جمال الخَلق والخُلق
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
09/06/2008
خطبة الجمعة بتاريخ 9 جمادى  الثانية 1429هـ
بسم الرحمن الرحيم
جَمَالُ  الْخَـلْـقِِ  والخُـلُـقِ
   الحَمْدُ للهِ الذِي خَلَقَنَا فَأْحْسَنَ صُوَرَنا، وأَدَّبَنَا بِالقُرآنِ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَنا، وهَدَانا إِلَى الحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ فَأَكْرَمَ إِنْسَانِيَّتَنَا، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ  وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَكْمَلُ النَّاسِ خِلْقَةً وأَكْرَمُهُمْ خُلُقاً، -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهتَدَى بِهَدْيِهِ، وَاستَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   الجَمَالُ كَلِمَةٌ وَاسِعَةُ المَعنَى، مُتَعدِّدَةُ الصُّوَرِ، يَعشَقُها كُلُّ إِنْسَانٍ، وتُبْهِجُ كُلَّ قَلْبٍ وتَشْغَلُ كُلَّ جَنَانٍ، كَيفَ لاَ وهُوَ يَعنِي البَهاءَ والزِّينَةَ والحُسْنَ، وهُوَ إِطَارُ كُلِّ خَيْرٍ لأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الصُّوَرِ والمَعَانِي فَيَتَّصِفُ بِهِ الحُسْنُ إِجْمَالاً. خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى، وحَبَّبَهُ إِلَى نُفُوسِ عِبَادِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ رَبُّ الجَمَالِ والمُتَّصِفُ بِهِ، وفِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ)) ، واللهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَحكُرِ الجَمَالَ عَلَى أَحَدٍ، ولَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى جِنْسٍ، حَتَّى الأَنْعَامَ قَالَ عَنْها جَلَّ وعَلاَ: ((وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)) (1) ، قِيلَ: جَمَالُها حِينَ عَوْدَتِها مِنْ مَرْعَاهَا وهِيَ مُمتَدَّةُ الخَواصِرِ، عَالِيَةُ الأَسنِمَةِ، وحِينَ ذَهابِها إِلَى مَرْعَاهَا تُزَيِّنُ الأَرضَ بِخَطْوِها، وتَجَمِّلُ الأَفْنِيَةَ بِخُفِّها وحَافِرِها، وتُرِيحُ أَربَابَها بِالنَّظَرِ إِلَيْها، وتُكْسِبُهُم الجَاهَ والحُرْمَةَ.
   أَيُّها المُسِلمُونَ :
   الجَمَالُ شَكْلٌ ومَضْمُونٌ، ومَبنَىً ومَعنَى، ولِذَلِكَ قِيلَ: الجَمَالُ حُسْنٌ فِي الفِعلِ وكَمَالٌ فِي الخَلْقِ، وهُمَا قَرِينَانِ يَبِيْنَانِ عَنْ مَقَاصِدِ الجَمَالِ التِي صَوَّرَها الإِسْلاَمُ، وفِي الأَثَرِ: ((مَا حَسَّنَ اللهُ خَلْقَ امرئٍ ولاَ خُلُقَهُ فَيُطْعِمُهُ النَّارَ))، ذَلِكَ لأَنَّ خُلُقَ الإِنْسَانِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ سَعَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَكَيفَ إِذَا جَمَعَ بِجانِبِ خُلُقِهِ نِعْمَةَ الجَمَالِ، وَزيَّنَ ذَلِكَ الجَمَالَ بِبَشَاشَةِ الوَجْهِ وحُسْنِ المُعَامَلَةِ، فَكَانَ حَبلَ المَوَدَّةِ الذِي يَرْبِطُهُ بِالآخَرِينَ، وفِي قَولِهِ تَعَالَى: ((وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)) (2) ، قِيلَ: الظَّاهِرَةُ تَسْوِيَةُ الخَلْقِ، والبَاطِنَةُ: تَسْوِيَةُ الخُلُقِ، والجَمَالُ شَكْلُ الإِنْسَانِ وهَيْكَلُهُ، والخُلُقُ بَاطِنُهُ وجَوْهَرُهُ، وهُوَ تَمامُ خَلْقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى ((الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)) (3)، فَاللهُ خَلَقَ السَّمَاءَ فَزَيَّنَها بِالكَواكِبِ، وخَلَقَ الأَرضَ فَزَيَّنَها بِالنَّبَاتِ، وخَلَقَ ابنَ آدمَ فَزَيَّنَهُ بِالأَدَبِ، ومِنَ المَأْثُورِ: ((عَلَيكُمْ بِالأَدَبِ، فَإِنَّهُ إِنِ احتَجتُمْ كَانَ لَكُمْ مَالا،ً وإِنِ استَغْنَيْتُمْ كَانَ لَكُمْ جَمَالاً))، والرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  كَانَ كَثِيراً مَا يَقْرُنُ الجَمَالَ الخَلْقِيَّ بالخُلُقِيِّ فِي دُعَائِهِ، فَكَانَ يَقُولُ: ((اللهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي)).
   عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ الجَمَالَ دَاخِلٌ فِي كُلِّ شَيءٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظَهِ كُلُّ أَدَبٍ، فَمِنْهُ الاجتِمَالُ: وهُوَ أَنْ تَحْمِلَ نَفْسَكَ عَلَى حُبِّ النَّاسِ فَيُحِبُّوكَ، وأَنْ تُجْهِدَ نَفْسَكَ عَلَى مُخَالَقَتِهم بِالحُسْنَى فَيُؤثِرُوكَ، ولِذَلِكَ قِيلَ: ((الاجتِمَالُ قَبْرُ العُيوبِ))، ومِنْهُ أَيْضاً المُجَامَلَةُ، وهِيَ المُعَامَلَةُ بِالجَمِيلِ، ومِنْ مَعَانِيها:  أَنْ تَقْدِرَ عَلَى جَوابِ أَخِيكَ فَتَترُكَهُ إِبقَاءً عَلَى مَوَدَّتِهِ، ومِنْ صُوَرِ المُجَامَلَةِ: أَنْ تَحْمِلَ نَفْسَكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ أَخِيكَ عَلَى الصِّلَةِ، وعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللُّطْفِ والمُقَارَبَةِ، وعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى البَذْلِ، وعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى العُذْرِ، ومِنَ الجَمَالِ فِي الأَدَبِ إِجْمَالُ الطَّلَبِ، وهُوَ أَنْ تَطْلُبَ الشَّيءَ بِتُؤَدَةٍ واعتِدالٍ، وفِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  : ((الرِّزقُ مَقْسُومٌ؛ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ))، وجَاءَ فِي الأَثَرِ: ((خُذْ مِنَ الدُّنْيا وتَولَّ عَمَّا تَولَّى عَنْكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ)) أَي خُذْ مِنْها القَدْرَ المُتَاحَ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَاجْعَلْ طَلَبَكَ لِمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ طَلَباً جَمِيلاً بِتُوءَدَةٍ ولُطْفٍ وأَدَبٍ وخُلُقٍ.
   أَيُّها المُؤمِنونَ:
   إِنَّ نَقِيضَ الجَمَالِ القُبْحُ، وهُوَ الصُّورَةُ البَشِعَةُ لِلأَشْيَاءِ والوَجْهُ المُظْلِمُ لِلإِنْسَانِ، يَمقُتُهُ كُلُّ ذِي لُبِّ، ويَكْرَهُهُ كُلُّ ذِي عَقْلٍ، ويَبتَعِدُ عَنْهُ كُلُّ ذِي مُروءَةٍ، ذَلِكَ لأَنَّ القُبْحَ صُورَةٌ تُجَافِي الفِطْرَةَ وتُخَالِفُ المَنْهَجَ الحَقَّ، وتَنْأَى عَنْ غَايَاتِ البَشَرِ السَّوِيَّةِ، فَالقُوَّةُ جَمَالٌ لَكِنْ إِنِ استَخْدَمتَها فِي غَيْرِ مَرضَاةِ اللهِ تَحَوَّلَتْ إِلَى قَبِيحِ الفِعَالِ، فَمَنِ استَخْدَمَ النِّعْمَةَ فِي غَيْرِ مَوضِعِها فَقَدْ سَلَبَ جَمَالَها، ولِذَلِكَ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُم وأَلْوَانِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأَعْمَالِكُمْ)).
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وجَمِّلُوا مَخْبَرَكُمْ كَمَا تُجَمِّلُونَ مَظْهَرَكُمْ، وأَحْسِنُوا نِيَّاتِكُمْ وفِعَالَكُمْ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
   *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   الجَمَالُ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى، يَنْبَغِي صِيَانَتُها وحِفْظُها، ويَكُونُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكْسُوَ جَمَالَكَ خُلُقاً حَسَناً، والرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  يَقُولُ: ((أَقْرَبُكُم مِنِّي مَجلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنُكُم أَخْلاَقاً المُوطِّئُونَ أَكْنَافاً الذِينَ يَأْلَفُونَ ويُؤلَفُونُ))، والخُلُقُ الحَسَنُ نُكْسِيهِ أَبْنَاءَنا ونُرَبِّيهِمْ عَلَيْهِ، والرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  يَقُولُ: ((مَا نَحَلَ أَبٌ ابْنَهُ نِحْلَةً خَيْراً مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ))، وحِفْظُ الجَمَالِ يَكُونُ أَيْضاً بِالمُحافَظَةِ عَلَى النَّظَافَةِ حَتَّى يُستَدامَ الحُسْنُ والبَهاءُ فِي الإِنْسَانِ، والإِسلاَمُ دِينٌ يَدْعُو إِلَى النَّظَافَةِ ويَحُثُّ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى: ((وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ))(4) ، وَقَالَ تَعَالَى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(5)، فَكَمَا تُطَهِّرْ بَاطِنَكَ وجَوهَرَكَ بِالخُلُقِ الحَسَنِ فَطَهِّرْ ظَاهِرَكَ بِالنَّظَافَةِ لِمَلْبَسِكَ ومَأْكَلِكَ ومَشْرَبِكَ ودُورِكَ وكُلِّ مَرْفَقٍ حَولَكَ قَدْرَ استِطَاعَتِكَ وإِمكَانِكَ، فَبِذَلِكَ تَحفَظُ مُجتَمَعكَ وتُحَافِظُ عَلَى صِحَّتِكَ.
   عِبَادَ اللهِ :
   لِكَي يَكُونَ الجَمَالُ مُستَمِرَّاً فِي حَيَاتِنا، ظَاهِراً فِي وُجُودِنا، بَارِزاً فِي مُجتَمَعاتِنَا، لاَ بُدَّ أَنْ نَصنَعَهُ فِي كُلِّ شَيءٍ ونَصْطَنِعَهُ لِكُلِّ غَايَةٍ، فَالمَرأَةُ لِكَي تُحَافِظَ عَلَى رِبَاطِ الزَّوجِيَّةِ لاَ بُدَّ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ تَزَيُّنِها وتَجَمُّلِها لِزَوجِها، وبَيْنَ مُخُالَقَتِها لَهُ بِالخُلُقِ الحَسَنِ، ولِذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  فَقَالَ: ((إِنَّ لِي زَوْجَةً إِذَا مَا دَخَلْتُ بَيْتِي جَاءَتْنِي بِالوَضُوءِ، فَإِذَا تَوضَّأْتُ قَرَّبَتْ إِلَيَّ طَعَامِي، فَإِذَا أَكَلْتُ وشَرِبْتُ فَإِنْ رَأَتْنِي حَزِيناً قَالَتْ: إِنْ كَانَ اهتِمَامُكَ لأَمْرِ آخِرَتِكَ فَزَادَكَ اللهُ اهتِمَاماً، وإِنْ كَانَ لأَمْرِ دُنْيَاكَ فَلاَ تَهتَمَّ فَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ بِرِزقِكَ ورِزقِ كُلِّ دَابَّةٍ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  وَقَالَ: هَذِهِ مِنْ عُمَّالِ اللهِ فِي الأَرضِ، ولَهَا مِثْلُ أَجْرِ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ))، والمُوَظَّفُ لِكَي يَكُونَ نَاجِحاً فِي عَمَلِهِ لاَ بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ حُسْنِ مَظْهَرِهِ وتَرتيبِ عَمَلِهِ ومُخَالَقَتِهِ لِمَنْ هُمْ أَعلَى مِنْهُ ومَنْ هُمْ تَحْتَ يَدِهِ، ومَنْ لَهُمْ مَصَالِحُ مِنَ النَّاسِ يَتَردَّدونَ عَلَيْهِ، بِالخُلُقِ الحَسَنِ والكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ والنَّصِيحَةِ المُخلِصَةِ، هَكَذا يُستَدامُ الجَمَالُ، ويَبقَى ضِيَاؤُهُ فِي مجَتَمَعِنا وفِي كُلِّ شُؤونِنا.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ
أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (6).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة النحل / 6 .
(2) سورة لقمان / 20 .
(3) سورة السجدة / 7 .
(4) سورة المدثر / 4 .
(5) سورة البقرة / 222 .
(6) سورة الأحزاب / 56 .