العدْلُ في رِعَايةِ الـعُمّالِ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
05/07/2008
طبة الجمعة بتاريخ 8 رجب 1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
العدْلُ في رِعَايةِ الـعُمّالِ
   الحَمْدُ للهِ الذِي أَمَرَ لِلْعَامِلِ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ، وَحَثَّ عَلَى الاعتِنَاءِ بِهِ أَكْمَلَ عِنَايَةٍ، سُبْحانَهُ فَرَضَ أَدَاءَ مَا يَسْـتَحِقُّهُ العَامِلُ مِنَ الحُقُوقِ المَادِّيَّةِ، والوَفَاءَ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الأُجُورِ المَالِيَّةِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، جَعَلَ مِنْ دَلاَئِلِ الإِيمَانِ مَحَبَّةَ المَرْءِ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ فِي سَائِرِ الأُمُورِ، وَوِقَايَتَهُ لَهُ مِنْ مُوْرِثَاتِ الأَسْـقَامِ والشُّرورِ، -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنَ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، صَلاَةً وسَلاَماً مَدَى الدَّهْرِ دَائمَيْنِ.   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّها المُسلِمُونَ:
   بِتَقْوَى اللهِ تُعْمَرُ الرُّبُوعُ والدِّيَارُ، وبِها يَسُودُ الرَّخَاءُ والاستِقْرارُ، فَاتَّقُوا اللهَ ورَاقِبُوهُ، وامتَثِلُوا أَوَامِرَهُ ولاَ تَعْصُوهُ، واعلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ الاهتِمَامَ بِإِقَامَةِ المَشَارِيعِ الإِنْتَاجِيَّةِ، والتَّنَافُسَ فِي إِنْشَاءِ المُؤَسَّسَاتِ الصِّنَاعِيَّةِ، وتَنَوَّعَ المَجَالاَتِ المِهَنِيَّةِ، كُلُّهَا مَطَالِبٌ تُقِرُّهَا الشَّرِيعَةُ الإِسلاَمِيَّةُ، وتَنْدُبُ إِلَيْها الآيَاتُ القُرآنِيَّةُ، شَرِيْطَةَ أَنْ تَتَحلَّى بِأَعلَى القِيَمِ العَدْلِيَّةِ، ويَتَمثَّلَ القَائِمُونَ عَلَيْها والعَامِلُونَ بِها أَقْوَمَ الصُّوَرِ الأَخْلاَقِيَّةِ، قَالَ تَعالَى: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))(1)، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً))(2)، وبِذَا يَظْهَرُ الإِنْتَاجُ -كَمَا يُرِيدُهُ الإِسلاَمُ- فِي أَبْهَى حُلَلِهِ، ويَنْعَمُ جَمِيعُ أَفْرادِهِ بِبَرْدِ إِنْصَافِهِ ولَذَّةِ عَدْلِهِ، ولِكَي تَتَحَقَّقَ هَذِهِ الصُّورَةُ المُثْلَى، وتَتَجلَّى هَذِهِ القِيَمُ العُلْيَا، كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ الحُقُوقِ والوَاجِبَاتِ، وإِيضَاحِ مَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ العَمَلِ مِنَ الالتِزَامَاتِ، ومَا كَلَّفَهُ بِهِ الشَّرْعُ مِنَ المَسؤولِيَّاتِ، فَالمُؤَسَّسَاتُ العَمَلِيَّةُ مَجَالٌ لِلتَّنْمِيَةِ والرُّقِيِّ والإِعَانَةِ، وَوَسِيلَةٌ لِلْكَسْبِ تُجَنِّبُ أَفْرَادَ المُجتَمَعِ ذُلَّ السُّؤالِ ومَا فِيهِ مِنَ المَهَانَةِ، وهِيَ مَقَاصِدٌ لاَ تَتَحقَّقُ إِلاَّ بِالعَدْلِ مَعَ العُمَّالِ والإِنْصَافِ، والبُعْدِ عَنْ كُلِّ صُوَرِ الظُّلْمِ والإِجْحَافِ، إِنَّ العَدْلََ والإِنْصَافَ مَعَ الأَجِيرِ وإِعْطَاءَهُ كَامِلَ حَقِّهِ، وَحُسْنَ التَّعَامُلِ مَعَهُ بِتَسْهِيلِ سُبُلِ رِزْقِهِ، لَيْسَ خُلُقاً كَرِيماً فَقَط، بَلْ هُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، وتُستَمْطَرُ بِهِ نَفَحَاتُهُ ورِضْوانُهُ، فَقَدْ ذَكَرَ لَنَا حَبِيبُنَا -صلى الله عليه وسلم-  قِصَّةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الذِي اتَّقَى اللهَ فِي أَجْرِ أَجِيرٍ استَأْجَرَهُ، فَحَصَدَ نَجَاةً مِنْ ضَائِقَةٍ كَادَتْ أَنْ تُودِيَ بِحَيَاتِهِ، إِنَّها فِي قِصَّةِ الثَّلاَثَةِ الذِينَ أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الغَارُ، حَيْثُ قَالَ أَحَدُهُم: ((اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرْقٍ -أي مِكْيالٍ- مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرْقِ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْـتَهْزِئُ بِي؟ فَقُلْتُ: مَا أَستَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا؛ فَكُشِفَ عَنْهُمْ)).
                                            
   أَيُّها المُسلِمُونَ :
                                            
   أَوَّلُ مَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ عَمَلِهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ طَبِيعَةَ العَمَلِ بِصَغِيرِ أَمْرِهِ وجَلِيلِهِ، فَالوُضُوحُ صِفَةٌ أَسَاسِيَّةٌ فِي الحَيَاةِ، ونُورٌ يُضِيءُ طَرِيقَ النَّجَاةِ، ولَقَدْ ضَرَبَ لَنَا القُرآنُ الكَرِيمُ مِثَالاً رَائعاً فِي وُضُوحِ المُتَعاقِدَينَ، وصُورَةً مُشْرِقَةً لِلْعَلاَقَةِ بَيْنَ أَربَابِ العَمَلِ والعَامِلينَ، فَهَذا نَبِيُّ اللهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لَمَّا ذَهَبَ إِلَى الرُّجُلِ الصَّالِحِ قَالَ لَهُ: ((إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ))(3)، هَذَا هُوَ العَقْدُ الكَامِلُ الوَاضِحُ، الذِي يُثْمِرُ العَمَلَ المُنْتِجَ الرَّابِحَ، المُهْمَّةُ هِيَ العَمَلُ بِالرَّعْيِ والسَّـقْيِ كَمَا هُوَ مَعلُومٌ، والأُجْرَةُ هِيَ الزَّواجُ مِنْ إِحْدَى هَاتَيْنِ الفَتَاتَيْنِ مُبَيَّنٌ مَرسُومٌ، والمُدَّةُ ثَماني سَنَواتٍ مُلْزِمةٌ، وسَنَتانِ اختِيَارِيَّةٌ لَيْسَ فِيهِما إِلْزَامٌ، أَمَّا رَبُّ العَمَلِ فَهَذِهِ صِفَاتُهُ حَسبَ تَوجِيهِ القُرآنِ: ((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ))، فَهُوَ لاَ يَشُقُّ عَلَى العَامِلِ، ولاَ يُحَمِّلُهُ مَا لاَ يُطِيقُ، ولا يُعَنِّتُـهُ ولاَ يُكَلِّفُهُ، فَلَيْسَ فِي العَمَلِ أَعْبَاءٌ يَعْجِزُ عَنْ حَمْلِها، ولاَ مَسؤولِيَّاتٌ يَضْعُفُ عَنْها، ثُمَّ قَالَ: ((سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)) أَيْ مِنَ الصَّالِحينَ فِي أَخْلاَقِهِ ومُعَامَلَتِهِ، وفِي رِفْقِهِ وحِلْمِهِ، وَقَدْ وَافَقَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وأَعْلَنَ ذَلِكَ فَقَالَ: ((ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ))، وهَاهُنَا يَظْهَرُ التَّرَاضِي التَّامُّ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ والاتِّفَاقُ عَلَى شُروطِ العَمَلِ، ثُمَّ قَالَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: ((وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ))، إِنَّهَا كَلِمَةٌ عَظِيمَةُ الدَّلاَلَةِ، تُؤَكَِّدُ أَنَّ الحُقُوقَ لاَ تُضْمَنُ إِلاَّ مِنْ خِلاَلِ الضَّمِيرِ الحَيِّ الذِي يُرَاقِبُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ، ويَعْلَمُ أَنَّهُ مَوقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ قَضَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- أَطْوَلَ الأَجَلَيْنِ، لأَنَّهُ رَجُلٌ كَرِيمٌ جَوَادٌ مِعْطَاءٌ، فَقَدْ رَضِيَ أَنْ يَشْتَغِلَ عَشْرَ سَنَواتٍ، انْتَهَتْ بِدُونِ مُشْكِلاَتٍ، فَلاَ تَأْخِيرَ فِي العَمَلِ، ولاَ مُمَاطَلَةَ فِي الأَجْرِ. إِنَّ العَامِلَ -حِينَ قَبُولِهِ لِلْعَمَلِ- يَعْلَمُ طَاقَاتِهِ، ويُدْرِكُ مُيوُلَهُ ورَغَباتِهِ، وبِالوُضُوحِ يُدْرِكُ وَاجِبَاتِهِ ومَسؤولِيَّاتِهِ، والعَقْدُ شَرِيعَةُ المُتَعاقِدَينَ، وأَيُّ تَعْدِيلٍ أَو إِضَافَةٍ فِي بُنُودِهِ يَجِبُ أَنْ تَقَعَ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ، فَتَغْييرُ مِهنَةِ العَامِلِ إِلَى مِهْنَةٍ أَشَقَّ مِنْهَا، أَو أَدنَى مِنْ مُستَواهَا، لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِرِضَاهُ، فَلَعلَّ فِي ذَلِكَ مَا يَشُقُّ عَلَى طَاقَتِهِ وقُواهُ، وَرَبُّ العَمَلِ يَجِبُ أَنْ يَحْسِبَ لالتِزامَاتِ العَمَلِ مَا يَنْبَغِي مِنَ الحِسَابِ، لِيُجَنِّبَ بِذَلِكَ نَفْسَهُ والعَامِلينَ مَعَهُ الأَزَمَاتِ والصِّعَابَ، فَلاَ يُقْدِمُ عَلَى تَعْيِينِ عَامِلٍ مَا لَمْ يَتَوفَّرِ العَمَلُ المُنَاسِبُ لَدَيْهِ، وفِي مُؤَّسَستِهِ مَا يَكْفِي مِنَ الدَّخْلِ لِلإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى شَيءٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوَفَاءُ، ولَزِمَهُ دَفْعَ رَاتِبِهُ بِلاَ مُمَاطَلَةٍ ولاَ إِبْطَاءٍ، يَدفَعُهُ إِلَيْهِ فِي الوَقْتِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَينَهُمَا، وبِالقَدْرِ المُبَيَّنِ فِي اتِّفَاقِهِمَا، قَالَ تَعالَى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ))(4)، وَفِي الحَدَيثِ عَنِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((أعطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ)).
