مَعَالِـم لـِتَنمِيَـةِ الأَموالِ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
12/07/2008
طبة الجمعة بتاريخ 15 رجب 1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مَعَالِـم لـِتَنمِيَـةِ الأَموالِ
   الحَمْدُ للهِ الذِي أَحكَمَ شَرِيعتَهُ لإِصلاَحِ الكَوْنِ إِحكَاماً، وَجَعَلَ المَالَ لِلنَّاسِ قِياماً، سُبْحَانَهُ هُوَ المُدَبِّرُ الحَكِيمُ، السَّمِيعُ العَلِيمُ، أَحْمَدُهُ تَعالَى بِمَا هُوَ لَهُ أَهلٌ مِنَ الحَمْدِ وأُثْنِي عَلَيْهِ، وأَستَغْفِرُهُ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وأَتُوبُ إِلَيْهِ، وأُومِنُ بِهِ وأَتَوكَّلُ عَلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ومَنْ يُضلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأََشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ والأَمْرُ، والخَلْقُ والقَهْرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، أَرسَلَهُ اللهُ بَشِيراً وَنَذِيراً، ودَاعِياً إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وكَشَفَ اللهُ بِهِ الغُمَّةَ، -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، ومَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ، وَدَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.   أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُم -عِبَادَ اللهِ- بِتَقْوَى اللهِ، والعَمَلِ بِمَا فِيهِ رِضَاهُ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))(1)، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ))(2)، واعلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ تَعالَى- أَنَّ مِنْ خَصَائصِ هَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ أَنَّ العَقِيدةَ فِيهِ تُهَيْمِنُ عَلَى كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَواحِي الحَيَاةِ، وتُوَجِّهُ كُلَّ دَقِيقَةٍ وجَلِيلَةٍ مِنْ شُؤونِها تَوجِيهَ إِرْشَادٍ وإِصلاَحٍ، وهَيْمنَةَ ضَبْطٍ وإِعْمَارٍ، يَقُولُ الحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى: ((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ))(3)، وَلَيْسَ الدِّينُ مُجَرَّدَ نَظَرِيَّاتٍ وقَوانِينَ تَنأَى بِالفَرْدِ عَنِ الوَاقِعِ، بَل هُوَ إِصْلاَحٌ عَمَلِيٌّ تَطِبيقِيٌّ لِلْحَياةِ الدُّنْيَا، وَرَبْطٌ بَيْنَها وَبَيْنَ الآخِرَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ المُسلِمُ مَوصُولاً بِالمَنْهَجِ التَّشْرِيعِيِّ الرَّبَّانِيِّ، يَقُولُ الحَقُّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ((لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))(4)، ومِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ جَاءَتِ النُّصُوصُ القُرآنِيَّةُ والنَّبَوِيَّةُ الكَثِيرَةُ التِي تُبَيِّنُ أَهمِّيَّةَ المَالِ فِي حَيَاةِ الفَرْدِ والأُمَّةِ، بَلْ قُدِّمَ ذِكْرُ المَالِ عَلَى النَّفْسِ فِي مُعظَمِ الآيَاتِ، كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ العِنَايَةِ بِالمَالِ وتَثْمِيرِهِ وتَنْمِيَتِهِ، حَتَّى تَكَونَ الأُمَّةُ قَادِرةً عَلَى البِنَاءِ والتَّقَدُّمِ والتَّطَوُّرِ والرُّقِيِّ والحَضَارَةِ، يَقُولُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ((وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا))(5)، فَقَدْ وَصَفَ اللهُ تَعالَى المَالَ بِأَنَّهُ قِيَامٌ، وهَذَا يَعْنِي أَنَّ المُجتَمَعَ لاَ يَقُومُ ولاَ يَتَحَرَّكُ إِلاَّ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: ((وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا)) وَلَمْ يَقُلْ: مِنْها، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْوالَ المَحْجُورِ عَلَيْهِمْ مِنَ السُّفَهاءِ وَنَحْوِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ تُثَمَّرَ وتُنَمَّى حَتَّى لاَ تَنْفَدَ رُؤُوسُ أََمْوالِهِم، كَمَا أَنَّ إِيجَابَ الزَّكَاةِ فِي الأَمْوالِ يَدفَعُ أَصْحَابَها إِلَى التِّجَارَةِ وتَحْرِيكِ هَذِهِ الأَمْوَالِ، لأَنَّهم إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ أَكَلَتْها الصَّدَقَةُ والنَّفَقَةُ، ولِهَذَا كَانَ تَنْمِيَةُ الأَمْوَالِ وتَثْمِيرُها مَقْصِداً مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، يَقُولُ تَعَالَى: ((كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ))(6)، وَيقُولُ أَيضَا: ((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا))(7)، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّنَا أَنَّ عَلَى الأُمَّةِ أَنْ تَقُومَ بِتَنْمِيَةِ أَمْوالِها حَتَّى يَتَحَقَّقَ لِلأَفْرَادِ حَدُّ الكِفَايَةِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الغِنَى، فَكَيْفَ وقُوَّةُ المُجتَمَعِ والأُمَّةِ إِنَّما هِيَ بِقُوَّةِ أَفْرَادِها، لاَ سِيَّمَا فِي مَنْهَجِ الإِسلاَمِ فِي الاقتِصَادِ الذِي يُوازِنُ بَيْنَ حُقُوقِ الفَرْدِ وحُقُوقِ الجَمَاعَةِ.
   أَيُّها المُؤمِنونَ:
   إنَّ لِتَنْمِيَةِ الأَمْوالِ فِي الإِسلاَمِ خَصَائصَ ومَعَالِمَ تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ، مَصْدَرُها العَقِيدَةُ التِي تُوَجِّهُ كُلَّ سُلُوكٍ لِلْمُسلِمِ، فِي أَخْذِهِ وعَطَائهِ، وفِي بَيْعِهِ وشِرَائِهِ، وفِي كَسْبِهِ وإِنْفَاقِهِ، فَالمُسلِمُ يَنْطَلِقُ مُعتَقِداً أَنَّ المَالَ مَالُ اللهِ تَعَالَى، وأَنَّهُ مُستَخلَفٌ فِيهِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ))(8)، ولِذَا يَضَعُ فِي اكتِسَابِهِ وإِنْفَاقِهِ وتَنْمِيَةِ أَمْوالِهِ رِضَا اللهِ تَعَالَى نُصْبَ عَيْـنَيْهِ، كَمَا جَاءَ فِي وَصْفِ عِبادِ اللهِ الأَبْرارِ: ((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً))(9)، والإِسلاَمُ دِينٌ يَكْفُلُ الرَّحْمَةَ والمُسَاواةَ، ويَنْشُرُ العَدْلَ والأَمَانَ، ويَتَجَلَّى ذَلِكَ فِي المُعَامَلاَتِ المَالِيَّةِ فِي الإِسلاَمِ، إِذْ مِنْ أَبْرَزِ مَعَالِمِها قِيَامُهَا عَلَى المَبَادِئِ والقِيَمِ والأَخلاَقِ، فَفِي سَبِيلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الإِسلامُ الحِيَلَ والغِشَّ والاستِغلالَ والتَّدلِيسَ، قَالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  : ((مَنْ غَشَّنا فَلْيسَ مِنِّا))، وحَرَّمَ التَّدلِيسَ كَمَا فِي النَّجَشِ وهُوَ المُزَايَدَةُ مِمَّنْ لاَ يُرِيدُ الشِّراءَ، وبِالمُقَابِلِ أَوجَبَ الإِسلاَمُ أَنْ يَسِيرَ تَثْمِيرُ الأَمْوَالِ عَلَى العَدْلِ، والسَّمَاحَةِ عِنْدَ البَيْعِ والشِّرِاءَ والاقتِضَاءِ، وبَيانِ كُلِّ مَا فِي المَعقُودِ عَلَيْهِ مِنْ عُيُوبٍ، دُونَ كَذِبٍ ولاَ حَلِفٍ ولاَ زُورٍ.
   عِبادَ اللهِ :
   إِنَّ دِينَكُمْ يَضْمَنُ لَكُمُ العَيْشَ الهَانِئَ الكَرِيمَ، ويَرفَعُ عَنْكُمُ الظُلْمَ والمُعَانَاةَ؛ فَلاَ استِغلاَلَ ولاَ احتِكَارَ، بَلْ مُنَافَسَةٌ شَرِيفَةٌ وضَوابِطُ تُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَالإِسلاَمُ -وهُوَ يُشَجِّعُ عَلَى التَّنْمِيَةِ المَالِيَّةِ والرُّقِيِّ فِيَها- يُؤَكِّدُ عَلَى التَّربِيَةِ الرُّوحِيَّةِ والنَّفْسِيَّةِ والأَخْلاَقِيَّةِ، التِي تَزِيدُ فِي كَفَاءَةِ الإِنْسَانِ وقُدُراتِهِ الإِنْتَاجِيَّةِ، فَلاَ يَكُونُ كَلاًّ عَاجِزاً عَالَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  : ((والذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُم حَبْلاً فَيَحتَطِبَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسَ فَيَسأَلُهُمْ أَعْطَوهُ أَو مَنَعُوهُ)) تَوجِيهٌ نَبِويٌّ بَالِغُ الأَثَرِ، يَحُثُّ عَلَى العَمَلِ واكتِسَابِ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
                                            
