نمَاذِجُ مِنَ التربيـَةِ الـنـَّبَوِيـَّةِ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
02/08/2008

خطبة الجمعة بتاريخ 6 شعبان 1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نمَاذِجُ مِنَ التربيـَةِ الـنـَّبَوِيـَّةِ
   الحَمْدُ للهِ الذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ رَسُولاً، وأَرْسَلَهُ إِلَى الفَضِيلَةِ دَاعِياً ودَلِيلاً، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِمَامُ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ، وقُدْوَةُ المُرشِدِينَ والمُرَبِّينَ، -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الذِينَ أَتْقَنُوا عَلَى يَدَيْهِ فَنَّ التَّرْبِيَةِ، وعَرَفُوا بِالقُرآنِ مَعنَى التَّزكِيَةِ، صَلاَةً وَسَلاَماً دَائمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبادَ اللهِ :
   إِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ نَبِيِّهِ ومُصطَفَاهُ، فَاتَّقُوا اللهَ -رَحِمَنِي اللهُ وإِيَّاكُم-، فَفِي التَّقوَى صَلاَحُ دِينِكِمْ ودُنْيَاكُم، ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً))(1)، وتَفَيَّؤُوا -مَعَاشِرَ المُسلِمينَ، وجُمُوعَ الآبَاءِ والمُربِّينَ- ظِلاَلَ المَدْرَسِةِ النَّبَوِيَّةِ، -عَلَى صَاحِبِها أَفْضَلُ صَلاَةٍ وأَزكَى تَحِيَّةٍ- فَهِيَ مَدْرَسةُ الأَخْلاَقِ والفَضَائِلِ، وتَربِيَةُ المَحامِدِ والشَّمَائلِ، حَيْثُ المَنْهَجُ الرَّائعُ البَدِيعُ، وأُسلُوبُ التَّرقِيَةِ الرَّاقِي الرَّفِيعُ، فَقَدْ كَانَ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ مُرَبٍّ وأَفْضَلَ مُرْشِدٍ، أَتْقَنَ فِي تَربِيَتِهِ العَمَلَ والخِطَابَ، وفَتَحَ لِطُلاَّبِ القِمَمِ كُلَّ مَسْلَكٍ وبَابٍ، والمُتَتَبِّعُ لِمَنْهَجِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي التَّربِيَةِ يَجِدُ أَنَّهُ اهتَمَّ بِبِنَاءِ الأَجْسَامِ وتَربِيَتِها، وبِصَقْلِ الأَذْهَانِ وتَنْمِيَتِها، فَقَدِ اهتَمَّ اهتِماماً عَالِياً بِالتَّربِيَةِ الجَسَدِيَّةِ، وأَرشَدَ إِرشَاداً وَاضِحاً إِلَى العِنَايَةِ بِاللِّيَاقَةِ البَدَنِيَّةِ، فَوَجَّهَ أَتْبَاعَهُ إِلَى الغِذَاءِ الصِّحِّيِّ المُفِيدِ، وَفْقَ مَنْهَجٍ وَسَطٍ سَدِيدٍ، فَنَهاهُمْ عَنِ الأَطْعِمَةِ الضَّارَّةِ، وأَمَرَهُمْ بِالاعتِدَالِ فِي تَنَاولِ الأَغْذِيَةِ النَّافِعَةِ السَّارَّةِ، قَالَ تَعالَى فِي وَصفِهِ: ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(2)، وَعَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((مَا مَلأَ ابنُ آدَمَ وِعَاءً شَرَّاً مِنْ بَطْنِهِ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ فَاعِلاً لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ))، وهُوَ مِصْدَاقٌ لِقَولِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ))(3)، بَلْ إِنَّ المُتَتَبِّعَ لِسُنَّةِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-  يَجِدُ إِرشَادَاتٍ دَقِيقَةً فِي عَمَلِيَّةِ التَّغْذِيَةِ، بَهَرَتِ العِلْمَ الحَدِيثَ بِنَتَائِجِها، وأَوصَى بِهَا الأَطِبَّاءُ لِعظَمِ فَوائِدِها.
   أيُّهَا المُسلِمُونَ :
   إِنَّ قُوَّةَ الجَسَدِ هَدَفٌ مِنْ أَهدَافِ التَّربِيَةِ فِي الإِسلاَمِ، لِذَا جَاءَتْ نُصُوصُهُ حَاثَّةً عَلَى كُلِّ مَا يُسَاعِدُ عَلَى القُوَّةِ الجَسَدِيَّةِ، ويَصقُلُ الطَّاقَةَ البَدَنِيَّةَ، فَقَدْ جَعَلَها القُرآنُ رَدِيفَةً فِي المَدْحِ لِلْمَلَكَةِ العِلْمِيَّةِ، قَالَ تَعالَى فِي شَأْنِ طَالُوتَ الذِي اختَارَهُ مَلِكاً عَلَى قَوْمِهِ: ((قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))(4)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعالَى مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ، اِحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ واستَعِنْ باِللهِ ولاَ تَعْجِزْ))، وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ -صلى الله عليه وسلم- حَثُّ أُمَّتِهِ عَلَى النَّافِعِ مِنَ الأَلْعَابِ، فَالرِّيَاضَةُ وَسِيلَةٌ لِتَحقِيقِ الصِّحَّةِ والقُوَّةِ البَدَنِيَّةِ لأَفْرَادِ الأُمَّةِ، وَمَرْغُوبَةٌ بِحَقٍّ عِنْدَمَا تُؤدِّي إِلَى هَذِهِ النَّتَائِجِ، وَلَقَدْ حَرَصَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى خَلْقِ رُوحِ المُنَافَسَةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي الرِّيَاضَةِ النَّافِعَةِ، وفِي فَتْحِ أَبْوابِ المَعَارِفِ الوَاسِعَةِ، وهُوَ مَا يُسَمَّى اليَوْمَ بِنَشَاطِ المُسَابَقَاتِ، فَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ -أَيْ: يَستَبِقُونَ في الرَّمْيِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((اُرْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِياً))، وَمِنْ لَطَائفِ هَدْيِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا المَجَالِ اهتِمَامُهُ بِهِ فِي نِطَاقِ أُسْرَتِهِ، فَعَنْ عَائشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أَنَّها كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَـقْتُهُ عَلَى رِجْلِي، فَلَمَّا حَمَلْتُ الَّلحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: ((هَذِهِ بِتِلْكَ))، وهُنَا يَظْهَرُ بُعْدٌ آخَرُ لِلرِّيَاضَةِ فِي الإِسلاَمِ، فَهِيَ مَعَ مَا فِيها مِنْ بِنَاءٍ وقُوَّةٍ لِلأَجْسَامِ، فَإِنَّها بِمَا يَتَخلَّلُها مِنَ المُلاَطَفَةِ تَبْعَثُ عَلَى الرَّاحَةِ والاستِجْمَامِ، وتَحقِيقِ التَّوازُنِ بَيْنَ مُتَطَلَّبَاتِ الإِنْسَانِ الرُّوحِيَّةِ والعَقلِيَّةِ والبَدَنِيَّةِ، كَمَا أَنَّها تُسْهِمُ فِي تَنْمِيَةِ الذَّوْقِ والمَوْهِبَةِ، وتُهَيِّئُ لِلإِبْدَاعِ والابْتِكَارِ، مِنْ هُنَا تَظْهَرُ أَهَمِّيَّةُ تِلْكَ المَوَاقِفِ العِلْمِيَّةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، التِي تُسْهِمُ فِي تَفْعِيلِ الطَّاقَاتِ الذِّهنِيَّةِ، وخَلْقِ رُوحِ البَحْثِ فِي صُورَةٍ تَنَافُسِيَّةٍ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُها، وهِيَ مِثْلُ المُسلِمِ؛ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّها النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَاستَحْيَيْتُ، فَقَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرنَا بِها، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: هِيَ النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَها أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذا))، وفِي رِوَايَةٍ أُخْرى: ((فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشْرَةٍ، أَنَا أَحْدَثُهُمْ -أَي أَصْغَرُهُمْ-))، إِنَّ الطَّالِبَ وهُوَ فِي مُقْتَبَلِ العِلْمِ قَدْ يَحُولُ الخَوْفُ والتَّردُّدُ والحَيَاءُ بَينَهُ وبَيْنَ السُّؤَالِ، لِذَا كَانَ مِنْ هَدْيِهِ -صلى الله عليه وسلم- تَشْجِيعُ أَصْحَابِهِ عَلَى طَرْحِ المُفِيدِ مِنَ الاستِفْسَارَاتِ، والثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ بِأَطْيَبِ الكَلِمَاتِ وأَرَقِّ العِبَارَاتِ، تَشْجِيعاً لَهُم عَلَى طَلَبِ العِلْمِ، وحَثّاً عَلَى الاستِفَادَةِ والفَهْمِ، ولاَ شَكَّ أَنَّ لِذَلِكَ التَّرغِيبِ دَوْراً كَبِيراً فِي إِيجَادِ الحَمَاسَةِ لَدَى طَالِبِ العِلْمِ لِلتَّعلُّمِ، والاستِزَادَةِ مِنْ يَنَابِيعِهِ، بَل التَّفَوُّقِ عَلَى الأَقْرَانِ، وَبَذْلِ المَزِيدِ مِنَ الحِرْصِ والاجتِهادِ.
   أيُّها المُؤمِنُونَ :
   إِذَا كَانَتْ تِلْكَ بَعْضَ الأُسُسِ الرَّائِعَةِ فِي الهَدْيِ التَّربَوِيِّ النَّبَوِيِّ، فَإِنَّنَا نَجِدُ فِيهِ تَنَوُّعَ الأُسلُوبِ والطَّرِيقَةِ، التِي يَتِمُّ بِها إِيصَالُ المَعلُومَةِ وإِثْبَاتُ الحَقِيقَةِ، مَعَ اختِيَارٍ لِكُلِّ مَوقِفٍ مَا يُنَاسِبُهُ بِصُورَةٍ دَقِيقَةٍ، فَمِنَ التَّربِيَةِ بِالقِصَّةِ -كَمَا فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ وقِصَّةِ الثَّلاَثَةِ الذِينِ آوَاهُمُ المَبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَعوا اللهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِهِم، وغَيْرِها- إِلَى التَّربِيَةِ بِالمِثَالِ لِيَسْهُلَ عَلَى طَالِبِ المَعْرِفَةِ فَهْمُها، فَعَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ:((مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ والوَاقِعِ فِيَها كَمَثَلِ قَوْمٍ استَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ؛ فَكَانَ بَعْضُهُمْ أَسفَلَها وكَانَ بَعْضُهُمْ أَعلاَهَا، وكَانَ الذِينَ فِي أَسفَلِها إِذَا استَقوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوقَهُمْ فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أََيْدِيهِمْ نَجوا ونَجوا جَمِيعاً، وإِنْ تَركُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً))، مَعَ مُرَاعَاتِهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلْفُروقِ الفَرْدِيَّةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وحِرْصِهِ عَلَى إِشْبَاعِ نَهَمِ المَوهُوبِينَ مِنْهُم، وفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ مَنْهَجَهُ العِلْمِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ عَلَى تَعلِيمِ مَا تَحتَاجُ إِلَيهِ الأُمَّةُ فِي جَمِيعِ مَجَالاَتِها الدِّينِيَّةِ والدُّنْيَوِيَّةِ، وهُوَ مَا يُسَمَّى فِي التَّربِيَةِ الحَدِيثَةِ بـ((مُرَاعَاةِ حَاجَةِ سُوقِ العَمَلِ)) فِي إِعْدَادِ البَرَامِجِ العِلْمِيَّةِ، والتَّخْطِيطِ لِلْمنَاهِجِ التَّربَوِيَّةِ، عَلَى أَنَّ اعتِنَاءَهُ -صلى الله عليه وسلم- بِتَربِيَةِ أُمَّتِهِ لَمْ يَكُنْ مُقْتَصِراً عَلَى فِئَةٍ مِنَ الفِئَاتِ، ولاَ مَحْصُوراً فِي طَبَقَةٍ مِنَ الطَّبَقَاتِ، فَكَانَ يُعلِّمُ الصَّغِيرَ والكَبِيرَ، والرَّجُلَ والمَرأَةَ، والذَّكِيَّ وضَعِيفَ الفَهْمِ، كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ جَمِيعاً عَلَى مُختَلِفِ مُستَوَيَاتِهِمْ، وتَبَايُنِ طِبَاعِهِمْ وأَجنَاسِهِمْ، مَعَ تَنْوِيعٍ فِي صُوَرِ التَّعلِيمِ، فَتَارَةً يَكُونُ بِصُورَةٍ جَمَاعِيَّةٍ، ورُبَّما استَدْعَى الأَمْرُ أَنْ يَكُونَ بِصُورَةٍ فَرْدِيَّةٍ، فَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّصُوصِ نَقْرأُ: ((كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- جَالِساً مَعَ أَصْحَابِهِ))، ((وبَيْنَما كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)) فَهَذَا أنْمُوذَجٌ لِلتَّعلِيمِ الجَمَاعِيِّ، وأَمَّا التَّعلِيمُ الفَردِيُّ فَنَماذِجُهُ كَثِيرَةٌ، ومِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ -رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِم-: ((أَوصَانِي -صلى الله عليه وسلم- بِكَذَا))، إِنَّها فَلْسَفَةُ التَّعلِيمِ لِلْجَمِيعِ، لِصَاحِبِ الخُلُقِ الرَّفِيعِ، والمَنْهَجِ الرَّبَّانِيِّ البَدِيعِ -صلى الله عليه وسلم- ، وَقَدْ نَالَتِ المَرأَةُ حَظَّاً وَاسِعاً مِنَ اهتِمَامِهِ، فَحِينَ صَلَّى العِيدَ -صلى الله عليه