خُـطْـبَةُ عِيدِ الأضْحَى الُمبَارَك |
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء
|
01/12/2008 |
خطبة عيد الأضحى المبارك بتاريخ 10 ذي الحجة 1429هـ بسم الله الرحمن الرحيم خُـطْـبَةُ عِيدِ الأضْحَى الُمبَارَك اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ. اللهُ أَكْبَرُ مَا عَمَّتْ فَرْحَةُ العِيدِ بُيُوتَ المُسلِمِينَ، اللهُ أَكْبَرُ مَا لبَّى مُلَبٍّ نِدَاءَ رَبِّ العَالَمِينَ، اللهُ أَكْبَرُ مَا كَبَّرَ حَاجٌّ عَلَى صَعِيدِ عَرَفَاتٍ، اللهُ أَكْبَرُ مَا مَشَتْ قَدَمٌ إِلَى طَرِيقِ الجَنَّاتِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا تَآخَتِ الأُمَّةُ بِأُخُوَّةِ الإِيمَانِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا كَانَ العِيْدُ مُنْطَلَقًا لِحَيَاةٍ تَملَؤُهَا الرَّحْمَةُ وَالحَنَانُ. اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَصَلاةً وَسَلاَمًا عَلَى المَبْعُوثِ بِالهُدَى بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابِعيهِ دَرْبًا وَمَسِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَ اللهِ تَفُوزُوا بِالنَّعِيمِ الخَالِدِ فِي جَنَّةِ المَأْوَى، واعلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمُ غِبْطَةٍ وَسُرُورٍ، وَفَرَحٍ وَحُبُورٍ، شَرَعَهُ اللهُ لَكُمْ عِيْدًا تَفْرَحُونَ بِقُدُومِهِ كُلَّ عَامٍ، فَيُزِيحُ رُكَامَ الأَحْزَانِ وَالآلاَمِ، وَيَجلُو بِضِيَائِهِ سَتَائِرَ الظَّلاَمِ، يُطِلُّ عَلَيْـكُمْ بِحُلَلِهِ البَهِيَّةِ، وَأَنْوَارِهِ السَّـنِيَّةِ، وَنَفَحَاتِهِ الطَّيِّبَةِ الشَّذِيَّةِ، بَعْدَ يَوْمٍ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَيَّامِ المَلِكِ الكَرِيمِ، أَلاَ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ العَظِيمُ، الذِي يَجتَمِعُ فِيهِ ضُيوفُ الرَّحْمَنِ، مُلَبِّينَ نِدَاءَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - تَحُفُّهُمْ مِنَ اللهِ العِنَايَةُ وَالتَّوفِيقُ، فَيَقِفُونَ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يَدْعُونَ رَبًّا وَاحِدًا، وَيُرَدِّدُونَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: ( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ )، ذَلِكَ اليَوْمُ الذِي أَكْرَمَ اللهُ فِيهِ البَشَرِيَّةَ فَأَكْمَلَ لَهُمْ فِيهِ شَرِيعَتَهُ القَيِّمَةَ، بِنُزُولِ قَولِهِ عَزَّ مِنْ قَائلٍ: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا))(1)، فَانْطَلَقَ المُسلِمُونَ مُستَمْسِكِينَ بِحَبْـلِ اللهِ المَتِينِ، وَطَفِقُوا يَنْشُرُونَ تَعَالِيمَ الإِسلاَمِ السَّمْحَةَ فِي العَالَمِينَ، مُتَّخِذِينَ مِنَ الحِوارِ المُستَنِيرِ وَالنِّقَاشِ البَنَّاءِ وَسِيلَةً لإِبْلاَغِ الرِّسَالَةِ وَإِيصَالِ الكَلِمَةِ، فَكَانَ لِدْعَوَتِهِمُ القَبُولُ، وَكَتَبَ اللهُ لَهُمُ العِزَّ وَالتَّمْـكِينَ، فَكَانُوا بِحَقٍّ أُمَّةً وَسَطًا بَيْنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، ذَاكَ يَوْمُ اكتِمَالِ الدِّينِ، وَيَومُكُمْ هَذَا يَوْمُ اكتِمَالِ نِعْمَةِ فَرَحِ المُسلِمِينَ، فَمَا أَرْوَعَها مِنْ أَيّامٍ عَظِيمَةٍ تَتَالَتْ، وَنِعَمٍ جَلِيلَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَيْكُمْ تَوَالَتْ؛ فَمَا أَجْمَلَ اجتِمَاعَكُمْ فِي هَذَا الصَّعِيدِ، خَرَجتُمْ مُطَبِّـقِينَ لِسُنَّةِ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم- بِأَدَاءِ صَلاَةِ العِيدِ، والَّتِي مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا الصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ، وَالغَنِيُّ وَالفَقَيرُ، وَالرَّجُلُ وَالمَرأَةُ؛ إِقْرَارًا بِالمُسَاوَاةِ التِي رَسَتْ عَلَيْهَا دَعَائِمُ الدِّينِ، وَإِظْهَارًا لِلتَّآلُفِ وَالتَّلاَحُمِ وَالتَّعَاوُنِ وَنَقَاوَةِ القُلُوبِ، خَرَجْـتُمْ بِلِبَاسِكُمُ الجَدِيدِ، وَتَآلُفِكُمُ الفَرِيدِ، تَعْبِيرًا عَنْ قَبُولِكُمْ هَدِيَّةَ رَبِّكُمْ فِي هَذَا اليَوْمِ السَّعِيدِ، شَاكِرِينَ المَولَى عَلَى آلاَئِهِ، مُظْهِرِينَ لِنِعَمِهِ التِي يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَها عَلَى عِبَادِهِ، كَمَا قَالَ نَبِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم- : (( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ ))، فَلْتَسْعَدْ قُلُوبُكُمُ الطَّاهِرَةُ، وَلْتُبَارَكْ أَفْرَاحُكُمُ الزَّاهِرَةُ، وَلْتَكُنْ أَيَّامُكُمْ بِعَبِيرِ الخَيْرِ عَطِرَةً. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ. أََيُّهَا المُؤمِنونَ : فِي هَذَا اليَوْمِ يَتَقرَّبُ المُسلِمُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بِأَضَاحِيهِمْ، بَعْدَ أَدَائِهِمْ لِصَلاَةِ العِيْدِ لِيُبَارِكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَسَاعِيَهُمْ، تَطْبِيقًا لِسُّنَّةِ الهَادِي المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم- حِينَ قَالَ: ((مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْـلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا))، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ طُهْرَةٌ لِنُفُوسِ المُسلِمِينَ، وَتَزكِيَةٌ لِقُلُوبِهِمْ، وَرَمْزٌ لِجَرَيَانِ دِمَاءِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ الصَّادِقَةِ فِي أَفْئِدَتِهِمْ، وَمَا قُصِدَتْ فِي الأَضَاحِي إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ، وَإِنَّمَا