خطبة الاسبوع
spacer

  

spacer
spacer  
spacer spacer

الـتَّربِيَةُ الرَّمَضَانِـيـَّةُ طباعة ارسال لصديق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
30/08/2008

خطبة الجمعة بتاريخ 4 رمضان 1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الـتَّربِيَةُ الرَّمَضَانِـيـَّةُ
    الحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الصِّيَامَ وَاجِباً عَلَى عِبَادِهِ المُؤمِنينَ، وصِحَّةً وشِفَاءً لأَجْسَامِ الصَّائمِينَ، وتَربِيَةً لَهُمْ عَلَى أَخْلاَقِ المُتَّقِينَ، وَسُمُوّاً بِأَروَاحِهِمْ إِلَى عِلِّيينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وحَبِيبُهُ، خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ، وَرَبَّى الأُمَّةَ عَلَى أَخْلاَقِ الإِسلاَمِ، -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وأَتْبَاعِهِ أَجْمَعِينَ، صَلاَةً وَسَلاَماً دَائمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

 أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
    لَقَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِكُمْ شَهْرٌ كَرِيمٌ، ومَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ بِمَوسِمٍ عَظِيمٍ، شَهْرٌ يُضَاعَفُ فِيهِ ثَوابُ الطَّاعَاتِ، وتُكَفَّرُ فِيهِ السَّيِّئَاتُ، وتُرفَعُ فِيهِ الدَّرَجَاتُ، للهِ فِيهِ نَفَحَاتٌ، مَنْ طَلَبَها نَالَهَا، فَعَنْ أَبِي هُرِيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً واحتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))، وَعَنْهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً واحتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))، إِنَّ الحَدِيثَ عَنْ شَرَفِ شَهْرِ رَمَضَانَ حَدِيثٌ ضَارِبٌ بِجُذُورِهِ فِي عُمْقِ تَأْرِيخِ الأُمَّةِ، لِمَا لِرَمَضَانَ مِنْ آثَارٍ تَرْبَوِيَّةٍ واجتِمَاعِيَّةٍ مُهِمَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ الحَاجَةَ التِي تَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ طَلَباً وإِلحَاحاً، هِيَ مَعْرِفَةُ كَيْفَ نَستَغِلُّ رَمضَانَ لِلرُّقِيِّ بِالنَّفْسِ تَهذِيباً وإِصلاَحاً، فَقَدْ شُرِعَ الصَّومُ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَسْمُوَ النَّفُوسُ البَشَرِيَّةُ إِلَى عَالَمِ الخَيْرِ، ولِلتَّرويضِ عَلَى الصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ التِي تُؤَهِّلُها لِلسَّعَادَةِ فِي الدَّارَيْنِ، قَالَ اللهُ تَعالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))(1)، إِنَّ الصِّيَامَ مَدْرَسَةٌ إِيمَانِيَّةٌ، تُرَبِّي الفَرْدَ عَلَى الإِخْلاَصِ والمُراقَبَةِ للهِ سُبْحَانَهُ، يَبتَعِدُ فِيهَا الصَّائِمُ طَواعِيَةً عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ جَلَّ شَأْنُهُ، يَبتَعِدُ عَنِ المَعْصِيَةِ رَغْمَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، ويُقْبِلُ عَلَى الطَّاعَةِ لِيَنَالَ الجَنَّةَ ونَعِيمَها، فَهُوَ يَعْمُرُ أَيَّامَ هَذَا الشَّهْرِ بِصِيَامِها، ويُحْيِي لَيَالِيَهِ بِقِيَامِهَا، يَدْفَعُهُ إِلَى ذَلِكَ صِدْقُ الخَوْفِ والرَّجَاءِ، وحُسْنُ الاستِعْدَادِ لِيَوْمِ العَرْضِ عَلَى رَبِّ الأَرضِ والسَّمَاءِ، قَالَ تَعالَى: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ))(2)، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ حِينَ تَهْدَأُ حَرَكَةُ الخَلْقِ، يَقُومُ المُؤمِنُ مُتَضَرِّعاً بَيْنَ يَدَيِ الحَقِّ، يُرَتِّلُ القُرآنَ، مُوقِناً بِمَا فِيهِ مِنَ النَّذِيرِ والبِشَارَةِ بِالجِنَانِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً))(3)، إِنَّ المُؤمِنَ الذِي يَتَربَّى فِي مَدْرَسَةِ الصِّيَامِ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللهِ فِي نَهَارِهِ وَلَيْلِهِ، حَرِيٌّ بِأَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلإخْلاَصِ فِي العَمَلِ، والبُعْدِ عَنِ التَّسْوِيفِ والكَسَلِ، يَتَربَّى فِيهَا الصَّائِمُ أَنْ لاَ أَمَلَ ولاَ أُمنِيَاتٍ، إِلاَّ بِالجِدِّ والاجتِهَادِ والسَّهَرِ والتَّضْحِيَاتِ، وَلَئِنْ كَانَ هَذَا مِمَّا يَشُقُّ عَلَى النُّفُوسِ ويَصْعُبُ عَلَيْها، إِلاَّ أَنَّ الصِّيَامَ يُعَوِّدُها عَلَى الصَّبْرِ والإِرَادَةِ ويُرَبِّيهَا، وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ كَذَلِكَ وفِي الأَثَرِ أَنَّ ((الصَّوْمَ نِصْفُ الصَّبْرِ))؟، بَلْ إِنَّ الصَّوْمَ تَتَجلَّى فِيهِ أَنْوَاعُ الصَّبْرِ الثَّلاَثَةُ، فَفِيهِ صَبْرٌ عَنِ المَعْصِيَةِ ومُوجِبَاتِ الذُّنُوبِ، وَصَبْرٌ عَلَى الطَّاعَةِ لِعَلاَّمِ الغُيُوبِ، وَصَبْرٌ عَلَى المَشَقَّةِ وَالأَذَى، والجَهْدِ والعَنَاءِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))(4)، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَجتَمِعُ الصَّبْرُ مَعَ الصَّلاَةِ، لِيُعِينَا صَاحِبَها عَلَى الظَّفَرِ بِالفَوْزِ والنَّجَاةِ، فَالصَّبْرُ والصَّلاَةُ زَادُ الخَاشِعِينَ، وفِيهِمَا رِضَا رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ تَعالَى: ((وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ))(5)، وَالصَّبْرُ يُكْسِبُ مَعِيَّةَ اللهِ، قَالَ تَعالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))(6).
   أَيُّها المُؤمِنونَ :
   إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ كَبْتاً لِلْمَشَاعِرِ والرَّغَبَاتِ، بَلْ هُوَ سُمُوٌّ بِالرُّوحِ والعَزَائمِ والإِرَادَاتِ، فَالصَّائِمُ يَتْرُكُ الشَّرَابَ والطَّعَامَ، ويَبتَعِدُ عَنِ الذُّنُوبِ والآثَامِ، ويَتَجَنَّبُ كُلَّ مَا يَجِبُ تَرْكُهُ مِنَ المَحْظُورِ والحَرَامِ، إِنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مُخْتَاراً دُونَ غَصْبٍ أَو إِكْرَاهٍ، بَلْ طَمَعاً فِي عَفْوِ اللهِ سُبْحَانَهُ ورِضَاهُ، وخُضُوعاً حُرّاً لِشَرْعِهِ وهُدَاهُ، يَلْتَزِمُ بِذَلِكَ بَيْنَ جُمُوعِ المَلأ، ولاَ يَنْتَهِكُهُ فِي الوَحْدَةِ والخَلا، إِنَّهَا سَيْطَرةُ الرُّوحِ والإِرَادَةِ، بِحُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ طَلَباً لِلْفَوزِ والسَّعَادَةِ، فَطَاعَةُ النَّفْسِ وهَواهَا، وتَلْبِيَةُ مُرَادِها ومُبتَغَاهَا، قَدْ لاَ يَكُونُ فِي مَصْلَحَةِ الإِنْسَانِ، بَلْ رُبَّمَا صَارَ ضَرْباً مِنْ ضُرُوبِ العِصْيَانِ، قَالَ تَعالَى: ((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ))(7)، فَإِذَا كَانَ هَذَا خِطَابُ اللهِ لِلرَّسُولِ المُصطَفَى دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، فَكَيْفَ بِبَقِيَّةِ الأَنَامِ؟!، إِنَّ مُخَالَفَةَ الهَوَى والمَلَذَّاتِ، وضَبْطَ الحَاجَاتِ والرَّغَبَاتِ، سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ النَّعِيمِ فِي الجَنَّاتِ، قَالَ تَعالَى: ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))(8)، وإِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، فَمَا أَجْدَرَ المُسلِمينَ فِي هَذَا الشَّهْرِ، وعَلَى مُستَوى الأَفْرَادِ والأُسَرِ، أَنْ يَقْفِوا مَعَ مَطَالِبِهِمْ وَمَصَارِيفِهِمْ وِقْفَةَ مُحَاسَبَةٍ وَنَظَرٍ، لِيُرَشِّدُوا استِهْلاَكَهُمْ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ ولاَ بَطَرٍ، وإِنَّ هَذِهِ المُحَاسَبَةَ لَتَتَضَاعَفُ حَاجَتُها، وتُلِحُّ بِقُوَّةٍ ضَرورَتُها، أَمَامَ مَا يُعَايِشُهُ النَّاسُ مِنْ ارتِفَاعِ الأَسْعَارِ والغَلاَءِ، لِيُخَفِّفُوا بِتَرشِيدِ استِهلاَكِهِمْ وَطْأَةَ الشِّدَّةِ والعَنَاءِ، والمُؤمِنُ الحَقُّ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ المَقْدِرَةَ عَلَى ضَبْطِ نَفَقَتِهِ ومَصْروفَاتِهِ، وَفْقاً لِمُوازَنَةٍ مَوضُوعِيَّةٍ بَيْنَها وبَيْنَ قُدُرَاتِهِ، ويَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ دَافِعٌ لِكُلِّ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ لِلتَّعَاوُنِ عَلَى هَذِهِ الفَضِيلَةِ، والتَّزَوُّدِ مِنْهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الجَلِيلَةِ، فَفِيهِ تَرْبِيَةٌ عَمَلِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، تَقِي مَنِ استَوعَبَها كَثِيراً مِنَ الأَضْرَارِ والمَهَالِكِ، فَفِيهِ التَّعَوُّدُ لِحُسْنِ الاقتِصَادِ، والبُعْدِ عَنِ الإِسرَافِ والتَّبْذِيرِ، فِي بُرْهَانٍ وَاضِحٍ عَمَلِيٍّ، عَلَى قَبُولِ النَّفْسِ لِضَوابِطِ الهَدْيِ الإِلَهِيِّ، فِي مَأْكَلِها وَمَشْرَبِها، حَتَّى عَلَى مُستَوى عَدَدِ الوَجَبَاتِ وتَوقِيتِها، وَلَكَنْ تَبقَى إِرَادَةُ الأُسْرَةِ وَرَبِّها، وتَعاوُنُ أَفْرَادِها، فَيَا أَيَّتُها الأُسْرَةُ الكَرِيمَةُ، ويَا نِسَاءَنا ذَواتِ الصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ، لَقَدْ آنَ لَنَا السَّعْيُ إِلَى الاقتِصَادِ فِي الإِنْفَاقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَنَجَاةٌ مِنَ المَتَاعِبِ المَالِيَّةِ والإِرهَاقِ.
    أَيُّها المُسلِمُونَ :
