهْرٌ تَتَجلَّى فِيهِ الرَّحَمَاتُ، وتَقْوَى فِيهِ مَعَ اللهِ الصِّلاَتُ، مَنْ صَامَهُ وقَامَهُ مُخْلِصاً مِنْ قَلَبْهِ كاَنَ لَهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، وسَكَنَ الجَنَّةَ مَعَ المُتَّقِينَ الأَخيَارِ، فَعَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ صَامَ رَمضَانَ إِيمَاناً واحتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ))، والعَبْدُ المُؤْمِنُ الذِي حَقَّقَ التَّقْوَى مِنْ صِيامِهِ، وتَأْصَّلَتْ فِيهِ مَخَافَةُ اللهِ عِنْدَ قِيَامِهِ، يَأْمَنُ عِنْدَ فَزَعِ العَاصِينَ، ويُيَسَّرُ لَهُ الحِسَابُ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ، لأَنَّهُ قَوَّمَ بِالصِّيَامِ مِنْهَاجَهُ، وأَنَارَ بِالقِيَامِ قَلْبَهُ، وأَصلَحَ بِالقُرآنِ سُلُوكَهُ، وعَمَرَ بِالإِيمَانِ حَيَاتَهُ، واستَقْبَل بِالتَّوبَةِ مَمَاتَهُ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو  -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-  قَالَ: ((الصِّيَامُ والقُرآنُ يَشْفَعَانِ لِلعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ مَنَعْتُه الشَّرَابَ والطَّعَامَ فِي النَّهَارِفَشَفِّعنِي فِيهِ، وَيَقُولُ القُرآنُ: مَنَعْتُهُ النَّومَ بِالَّليلِ فَشَفِّعنِي فِيهِ، قَالَ: فيُشَفَّعَان)).
  فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- ، واجعَلُوا مِنْ رَمضَانَ وَسِيلَةً لاستِقَامَةِ مِنْهاجِكُم فِي الحَيَاةِ، وسَبِيلاً لِصَلاَحِكُم حَتَّى المَمَات، تَنَالوا الحُسنَيَينِ، وتَسلَمُوا فِي الدَّارَيْنِ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (8).
   اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسلَّمتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ :(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة الاحزاب / 70-71 .
(2) سورة البقرة / 185.
(3) سورة البقرة / 183.
(4) سورة البقرة / 186 .
(5) سورة الشمس / 8-10.
(6) سورة الأحزاب / 21 .
(7) سورة البينة / 5.
(8) سورة الأحزاب / 56 .
 
< السابق   التالى >
 

استفتاء

ما رأيك بصفحة خطب الجمعة؟
 
spacer

spacer
© 2024 موقع خطب الجمعة
Joomla! is Free Software released under the GNU/GPL License.