خطبة الاسبوع
spacer

  

spacer
spacer  
spacer spacer

الثِّـقَةُ بِالـنَّـفْـسِ طباعة ارسال لصديق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
04/11/2009

خطبة الجمعة بتاريخ 18 ذي القعدة 1430هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الثِّـقَةُ بِالـنَّـفْـسِ

   الْحَمْدُ للهِ القَوِيِّ المَتِينِ، سُبْحَانَهُ خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، وَهَدَاهُ لِلْمَنْهَجِ القَوِيمِ، وَسَنَّ شَرَائِعَ فِيهَا القُوَّةُ وَالتَّمكِينُ، بِحِكْمَتِهِ نُؤْمِنُ، وَبِقُدْرَتِهِ نُوقِنُ، عَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ، وَإِيَّاهُ نَستَعِينُ، أَحْمَدُهُ تَعَالَى بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْحَمْدِ وَأُثْنِي عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيَّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، لَمْ يَزَلْ مُتَوَكِّلاً عَلَى رَبِّهِ، وَاثِقًا بِوَعدِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ اقْتَفَى أَثَرَهُ وَتَرَسَّمَ خُطَاهُ إِلَى يَومِ الدِّينِ.

   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ :
   الإِسْلامُ دِينُ القُوَّةِ وَالإِقْدَامِ، لا يَرضَى لأَبنَائِهِ الخَوَرَ وَالهَوَانَ، وَلا الضَّعفَ وَالإِحْجَامَ، وَلِذَا يُرَبِّي شَخْصِيَّاتِهِمْ خَيْرَ تَربِيَةٍ عَلَى الشَّجَاعَةِ وَالثِّقَةِ بِالنَّفْسِ، ابتِدَاءً مِنْ غَرْسِ الإِحْسَاسِ بِالمَسؤُولِيَّةِ، إِنَّ الإِسْلامَ يَنْظُرُ إِلَى الإِنْسَانِ عَلَى أَنَّهُ مَوْطِنُ قُدرَاتٍ وَطَاقَاتٍ، وَمَحَلُّ ثِقَةٍ وَأَمَانَةٍ، وَأَنَّهُ أَهْـلٌ لِتَحَمُّـلِ الأَعْبَاءِ وَالمَسْؤُولِيَّاتِ، انظُرُوا كَيفَ كُلِّفَ هَذَا الكَائِنُ البَشَرِيُّ مُنْذُ لَحْظَةِ بُلُوغِهِ بِأَدَاءِ الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَنُهِيَ عَنِ ارتِكَابِ المَعَاصِي وَالمُوبِقَاتِ، وَحُمِّـلَ مَسْؤُولِيَّةَ مَا يَفْعَلُ عَلَى جَمِيعِ المُستَوَيَاتِ، وَفِي الآخِرَةِ يُجْزَى بِحَسَبِ عَمَلِهِ، وَيُحَاسَبُ عَلَى كُلِّ مَا جَنَتْهُ يَدَاهُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَن لَّيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى))(1)، إِنَّهَا مَسْؤُولِيَّةٌ فَردِيَّةٌ تَتْبَعُهَا مَسْؤُولِيَّةٌ أُسْرِيَّةٌ ثُمَّ اجتِمَاعِيَّةٌ، حَيثُ وَاجِبُ العِنَايَةِ بِمَنِ استَرْعَاهُ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَالسَّعْيِ بِهِمْ نَحْوَ الأَفْضَلِ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الثِّقَةِ الَّتِي أَولاهَا الدِّينُ الحَنَيفُ لِهَذَا الكَائِنِ البَشَرِيِّ، وَأَنَّ لَدَيْهِ مِنَ المَوَاهِبِ وَالقُدرَاتِ وَالطَّاقَاتِ مَا يُؤَهِّـلُهُ لِحَمْـلِ أَعْبَاءِ الخِلافَةِ فِي الأَرضِ، إِنَّ الوَعْيَ بِهَذِهِ المَسْؤُولِيَّةِ يَدفَعُ إِلَى العَمَلِ عَلَى النَّجَاحِ فِيهَا، وَهَذَا يَتَطَلَّبُ ثِقَةً بِالنَّفْسِ دَائِمَةً.
   أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
   إِنَّ الفِكْرَ السَّـلِيمَ وَالتَّحَكُّمَ فِي الغَرَائِزِ وَالعَوَاطِفِ هُمَا زَادُ الوَاثِقِ مِنْ نَفْسِهِ، وَلِذَا يُرَكِّزُ الإِسْلامُ عَلَى بِنَاءِ هَذِهِ الجَوَانِبِ فِي المُسلِمِ، فَيَدْعُوهُ إِلَى الاستِقْلالِيَّةِ الفِكْرِيَّةِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  : ((لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاؤُوا أَلاَّ تَظْلِمُوا))، وَيَدْعُوهُ إِلَى التَّحَكُّمِ فِي غَرَائِزِهِ، يَقُولُ المَولَى عَزَّ وَجَلَّ: ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))(2)، ويَحُضُّ المُسلِمَ عَلَى السَّيْطَرَةِ عَلَى عَوَاطِفِهِ وَانفِعَالاتِهِ، قَالَ تَعَالَى فِي عَدِّ صِفَاتِ المُؤْمِنِينَ: ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))(3)، وَقَالَ: ((وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ))(4)، بَلْ إِنَّ ذَلِكَ فِي نَظَرِ الدِّينِ الحَنِيفِ مِنْ عَلامَاتِ القُوَّةِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  : ((لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَملِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ))، إِنَّ الوَاثِقَ بِنَفْسِهِ يُبَادِرُ بِآرَائِهِ وَاقْتِرَاحَاتِهِ وَلا يَخَافُ أَوْ يَتَرَدَّدُ، لِنَنْظُرْ كَيفَ فَتَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  بَابَ الشُّورَى فِي المُجتَمَعِ المُسلِمِ، تَطْبِيقًا لِقَولِ اللهِ تَعَالَى: ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ))(5)، فَأَخْرَجَ جِيلاً وَاثِقًا بِنَفْسِهِ، لَقَدْ قَدِمَ بَعْضُ الوُفُودِ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ ابنِ عَبْدِ العَزِيزِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَكَانَ فِي مُقَدِّمَتِهِمْ غُلامٌ حَدَثُ السِّنِّ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ قَالَ لَهُ: يَا غُلامُ تَأَخَّرْ، وَلْيَتَقدَّمْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنًّا، فَقَالَ الغُلامُ المُبَادِرُ الوَاثِقُ مِنْ نَفْسِهِ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا المَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ: قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، فَإِذَا أُعْطِيَ المَرْءُ قَلْبًا حَافِظًا، وَلِسَانًا لافِظًا فَقَدِ اسْتَحَقَّ الذِّكْرَ، فَقَدَّمَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ عَلَى بَقِيَّةِ الوَفْدِ، فَإِذَا كَانَ لِلْمُؤْمِنِ رَأْيٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُدلِيَ بِهِ، وَلا يَتَرَدَّدَ أَوْ يُحْجِمَ، وَلْيَتَكَلَّمْ بِاتِّزَانٍ، وَيُرَتِّبْ كَلامَهُ. إِنَّ المُؤْمِنَ لا يَضَعُ نَفْسَهُ فِي مَوَاقِفَ يَضْطَرُّ إِلَى أَنْ يَعتَذِرَ مِنْهَا، فَقَدْ جَاءَ فِي الحِكْمَةِ: ((إِيَّاكَ وَمَا يُعتَذَرُ مِنْهُ))، فَإِذَا أَخْطَأَ وَاحتَاجَ إِلَى الاعتِذَارِ، فَقَدْ عَلَّمَهُ القُرآنُ الكَرِيمُ الشَّجَاعَةَ فِي الاعتِذَارِ مِنْ خَطَأِهِ، فَفِي غَزوَةِ أُحُدٍ أَصَابَ المُسلِمِينَ مَا أَصَابَهُمْ بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِمْ أَوَامِرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  فَقَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لَهُمْ: ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))(6).
   عِبَادَ اللهِ :
   يُرِيدُ الإِسْلامُ الحَنِيفُ أَنْ يَتَرَبَّى المُؤْمِنُونُ عَلَى مَعَانِي القُوَّةِ، وَلِذَا تَجِدُ لِلْمُؤْمِنِ القَوِيِّ مَكَانَةً خَاصَّةً فِي قَولِ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم-  : ((المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ))، وَفِي هَذَا دَفْعٌ لَهُ لأَنْ يَسلُكَ كُلَّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقَوِّيَ شَخْصِيَّـتَهُ، وَيَرفَعَ مَعنَوِيَّاتِهِ، وَيَزِيدَ مِنْ ثِقَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَرشَدَ دِينُنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ تَشْرِيعَاتِهِ الحَكِيمَةِ إِلَى مَا يُعَزِّزُ هَذَا الشُّعُورَ، فَرَبَّى المُسلِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَمَلِيًّا طَمُوحًا، ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ، بَعِيدًا عَنِ الأَمَانِي الفَارِغَةِ، الَّتِي تُضِيعُ حَيَاتَهُ وَتُدَمِّرُ نَفْسِيَّـتَهُ، وَقَدْ كَانَ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم-  يُذْكِي هَذَا الطُّمُوحَ بِصُورَةٍ عَمَلِيَّةٍ، وَيُحَذِّرُ صَحَابَتَهُ مِنَ الاستِسلامِ لِلْهُمُومِ، وَالانزِوَاءِ خَلْفَ المُشْكِلاتِ وَالصُّعُوبَاتِ، فَهَا هُوَ يَرفُضُ مَسْـلَكَ أَحَدِ صَحَابَتِهِ بِالجُلُوسِ فِي المَسْجِدِ وَالاستِسلامِ لِهُمُومِهِ، وَعَلَّمَهُ أَنْ يَستَعِيذَ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولَ: ((الَّلهُمَّ إِنِّي أَعَوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ))، وَهُوَ بِذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يَغْرِسَ بُذُورَ الأَمَلِ وَالتَّفَاؤُلِ فِي المُسلِمِينَ؛ حَتَّى يُوَاجِهُوا مَصَاعِبَ الحَيَاةِ بِنُفُوسٍ مُؤْمِنَةٍ وَاثِقَةٍ، إِنَّ الإِسلامَ يُرَبِّينَا عَلَى عَدَمِ الالتِفَاتِ إِلَى المَاضِي إِلاَّ لأَخْذِ العِبْرَةِ وَالعِظَةِ، وَالاستِفَادَةِ مِنْ تَجَارِبِنَا وَتَجَارِبِ الآخَرِينَ، انظُرُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - كَيفَ أَنَّ القُرآنَ وَهُوَ يَطْلُبُ مِنَّا الاعتِبَارَ بِالسَّابِقِينَ، يُخَاطِبُنَا بِقَولِهِ تَعَالَى: ((تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))(7)، وَتَأَمَّـلُوا قَولَ اللهِ تَعَالَى: ((الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))(8)، فَالمَصَائِبُ لا تَفُتُّ عَضُدَ المُؤْمِنِ الوَاثِقِ بِنَفْسِهِ، المُتَوَكِّلِ عَلَى رَبِّهِ، بَلْ تَزِيدُهُ بِاللهِ تَعَلُّـقًا، وَبِنَفْسِهِ وُثُوقًا، إِنَّ الإِسْلامَ يَرفُضُ الكَلِمَاتِ الَّتِي تُعِيدُ المَاضِيَ دُونَ فَائِدَةٍ وَنَتِيجَةٍ، مَتَى مَا وَقَعَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الحُسْبَانِ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، فَالأَحْدَاثُ لا تُزَلْزِلُ هِمَّةَ المُؤْمِنِ فَيَجلِسُ مُتَحَسِّرًا مُتَمَلْمِلاً، فَلِذَا نَهَى الإِسْلامُ المُسلِمَ أَنْ يَقُولَ: (( لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا ))، وَأَمَرَهُ بِالنَّظْرَةِ الإِيجَابِيَّةِ لِلأَحْدَاثِ المَاضِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ: (( قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ )) ، فَإِنَّ (( لَوْ )) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.
   أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ :
   إِنَّ دِينَكُمْ يُرِيدُ مِنْ أَبنَائِهِ أَنْ يَكُونُوا مُتَبَصِّرِينَ فِي أَهدَافِهِمْ، سَاعِينَ لِتَحقِيقِهَا، وَفْقَ خُطَطٍ مُحكَمَةٍ، وَطُرُقٍ بَيِّنَةٍ، حَتَّى يَسِيرَ المُسلِمُ بِنَفْسٍ قَوِيَّةٍ وَاثِقَةٍ، تُؤْمِنُ بِمَا أَرَادَتْ، وَتُوقِنُ بِعَوْنِ اللهِ وَتَطلُبُ تَوفِيقَهُ، فَيَمْشِي خُطُوَاتٍ مُتَّزِنَةً رَزِينَةً، لا تُزَعزِعُهَا المَصَاعِبُ، إِنَّ النَّجَاحَ فِي نَظَرِ الإِسْلامِ يَبْدَأُ مِنْ وَضْعِ الأَهدَافِ النَّبِيلَةِ، الَّتِي تَدفَعُ لِلسِّيرَةِ السَّوِيَّةِ المُستَقِيمَةِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))(9)، فَالوَاثِقُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرِفُ طَرِيقَهُ جَيِّدًا، وَيُخَطِّطُ لِكُلِّ أُمُورِ حَيَاتِهِ، وَيُحَدِّدُ أَهْدَافَهُ بِكُلِّ دِقَّةٍ، فَلا يَتْرُكُ نَفْسَهُ لِلظُّرُوفِ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَصنَعُهَا وَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي تَصنَعُهُ، فَلَيْسَ مِنْ قَنَاعَاتِ المُؤْمِنِ أَنَّهُ رِيشَةٌ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ، بَلْ هُوَ مَنْ يَصنَعُ ذَاتَهُ، وَيَبنِي مُستَقْبَلَهُ، بَعْدَ تَوَكُّلِهِ عَلَى رَبِّهِ، فَبَعْدَ أَنْ يَتَحَقَّقَ مِنَ الهَدَفِ، يَتَأَكَّدُ مِنْ سَلامَةِ النِّـيَّةِ وَالإِخْلاصِ فِيهَا، وَلِهَذَا الأَمْرِ وَزنُهُ الَّذِي لا يَخْفَى فِي الإِسْلامِ، يَقُولُ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم-   : ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))، فَإِذَا صَفَّى نِيَّـتَهُ؛ خَطَّطَ لِدَربِهِ، وَفَكَّرَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا، وَهَذَا هُوَ نَهْجُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  ، فَقَدْ كَانَتْ كُلُّ خُطُوَاتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَفِي حَرْبِهِ وَسِلْمِهِ يَسِيرُ عَلَى وَفْقِ تَرتِيبٍ وَنِظَامٍ مُحكَمَينِ، إِنَّ الإِسْلامَ يَأْمُرُ المُؤْمِنَ الَّذِي حَدَّدَ هَدَفَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ الطَّرِيقُ أَنْ يُقْدِمَ فَلا يَتَرَدَّدَ، وَيُثَابِرَ فَلا يَتَرَاجَعَ، فَلا مَكَانَ لِلْمَعَانَي السَّـلْبِيَّةِ فِي الإِسْلامِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ))(10)، إِنَّ الشَّخْصَ النَّاجِحَ هُوَ مَنْ يَنْظُرُ فِي حِسَابَاتِهِ، وَيَتَأَكَّدُ مِنْ مُعَادَلاتِ الرِّبْحِ وَالخَسَارَةِ فِيهَا، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ الإِسْلامُ مِنْ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ، وَالنَّظَرِ فِيمَا قَدَّمَ الإِنْسَانُ لِغَدِهِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ))(11)، فَمَتَى وَجَدَ خَيْرًا وَرِبْحًا، وَأَوشَكَ أَنْ يَنْجَحَ وَيُحَقِّقَ أَهدَافَهُ حَمِدَ اللهَ، وَإِلاَّ فَلا يَأْسَ فِي الإِسْلامِ ((إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ))(12)، وَلَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  أُنْمُوذَجًا يُحتَذَى فِي عَدَمِ اليَأْسِ وَالأَمَلِ الكَبِيرِ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَعَ مَا فَعَلَهُ كُفَّارُ مَكَّةَ مِنْ أَذًى وَعِنَادٍ وَتَعذِيبٍ، وَرَفْضٍ وَإِنْكَارٍ لِدَعْوَتِهِ، إِلاَّ أَنَّ اليَأْسَ لَمْ يَتَسَرَّبْ إِلَى قَلْبِهِ، بَلْ ظَلَّ وَاثِقًا بِنَصْرِ اللهِ تَعَالَى.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَلْنَنْطَلِقْ فِي عَمَلِ الخَيْرِ بِقُلُوبٍ مِلْؤُهَا الثِّقَةُ وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ، سَائِلِينَ المَولَى عَونَهُ وَتَأْيِيدَهُ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