وسلم- اتَّجَهَ إِلَى النِّسَاءِ فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، وتَجَاوَزَ الأَمْرُ استِغْلاَلَ اللقِاءَاتِ العَابِرَةِ، بَل الجَمِيعُ يَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ مِنَ التَّعلِيمِ بِصُورَةٍ وَافِرَةٍ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ((أنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: اِجْعَلْ لَنَا يَوْماً مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْماً لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ))، سُبْحَانَ اللهِ! يَطْلُبْنَ مِنْ أَشْرَفِ الخَلْقِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْماً دِرَاسِيّاً خَاصّاً بِهنَّ، فَيُسَارِعُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- إِلَى تَلْبِيَةِ طَلَبِهِنَّ، ويُجِيبُ بِأَروَعِ أُسلُوبٍ عَلَى أَسئلَتِهِنَّ، مَا أَرفَعَ هَذَا الخُلُقَ فِي المُعَامَلَةِ، ومَا أَرَقَّ هَذَا الحَنَانَ الأَبَوِيَّ التَّربَوِيَّ، وَصَدَقَ اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى حِينَ قَالَ: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ))(5).
   أيُّها المُسلِمُونَ :
   إِنَّ استِعْمَالَ الوَسَائِلِ التَّعلِيمِيَّةِ مَبدأٌ مِنْ مَبَادِئ التَّعلِيمِ، وهُوَ مَنْهَجٌ مِنْ مَنَاهِجِ نَبِيِّنَا الكَرِيمِ -عَلَيْهِ مِنَ اللهِ أَفْضَلُ صَلاَةٍ وأَزكَى تَسلِيمٍ-، فَمَعَ نُدْرَةِ هَذِهِ الوَسَائِلِ فِي عَصْرِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ أَجَادَ استِخْدَامَ المُتَاحِ مِنْهَا فِي نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَّ خَطَّاً مُستَقِيماً أَمَامَهُ فَقَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللهِ))، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وخَطَّيْنِ عَنْ شِمَالِهِ وَقَالَ: ((هَذَه سُبُلُ الشَّيْطَانِ))، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الخَطِّ الأَوسَطِ وتَلاَ: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))(6)، وَمَعَ هَذَا تَمَيَّزَ المَنْهَجُ التَّربَوِيُّ النَّبَوِيُّ بِالتَّدرُّجِ فِي التَّربِيَةِ والتَّعلِيمِ، والتَّتالِي فِي التَّهْذِيبِ والتَّقوِيمِ، وَفْقاً لِلْقُدُراتِ والحَاجَاتِ، فَالتَّربِيَةُ عَلَى تَرْكِ المَنْهِيَّاتِ، قَدْ تَحتَاجُ إلى مَراحِلَ مُتَعدِّدَةٍ وكَثِيرٍ مِنَ الأَوقَاتِ، وَكَذَلِكَ الأَمْرُ فِي أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ، فَقَدْ كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يُتِيحُ لِكُلِّ عِبَادَةٍ الوَقْتَ الكَافِيَ لِتَعلُّمِها، إِذِ العِبَادَاتُ تَخْتَلِفُ فِي المُدَّةِ اللاَزِمَةِ لإِتْقَانِها، حَتَّى ولَوِ احتَاجَ الأَمْرُ إلى مُدَّةٍ رُبَّما تَبْدُو طَوِيلَةً، فَإِتْقَانُ العِبَادَةِ هُوَ اللائِقُ بِمَنْزِلَتِها الجَلِيلَةِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واقتَدُوا بِنَبِيِّكُمْ فِي تَربِيَتِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ وأَولاَدِكُمْ، تَهنأْ بِذَلِكَ حَيَاتُكُمْ، ويُصلِحِ اللهُ مُنقَلَبَكُمْ ومَآلَكُمْ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ النَّفْسَ البَشَرِيَّةَ أَشْبَهُ بِالمَعْدِنِ الصُّـلْبِ، فَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى تَهْيِئَةٍ صَحِيحَةٍ وَجَوْدَةِ إِعْدَادٍ لِفِعْلِ الخَيْرِ، فَالتَّهيئَةُ النَّفْسِيَّةُ تَدفَعُ الأَفْرَادَ إِلَى تَحقِيقِ أَعلَى مُعَدَّلاَتِ الإِنْجَازِ، لأَنَّها تُسْهِمُ فِي تَطْوِيعِ النَّفْسِ وتَرويضِها، ودَفْعِها لإِنْجَازِ الأَفْعَالِ التِي قَدْ تَستَثْقِلُها ولاَ تَستَسيِغُها، إِنَّها تَستَنْهِضُ هِمَمَ الأَفْرَادِ وتَجَعَلُهُمْ يُخْرِجُونَ الطَّاقَاتِ المَخْبُوءَةَ دَاخِلَهُمْ، ولَقَدْ أَتْقَنَ -صلى الله عليه وسلم- تَهْيِئَةَ النُّفُوسِ لِقَبُولِ الحَقِّ نَظَرِيّاً وَعَمَلِيّاً، فَأَنْتَجَ بِذَلِكَ مُجتَمَعاً صَالِحاً سَوِيَّاً، ومَا أَرْوَعَ تِلْكَ التَّهْيئَةَ حِينَ أَرَادَ الجَهْرَ بِدَعْوَتِهِ، بَعْدَ أَنَّ أَمَرَهُ اللهُ بإِنْذَارِ عَشِيرَتِهِ، والصَّدْعِ بِصَادِقِ رِسَالَتِهِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ))(7) صَعِدَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  عَلَى الصَّفَا؛ فَجَعَلَ يُنَادِي بُطُونَ قُرَيْشٍ حَتَّى اجتَمَعوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَستَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ فِي الأَمْرِ، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ-: ((أَرأَيْتُمْ لَو أَخْبَرتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِبَطْنِ الوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ -أََي جَيْشٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ أَنْ يُهَاجِمَكُم- أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيّ؟)) قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيكَ كَذِباً، قَالَ: ((إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ))، وفِي الجَانِبِ العَمَلِيِّ مِنْ تَهْيِئَةِ النُّفُوسِ نَجِدُ الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- -وهُوَ القُدْوَةُ لأُمَّتِهِ- يُكْثِرُ مِنَ الصَّوْمِ فِي شَعْبانَ مَا لاَ يَصُومُ فِي غَيْرِهِ مِنْ شُهُورِ العَامِ، استِعْدَاداً لِصَوْمِ رَمَضَانَ، فَعَنْ أُمِّ المُؤمِنينَ عَائشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأْيتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- استَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكَثَرَ صِياماً مِنْهُ فِي شَعْبَان))، وعَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النّاسُ عَنْهُ بَــيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِم))، إِنَّها عَظَمَةُ الرَّسُولِ المُرَبِّي -صلى الله عليه وسلم- ، وبَركَاتُ التَّهْيِئَةِ النَّفْسِيَّةِ التِي كَانَ يُجِيدُها بِرَوائِعِ مَنْهَجِهِ التَّربَوِيِّ.
   فَاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واحْرِصُوا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا عَلَى مَا سَنَّ لَكُمْ رَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الصِّيَامِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ مَطْهَرَةٌ مِنَ الآثَامِ، واقتَدُوا بِنَبِيِّكُمْ فِي تَربِيَتِهِ، والزَمُوا الاقتِفَاءَ بِنَهْجِهِ وسُنَّتِهِ، تَتَشَرَّفُوا فِي الجَنَّةِ بِمُرَافَقَتِهِ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (8).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
                                            
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
                                            
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة النساء / 1 .
(2) سورة الأعراف / 157 .
(3) سورة الأعراف / 31 .
(4) سورة البقرة / 247 .
(5) سورة الأنبياء / 107 .
(6) سورة الأنعام / 153 .
(7) سورة الشعراء / 214 .
(8) سورة الأحزاب / 56 .
آخر تحديث ( 02/08/2008 )