  *** *** ***
                                            
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ مَنْهَجَ الإِسلاَمِ فِي التَّنمِيَةِ يَهْدِفُ إِلَى الاستِزَادَةِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وإِعْمَارِ الأَرضِ، والانتِفَاعِ بِمَوارَدِها، شَرِيطَةَ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ بِالأَسَالِيبِ المُحَرَّمَةِ كَالرِّشْوَةِ والكَذِبِ والغِشِّ والخِدَاعِ، أَو أَنْ يَقْتَرِنَ ذَلِكَ بِالإِسْرافِ والإِتْلاَفِ وإِضَاعَةِ المَوَارِدِ، فَاللهُ تَعالَى قَدْ ضَرَبَ لَنَا فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ أَمْثِلَةَ أُولِئكَ الذِينَ أَفْسَدُوا فِي الأَرضِ وأَسرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِم، قَالَ تَعَالَى: ((أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ))(10)، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ))(11).
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واعمَلُوا بِمَا يُسْعِدُكُم فِي أَمْرِ دِينِكُمْ ودُنْيَاكُمْ، تَحْمَدُوا عَاقِبَةَ أَمْرِكُمْ، واتَّقُوا اللهَ فِي سَرِيرَتِكُمْ وعَلاَنِيَتِكُمْ، ((وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ))(12).
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (13).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
              
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة آل عمران / 102 .
(2) سورة الحشر/ 18  .
(3) سورة القصص / 77 .
(4) سورة البقرة/ 177
(5) سورة النساء / 5 .
(6) سورة الحشر / 7 .
(7) سورة هود / 61 .
(8) سورة الحديد / 7 .
(9) سورة الإنسان / 8-9 .
(10) سورة الشعراء  / 128 .
(11) سورة المؤمنون / 115 .
(12) سورة البقرة / 281.
(13) سورة الأحزاب / 56 .