                                                       *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالاستِعَانَةِ بِاللهِ وَالاعتِرَافِ بِفَضلِهِ، فَإِذَا تَجَرَّدَتْ مِنْ مَعَانِيهَا الإِيمَانِيَّةِ، وَخَرَجَتْ عَنْ حُدُودِهَا؛ صَارَتْ غُرُورًا مَقِيتًا فِي نَظَرِ الإِسْلامِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا))(13)، وَيَقُولُ: ((تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(14)، إِنَّ ثِقَةَ المُسلِمِ بِنَفْسِهِ تَدْعُوهُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَتَنأَى بِهِ عَنِ الغُرُورِ، وَلَنَا فِي أَنْبِيَاءِ اللهِ قُدْوَةٌ وَأُسْوَةٌ، فَهَذَا نَبِيُّ اللهِ سُلَيمَانُ – عَلَيهِ السَّلامُ- آتَاهُ اللهُ مُلْكًا عَظِيمًا لَمْ يُؤْتِهِ غَيْرَهُ، لَمَّا مَرَّ جَيشُهُ عَلَى وَادِي النَّملِ وَسَمِعَ النَّملَةَ تَدْعُو جُمُوعَ النَّملِ أَنْ تَدْخُلَ مَسَاكِنَهَا خَشْيَةَ أَنْ يَحْطِمَهَا سُلَيمَانُ وَجُنُودُهُ، مَاذَا كَانَ رَدُّهُ؟ ((فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَولِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ))(15)، وَتَوَاضُعُ المُؤْمِنِ الوَاثِقِ مِنْ نَفْسِهِ لا يَعنِي أَنْ يَدفِنَ قُدرَاتِهِ، وَمَوَاهِبِهِ وَمَهَارَاتِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَ بِمَا لَدَيْهِ مِنْ قُدرَاتٍ وَطَاقَاتٍ، حَتَّى يَخْدِمَ مُجتَمَعَهُ وَوَطَنَهُ، فَهَا هُوَ يُوسُفُ – عَلَيهِ السَّلامُ –  بِتَوَاضُعِهِ يَقُولُ لِمَلِكِ مِصْرَ: ((اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ))(16)، فَقَدْ كَانَ- عَلَيهِ السَّلامُ - خَبِيرًا فِي الحِسَابِ وَتَدْبِيرِ الأَمْوَالِ، فَرَأَى أَنَّ تَوَلِّيَهُ الشُّؤُونَ المَالِيَّةَ مِمَّا يُفِيدُ النَّاسَ، وَيُقَدِّمُ الخَيْرَ الكَثِيرَ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاحْرِصُوا عَلَى بِنَاءِ مُجتَمَعَاتِكُمْ وَأَوطَانِكُمْ، بِثِقَتِكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ وَقُدرَاتِكُمْ، حَتَّى تَتَعَاوَنُوا عَلَى البِنَاءِ وَالتَّعْمِيرِ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْمًا: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (17).
   اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زَاكِيًا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاًَ طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.                                 
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.                                     
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة النجم/ 39-41.
(2) سورة النازعات/ 40-41.
(3) سورة آل عمران/ 134.
(4) سورة الشورى/ 37 .
(5) سورة آل عمران/ 159.
(6) سورة آل عمران/ 165.
(7) سورة البقرة / 134.
(8) سورة البقرة/ 156.
(9) سورة الملك/ 22.
(10) سورة آل عمران/ 159.
(11) سورة الحشر/ 18.
(12) سورة يوسف/ 87.
(13) سورة النساء/ 36.
(14) سورة القصص/ 83.
(15) سورة النمل/ 19.
(16) سورة يوسف/ 55.
(17) سورة الأحزاب / 56 .

 
< السابق   التالى >
 

استفتاء

ما رأيك بصفحة خطب الجمعة؟
 
spacer

spacer
© 2024 موقع خطب الجمعة
Joomla! is Free Software released under the GNU/GPL License.