   أَيُّها المُؤمِنونَ :
   إِنَّ الأُجْرَةَ المَالِيَّةَ لَيْسَتْ وَحْدَهَا مَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ العَمَلِ، بَل رُبَّمَا اقتَضَتِ الضَّرورَةُ أَو أَوْجَبَ عَقْدُ العَمَلِ حُقُوقاً أُخْرَى لِلْعَامِلِ، ومِنْ ذَلِكَ السَّكَنُ والمَأْوَى، فَقَدْ يَكُونُ العَمَلُ فِي مَنْطِقَةٍ لاَ يُمكِنُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُدَبِّرَ فِيهَا سَكَنَهُ بِنَفْسِهِ، ورُبَّمَا كَانَ تَوفِيرُ السَّكَنِ مَنْصُوصاً عَلَيْه فِي العَقْدِ المُبْرَمِ بَيْنَهُمَا، وهُنَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ العَمَلِ تُوفِيرُ السَّكَنِ المُنَاسِبِ المُكْتَمِلِ الخِدمَاتِ، وتَزْويِدُهُ بِمَا يَحتَاجُهُ سَاكِنُهُ مِنَ المُرفَقَاتِ، ومَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ سَائرِ الخِدمَاتِ، والتِي أَصْبَحَتْ فِي عُرْفِ النَّاسِ مِنَ الضَّرورَاتِ، ولَقَدْ أَرْشَدَ القُرآنُ الكَرِيمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَوفِيرُ السَّكَنِ إِلَى إِيجَادِ المُنَاسِبِ المَعقُولِ، الذِي يَكُونُ فِي الحَدِّ المُرتَضَى المَقْبُولِ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ المَوقِفِ مِمَّنْ يَستَحِقُّهُ، فَالوَاجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ تَوفِيَتُهُ حَقَّهُ، قَالَ تَعالَى فِي شَأْنِ المُعتَدَّةِ مِنَ الطَّلاَقِ: ((أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ))(5)، ومِنْ هُنَا نُدْرِكُ كَيْفَ سَمَا الإِسلاَمُ فِي السَّكَنِ بِالنَّفْسِ البَشِريَّةِ، وحَفِظَ لَها كَرَامَتَها وَصَانَ حُقُوقَها الإِنْسَانِيَّةَ، فَالسَّكَنُ هُوَ مَوْطِنُ سَكَنِ النَّفْسِ واستِقرارِها، ومَكَانُ هُدوئِها ورَاحتِها، والمَلْجأُ مِنْ تَعَبِ الحَيَاةِ وَكَدِّها، ولِذَلِكَ يُفَضَّلُ اختِيَارُهُ وِفْقَ مُوَاصَفَاتٍ خَاصَّةٍ تُوَفِّرُ مِنْ مَطَالِبِهِ ولَو الحَدَّ الأَدْنَى، بَعِيداً عَنْ أَمَاكِنِ التَّلَوُّثِ والضَّوضَاءِ، وبِمَنأَى عَنِ الإِزْعاجِ والفَوضَى، هَذَا وإِنَّ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي مَسَاكِنِ العُمَّالِ والمُوظَّفِينَ، مُراعَاةَ تَوزِيعِهم عَلَى أُسُسٍ لاَ تَمُسُّ الأَخلاَقَ والدِّينَ، أَخْذاً فِي الاعتِبَارِ التَّبَايُنَ فِي المُعتَقَداتِ والأَفْكَارِ، فَـ((لاَ ضَررَ ولاَ ضِرارَ)) فِي الإِسلاَمِ، ويَدْخُلُ فِي هَذَا مُراعَاةُ الطَّيِّبِ مِنَ الطَّعَامِ، المُتَوافِقِ مَعَ ضَوابِطِ الصِّحَّةِ وتَعالِيمِ الإِسلاَمِ، قَالَ تَعالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) (6) ، إِنَّ التَّغْذِيةَ السَّلِيمَةَ لِلْعُمَّالِ يَجنِي صَاحِبُ العَمَلِ ثَمَرَتَها قَبْلَ غَيْرِهِ، ويُبَارِكُ لَهُ اللهُ بِها فِي رِزقِهِ وخَيْرِهِ، إِنَّها تَبنِي الصَّحِيحَ مِنَ الأَجْسَامِ، القَادِرَةَ عَلَى القِيَامِ بِصِعَابِ المَهَامِّ، وقَدْ أَرشَدَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-  أُمَّتَهُ إِلَى مَا يُثْمِرُ لَهُمُ القُوَّةَ، ويَمْنَحُهُمُ النَّشَاطَ والفُتُوَّةَ، مُعتَبِراً أَنَّ الأَصِحَّاءَ الأَقوِياءَ خَيْرٌ عِنْدَ اللهِ مِنَ الضُّعَفاءِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ، فَعَنْ أَبِي هُريْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّهُ قَالَ: ((المُؤمِنُ القَويُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ،  احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واستَعِنْ بِاللهِ ولاَ تَعْجَزْ، وإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَو أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ "لَو" تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ))، هَذِهِ بَعْضُ حُقُوقِ الإِسلاَمِ لِلْعُمَّالِ، إِنَّها أَرْوَعُ صُوَرِ الرِّعَايَةِ لِبَنِي الإِنْسَانِ، وأَسْمَى أَشْكَالِ المُروءَةِ والإِحْسَانِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واحْرِصُوا عَلَى مَا فِيهِ سَلاَمَةُ عُمَّالِكُمْ، يُبَارِكِ اللهُ فِي أَعْمَالِكُمْ، ويَزِدْ فِي خَيْرِكُم وإِنْتَاجِكُمْ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
   *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   صَاحِبُ العَمَلِ مَسؤولٌ عَنْ تَوفِيرِ مَا يَحتَاجُهُ العَامِلُ مِنْ أَدَواتٍ ومَلاَبِسَ ومُستَلزَماتٍ فِي حَقْلِ العَمَلِ، وكُلِّ مَا يَقِيهِ مِنَ الوُقُوعِ فِي الأَخْطَارِ والزَّلَلِ، فَإِنَّ لِكُلِّ حِرفَةٍ أَدَاتَها، ولِكُلِّ مِهنَةٍ لِبَاسَها، ولِكُلِّ حَالَةٍ فِي العَمَلِ مُستَلزَمَاتِها، والمُتَتَبِّعُ لآيَاتِ القُرآنِ الكَرِيمِ، يَجِدُ إِشَارةً وَاضِحَةً إِلَى وُجُوبِ الاهتِمَامِ بِذَلِكَ، والعَمَلِ عَلَى مَا يُجَنِّبُ العَامِلَ الإِصَابَاتِ والمَهَالِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى فِي كِتَابِهِ امتِنَانَهُ عَلَى عِبَادِهِ بِكُلِّ ذَلِكَ فَقَالَ تَعالَى: ((وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)) (7)، وعَلَّمَ جَلَّ شَأْنُهُ عَبْدَهُ ورَسُولَهُ دَاودَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- صَنْعَةً مِنْ ذَلِكَ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ((وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ))(8)، إِنَّها نِعْمَةٌ تَحتَاجُ إِلَى شُكْرٍ، والتَّقْصِيرُ فِي أَدَاءِ حَقِّها مِنْ ضُروبِ العِصْيَانِ والكُفْرِ، وَمَا شُكْرُها إِلاَّ بِحُسْنِ استِعْمالِها، وأَنَّى لِلْعَامِلِ ذَلِكَ إِلاَّ بِقِيَامِ رَبِّ العَمَلِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ تَوفِيرِ المُعَدَّاتِ، وإِحْضَارِ مَا يَلْزَمُ لِلْعَمَلِ وسَلاَمَتِهِ مِنَ الأَجْهِزَةِ والأَدَواتِ، إِنَّ العَامِلَ مَخلُوقٌ مُكَرَّمٌ فِي الإِسلاَمِ، لاَ تُعَرَّضُ حَياتُهُ وصِحَّتُهُ لِلْخَطَرِ ولاَ يُضَامُ، وإِذَا مَا تَعَرَّضَتْ صِحَّتُهُ لِمَرَضٍ أَو إِصَابَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ، فَإِنَّ يَدَ العِلاَجِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَمْدودَةً، فَتَوفِيرُ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، وتسَهِيلُ الخِدْمَاتِ العِلاَجِيَّةِ، حَقٌّ أَسَاسِيٌّ مِنَ الحُقُوقِ العُمَّالِيَّةِ، وَلَنَا فِي رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  المَثَلُ الأَعلَى، والقُدوَةُ الرَّائِعَةُ المُثْلَى، فَقَدِ اهتَمَّ -صلى الله عليه وسلم-  بِصِحَّةِ العَامِلينَ حَولَهُ بَلْ وَوِقايَتِهمْ مِنَ المَهَالِكِ، ولَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ ذَلِكَ شَاغِلٌ ولَو كَانَ فِي مَعْمَعَةِ المَعَارِكِ، فَقَدْ كَانَ يَتْبَعُهُ -صلى الله عليه وسلم-  فِيها فَرِيقٌ مُتَكامِلٌ لِلتَّعامُلِ مَعَ الإِصَابَاتِ، وتَطْبِيبِ مَنْ يَتَعَرَّضُ مِنْ جُنْدِهِ لِلْجِراحَاتِ، بَلْ إِنَّنَا نَجِدُ فِي تَارِيخِنَا الإِسلاَمِيِّ المَجِيدِ، ومَنْهَجِ سَلَفِنَا السَّدِيدِ، اهتِماماً بِالفَردِ الذِي يَعِيشُ فِي مُجتَمَعَاتِنَا، والإِنْسَانِ الذِي يَحْيَا فِي أَوسَاطِنَا، وإِنِ اختَلَفْنَا مَعَهُ فِي الأَفْكَارِ والمُعتَقَداتِ، وتَبَاينَّا مَعَهُ فِي الرُّؤَى والتَّصَوُّراتِ، فَقَدْ رُوِيَ (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رَأَى شَيْخاً مِنْ غَيْرِ المُسلِمينَ يَسأَلُ النَّاسَ، فَسأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَعَرَفَ أَنَّ الشَّيْخُوخَةَ والحَاجَةَ أَلجَأَتْاهُ إِلَى ذَلِكَ، فَأَخَذَهُ وذَهَبَ بِهِ إِلَى خَازِنِ بَيْتِ مَالِ المُسلِمينَ، وأَمَرَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ ولأَمثَالِهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ مَا يَكْفِيهِمْ ويُصْلِحُ شَأْنَهُمْ، وقَالَ فِي ذَلِكَ: مَا أَنْصَفْنَاهُ إِذْ أَخَذْنَا مِنْهُ شَابّاً، ثُمَّ نَخْذُلُهُ عِنْدَ الهَرَمِ)، فَلَئِنْ كَانَ هَذَا التَّعامُلُ مَعَ غَيْرِ المُسلِمِ؛ فَكَيْفَ بِالعَامِلِ المُسلِمِ الذِي أَفْنَى شَبَابَهُ وقُوَّتَهُ فِي خِدْمَةِ مُجتَمَعِهِ، وَسَاهَمَ فِي بِنَاءِ مُنشَآتِهِ، ورَفْعِ مُستَوى إِنْتَاجِيَّاتِهِ، إِنَّ ضَمانَ الحَيَاةِ الكَرِيمَةِ لِلْعَامِلِ فِي شَيْخُوخَتِهِ، وتَوفِيرَ الحَيَاةِ السَّعِيدَةِ لَهُ عِنْدَ إِصَابَتِهِ مَطْلَبٌ إِنْسَانِيٌّ، وَوَاجِبٌ يَفْرِضُهُ دِينُنُا الإِسلاَمِيُّ.
   فَاتَّقوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واحفَظُوا حُقُوقَ العَامِلينَ، وأَدُّوا بِلاَ مُمَاطَلَةٍ أُجُورَ الكَادِحينَ، تَكُونُوا وإِيَّاهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الهَانِئينَ، وفِي الآخِرَةِ مِنَ الفَائزِينَ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (9).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
                                            
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
                                            
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة الملك / 15 .
(2) سورة النساء / 29 .
(3) سورة القصص / 27-28 .
(4) سورة المائدة / 1 .
(5) سورة الطلاق / 6 .
(6) سورة البقرة / 172 .
(7) سورة النحل / 81 .
(8) سورة الانبياء / 80 .
(9) سورة الأحزاب / 56 .