    فِي تَأْرِيخِ الأُسَرِ المُسلِمَةِ أَروَعُ الأَمثِلَةِ عَلَى اغتِنَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ مَحْطَةً لِتَربِيَةِ الأَولاَدِ، عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ وتَجْنِيبِهِمْ دَواعِيَ الفَسَادِ، فَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُدَرِّبُونَ صِبْيَانَهُمْ عَلَيْهِ، فَعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قَالَتْ: ((كُنَّا نَصُومُ ونُصَوِّمُ صِبْيانَنَا، ونَذْهَبُ إِلَى المَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ -أَي الصُّوفِ-، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ مِنَ الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ)) -أَي أَعْطَينَاهُ اللُّعْبَةَ يَتَلَهَّى بِِهَا حَتَّى يَحِينَ مَوعِدُ الإِفْطَارِ-، ومَعَ أَنَّ الصَّومَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الصَّبِيِّ، إِلاَّ أَنَّهُمْ -رِضْوانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ- قَدْ أَدْرَكُوا مَا لِلصَّوْمِ مِنْ أَثَرٍ عَلَى تَرْبِيَةِ الإِرَادَةِ لَدَى الصِّبْيَانِ والأَطْفَالِ، وكَيْفَ يَرتَقِي بِهِمَمِهِمْ فِي مَرَاقِي العِزَّةِ والكَمَالِ، إِنَّ جِيلاً يَتَرَبَّى مُنْذُ صِغَرِهِ عَلَى التَّحَكُّمِ فِي شَهَواتِهِ، وحُسْنِ إِدَارَةِ مَطَالِبِهِ ورَغَباتِهِ، لَحَرِيٌّ أَنْ تَسْعَدَ بِهِ أُمَّتُهُ فِي مُستَقْبَلِ تَصَرُّفَاتِهِ، وتَدْرِيبُهُمْ عَلَى الصِّيَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ تَدْرِيجِيَّاً، وَوَفْقَ الظُّروفِ الصِّحِّيَّةِ لِلطِّفْلِ، فَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ عَامٍ، يَرَى الطِّفْلُ وَالِدَيْهِ والكِبَارَ مِنَ الأَقَارِبِ والجِيرانِ وغَيْرِهِمْ يَصُومُونَ، فَيْرَغَبُ فِي تَقْلِيدِهِمْ، لِذَا يَجِبُ أَنْ نُعِينَهُ عَلَى ذَلِكَ، ونَنْتَهِزَ هَذِهِ الفُرْصَةَ بِأَنْ نُشَجِّعَهُ ونَتْرُكَهُ يَصُومُ لِمُدَّةِ سَاعَتَيْنِ مَثَلاً، ثُمَّ نَزِيدُ عَدَدَ السَّاعَاتِ حَسَبَ قُدْرَةِ الطِّفْلِ، وإِذَا رَغِبَ فِي الطَّعَامِ تَركْنَاهُ حَتَّى يَشْعُرَ أَنَّ هَذَا أَمْراً يَخُصُّهُ وأَنَّهُ شَيءٌ بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ، ولاَ يَنْبَغِي أَبَداً أَنْ نَخَافَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعْفِ أَوِ الهُزَالِ؛ فَشَهْرُ رَمَضَانَ كَالعِطْرِ يَتَبَخَّرُ سَرِيعاً، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ نَنْسَى مُكَافَأَتَهُ عَلَى اجتِيَازِهِ مُدَّةَ الصَّوْمِ المُحَدَّدَةَ بِنَجَاحٍ، لِكَونِ ذَلِكَ دَافِعاً لَهُ عَلَى عَمَلِ الصَّلاَحِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقَدْرٍ مَدْرُوسٍ، حَتَّى لاَ يَتَعَلَّقَ فِعْلُهُ بِانْتِظَارِ العَطِيَّةِ المَادِّيَّةِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُغْرَسَ فِيهِ الرَّغْبَةُ فِي الجَائزَةِ الإِلهِيَّةِ، والتَّطَلُّعُ إِلَى الجَنَّةِ العَلِيَّةِ، كَمَا نُعِينُهُ أَيْضاً أَنْ يَلْتَزِمَ بِوَجْبَةِ السُّحُورِ مَعَ الكِبَارِ، ولاَ نَنْسَ أَنْ نَشْرَحَ لَهُ بِيُسْرٍ أَهَمِّيَّةَ السُّحُورِ؛ مِنْ حَيْثُ اتِّبَاعُ سُنَّةِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- والفَوْزُ بِالبَرَكَةِ، ودُعَاءُ المَلاَئكَةِ لِلصَّائمِ، مَعَ الأَخْذِ بِالأَسْبَابِ التي تُقَوِّي أَجْسَادَنَا عَلَى الصِّيَامِ، وفِي مَرْحَلَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنَ العُمرِ يَكُونُ الطِّفْلُ قَادِراً عَلَى إِتْمَامِ اليَوْمِ مِنْ حَيْثُ تَحَمُّلُ الجُوعِ والعَطَشِ، ولِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَنِ المَرحَلَةِ السَّابِقَةِ بِمَعْرِفَةِ رُوحِ الصَّوْمِ، وأَنَّ أَحَدَ أَهْدَافِ الصَّومِ هُوَ الشُّعُورُ بِجُوعِ الفُقَراءِ، وتَروِيضُ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ وتَحَمُّلِ الشَّدائِدِ، وتَغْذِيَةُ الرُّوحِ بِطَاعَةِ رَبِّهَا مَعَ الإِقْلاَلِ مِنْ تَغْذِيَةِ الجَسَدِ، والوُصُولُ بِالمُسْلِمِ إِلَى تَقْوَى اللهِ فِي السِّرِّ والعَلَنِ، قَالَ تَعَالَى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))(9)، عَلَيْنَا أَنْ نُعَلِّمَ أَبْنَاءَنا أَنَّ الصَّومَ يَعْنِي كَفَّ أَذَى اللِّسَانِ والجَوَارِحِ عَنِ الغَيْرِ، وغَضَّ البَصَرِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ صَلاَةَ لَهُ، ولاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، ولاَ صَوْمَ إِلاَّ بِالكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ))، عَلَيْنَا أَنْ نَحْـفِزَهُمْ بِأَنَّ ثَوَابَ الصَّائمِينَ لاَ حُدَودَ لَهُ، وأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ وَحْدَهُ الذِي يُقَرِّرُ مِقْدَارَهُ؛ لأَنَّ الصَّومَ عِبَادَةُ إِخْلاَصٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، ولاَ يَعْرِفُ مَدَى صِدْقِهَا والإِخْلاَصِ فِيهَا إِلاَّ هُوَ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((قَالَ اللهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِها، إِلَى سَبْعِمِائةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِلاَّ الصَّومَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)).
    فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واحرِصُوا عَلَى الاستِفَادَةِ مِنْ شَهْرِكُمْ، حَصِّنُوا بِصَوْمِهِ أَخْلاَقَكُمْ، وَرَبُّوا عَلَى فَضَائِلِهِ أَولاَدَكُمْ، تَنَالُوا رِضَا رَبِّكُمْ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
    *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   النِّظَامُ والانْضِبَاطُ مَطْلَبٌ أَسَاسِيٌّ مِنْ مَطَالِبِ النَّجَاحِ فِي الحَيَاةِ، وطَرِيقٌ لِلْفَوْزِ والظَّفَرِ والنَّجَاةِ، والعَبَثُ والفَوضَى لاَ مَكَانَ لَهَا فِي قَامُوسِ المُسلِمينَ، بَلْ نَفَى اللهُ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ غَايَةً مِنْ خَلْقِ العَالَمِينَ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ))(10)، وَرَمضَانُ هُوَ مَدْرَسَةُ الانْضِبَاطِ والاحتِرَامِ لِلآخَرِ فِي المَواعِيدِ، فَهُوَ دَرْسٌ فِي الالتِزَامِ بِها، يُعَلِّمُ النَّاسَ المُحَافَظَةَ عَلَيْهَا، ولَوْ وَقَفْنَا لِنَرَى كَيْفَ أَنَّ رَمَضَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ النِّظَامَ والانضِباطَ، فَالصِّيَامُ فِي شَهْرٍ مَعْلُومٍ، وَوَفْقَ مِعْيَارٍ مَحْكُومٍ، إِنَّهُ مَحْكُومٌ بِالرُّؤيَةِ الشَّرعِيَّةِ لِلْهِلاَلِ، كَمَا قَالَ اللهُ ذُو الجَلاَلِ والكَمَالِ: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(11)، والصِّيَامُ لاَ يُرَبِّينا عَلَى الحِفَاظِ عَلَى الوَقْتِ فَحَسْبُ، بَلْ عَلَى الضَّبْطِ فِيهِ والاستِفَادَةِ مِنْهُ، فَعَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وأَدْبَرَ النَّهَارُ وغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ))، وعَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ))، وعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتَمَراتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَمَراتٌ حَسَا حَسَواتٍ مِنْ مَاءٍ))، إِنَّ أُمَّةً تَتَربَّى فِي هَذَا الشَّهْرِ الفَضَيلِ، عَلَى هَذَا الخُلُقِ النَّبِيلِ، وتَنْتَظِمُ بِذَلِكَ النِّظَامِ الرَّائِعِ الجَلِيلِ، تَكُونُ -بِحَقٍّ- أُمَّةً جَدِيرَةً بِالرُّقِيِّ والازْدِهَارِ، وخَلِيقَةً بِكُلِّ مُقَوِّمَاتِ الأَمْنِ والاستِقْرَارِ، وإِنَّ الصِّيَامَ الذِي لاَ يُحَقِّقُ مَعنَاهُ، فَلاَ يَشْعُرُ الصَّائِمُ بِأُنْسِ عِبَادَتِهِ، ولاَ يَفْتَحُ قَلْبَهُ لِذِكْرِ مَولاَهُ، ولاَ يُهَذِّبُ نَفْسَهُ، ولاَ يُقَوِّمُ أَخْلاَقَهُ، ولاَ يُرَوِّضُهُ عَلَى الصَّبْرِ؛ فَهُوَ صُورَةُ الصِّيَامِ لاَ حَقِيقَتُهُ، وهَذَا الشَّكْلُ مِنَ الصِّيَامِ الأَجْوَفِ هُوَ الذِي حَذَّرَ مِنْهُ نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- ، فَعَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((رُبَّ صَائمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الجُوع ُوالعَطَشُ، ورُبَّ قَائمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)).
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واجعَلُوا مِنَ الصِّيَامِ فُرصَةً لإِصْلاَحِ مُجتَمَعَاتِكُمْ، ومَحَطَّةً تَتَزَوَّدُونَ مِنْها عَوامِلَ رُقِيِّكُمْ وازْدِهَارِكُمْ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا)) (12).
                                            
   اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة البقرة / 183.
(2) سورة السجدة/ 16.
(3) سورة الإسراء/ 79.
(4) سورة البقرة/ 155.
(5) سورة البقرة/ 45.
(6) سورة البقرة/ 153.
(7) سورة ص/ 26.
(8) سورة النازعات/ 40-41.
(9) سورة المجادلة/ 7.
(10) سورة المؤمنون / 115.
(11) سورة البقرة / 183.
(12) سورة الأحزاب / 56 .
 
< السابق   التالى >
 

استفتاء

ما رأيك بصفحة خطب الجمعة؟
 
spacer

spacer
© 2024 موقع خطب الجمعة
Joomla! is Free Software released under the GNU/GPL License.