زِيَادَةُ التَّقْوَى وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللهِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))(2)، لَقَدْ جَعَلَهَا اللهُ طُهْرَةً لِلْمُسلِمِ مِنَ الآثَامِ وَالأَوْزَارِ، وَتَنْقِيَةً لِقَلْبِهِ مِنَ الشَّوَائِبِ وَالأَكْدَارِ؛ لِذَا كَانَ عَلَى المُضَحِّي أَنْ يَخْتَارَ أُضْحِيتَهُ مِنْ أَجْوَدِ الذَّبَائِحِ، سَلِيمَةً مِنَ العُيُوبِ، خَالِيَةً مِنَ العَاهَاتِ، حتَّى يَنَالَ بِذَلِكَ الخَيْرَ، وَيَرقَى أَعَالِيَ سَلاَلِمِ الصَّلاَحِ وَالبِرِّ، قَالَ المَولَى عَزَّ وَجَلَّ: ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ))(3)، وَلْيُحْسِنْ ذَبْحَ أُضْحِيتِهِ وَفْقَ السُّنَّةِ التِي سَنَّها الشَّرْعُ الحَنِيفُ، فَعَنْ شَدَّادِ بنِ أَوسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( إِذاَ ذَبَحْـتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ))، وَعَلَى المُضَحِّي أَنْ يَحْذَرَ طُرُقَ الذَّبْحِ الخَطَأَ التِي نَهَتْ عَنْهَا السُّـنَّةُ، فَمَنْ جَهِلَ فَلْيَتَعَلَّمْ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ العَارِفِينَ بِالطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ، وَلْيَعْـتَمِدْ عَلَى أَهْـلِ الخِبْرَةِ وَالأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ. عِبَادَ اللهِ : فِي هَذِهِ الأَيّامِ السَّعِيدَةِ، وَبَعْدَ أَنْ يُرْضِيَ المُسلِمُونَ رَبَّهُمْ بِأَضَاحِيهِمْ، تَشْتدُّ القُلُوبُ المُؤمِنَةُ إِلَى بَعْضِهَا، وَتَشْتَاقُ الأَفْئدِةُ الطَّاهِرَةُ لِلِقَاءِ ذَوِيهَا وَخُلاَّنِهَا، فَتَكْثُرُ الزِّيَارَاتُ الوُدِّيَّةُ بَيْنَ الأَقْارِبِ وَالجِيرَانِ وَالإِخْوَةِ مِنَ أَبْنَاءِ المُجتَمَعِ، التِي تُضْـفِي جَوًّا عَبِقًا مِنَ السُّرورِ وَالصَّـفَاءِ، وَالبَهْجَةِ وَالنَّقَاءِ، فَالإِنْسَانُ قَلِيلٌ بِنَفْسِهِ، كَثِيرٌ بإِخْوَانِهِ، كَمَا تُشْرَعُ الهَدَايَا وَالصَّدَقَاتُ، وَإِتْحَافُ الأَطْفَالِ بِمَا يَسُرُّهُمْ، وَيَرْسُمُ الابتِسَامَةَ البَرِيئَةَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، مِنَ الُّلعَبِ الجَمِيلَةِ، وَالهَدَايَا الظَّرِيفَةِ، فَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم- : (( تَهَادَوا تَحَابُّوا ))، وَلِذَلِكَ شَرَعَ اللهُ نَصِيبًا لِلْفُقَرَاءِ مِنَ الأُضْحِيَّةِ، كَمَا شَرَعَ لَهُمْ زَكَاةَ الفِطْرِ فِي عِيدِ الفِطْرِ، فَمِنْ مَعَانِيهَا العَظِيمَةِ أَنَّهَا بِجَرَيَانِهَا مِنْ يَدِ الأَغْنِيَاءِ إِلَى الفُقَرَاءِ تُوقِفُ جَرَيَانَ دُمُوعِ الحُزْنِ، وَتُذْهِبُ آلاَمَ الحَاجَةِ وَهُمُومَ المِحَنِ، فَالإِنْسَانُ اجتِمَاعِيٌّ بِطَبْعِهِ، وَحِينَ يَمتَلِئُ بِمَعَانِي الإِنْسَانِيَّةِ الصَّافِيَةِ فُؤَادُهُ، وَتَتَغلْغَلُ أَنْوَارُ الإِيمَانِ النَّقِيَّةُ فِي سُويْدَاءِ قَلْبِهِ لاَ يَستَقِرُّ عَلَى حَالٍ، وَلاَ يَهْدأُ لَهُ بَالٌ، حتَّى يَرَى عَلَى وُجُوهِ الجَمِيعِ الفَرْحَةَ وَالحُبُورَ، وَنَورَ الابتِسَامَةِ يَمْلأُ كُلَّ الثُّغُورِ، فَتَمتَدُّ يَدُهُ بِالإِحْسَانِ، وَيَجُودُ بِالخَيْرِ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ وَمُحتَاجٍ، وَكَأَنَّهُ يَنْثُرُ الفَرْحَةَ فِي الأَرْجَاءِ، وَيُوَزِّعُ البَهْجَةَ فِي الأَجْوَاءِ، فَتَرَى أَبْنَاءَ المُجتَمَعِ وَكَأَنَّهُمْ خَلِيَّةُ نَحْـلٍ فِي تَعَاوُنِهِمْ، وَكَالجَسَدِ الوَاحِدِ فِي تَآلُفِهِمْ وَتَآزُرِهِمْ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ. أَيُّها المُسلِمُونَ : إِنَّ أَيَّامَ العِيْدِ أَيّامُ اجتِمَاعٍ لِلأُسْرَةِ السَّعِيدَةِ وَلَمِّ شَمْـلِ الأَقَارِبِ، يَتَحلَّقُونَ فِي حِلَقٍ وُدِّيَّةٍ فِي أَرقَى مَظَاهِرِ التَّلاَحُمِ الأُسرِيِّ، وَأَبْهَى حُلَلِ التَّكَاتُفِ العَائلِيِّ، تَنْثُرُ الفَرْحَةُ فِي اجتِمَاعِهِمُ الجَمِيلِ عَبِيرَهَا، وَتُوَزِّعُ البَهْجَةُ عُطُورَهَا وَسَناهَا، فَهَلاَّ كَانَتْ هَذِهِ الأَيَّامُ، مُنْطَلَقًا لِنَشْرِ مَعَانِي الحُبِّ وَالسَّلاَمِ، وَالمَوَدَّةِ وَالوِئَامِ؟ وَهَلاَّ وَعَيْنَا المَعَانِيَ العَظِيمَةَ لِلتَّربِيَةِ، وَدَوْرَ الأُسْرَةِ فِي بِنَاءِ المُجتَمَعِ؟ وَهَلاَّ فَتَحنَا لأَنْفُسِنَا وَأَطْفَالِنَا وَذَوِينَا آفَاقًا جَدِيدَةً مِنَ العَيْشِ الطَّيِّبِ؟ بِتَوظِيفِ الأَسَالِيبِ التَّربَوِيَّةِ الحَدِيثَةِ، وَاستِغْلاَلِ الوَسَائلِ العَصْرِيَّةِ أَحْسَنَ استِغْلاَلٍ فِي التَّربِيَةِ البَنَّاءَةِ القَائِمَةِ عَلَى الحِوَارِ الهَادِئ، وَالنَّقْدِ الهَادِفِ، وَالعَمَلِ عَلَى صَفَاءِ الجَوِّ الأُسرِيِّ مِنَ المُنَغِّصَاتِ، وَخُلُوِّ أَرْجَائهِ مِنْ المُكَدِّرَاتِ، مِنْ أَجْـلِ تَربِيَةٍ رُوحِيَّةٍ رَاقِيَةٍ تُحْيِي الضَّمِيرَ وتُغَذِّي الإِيمَانَ. فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واجْعَلُوا أَيَّامَ عِيدِكُمْ أَيَّامًا تَملَؤُهَا نَسَماتُ الأَفْرَاحِ، وَتَزُولُ فِيهَا الآلاَمُ وَتَلْتَئِمُ الجِرَاحُ، ويُعَطِّرُ جَوَّهَا عَبِيرُ المَحبَّةِ الفَوَّاحُ، فَبِذَلِكَ نُحَـقِّقُ لأُسَرِنَا وَمُجتَمَعِنَا وَوَطَنِنا كُلَّ تَقَدُّمٍ وَنَجَاحٍ. هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا))(4). اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ. عِبَادَ اللهِ :(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )). (1) سورة المائدة / 3 . (2) سورة الحج / 37 . (3) سورة آل عمران / 92 . (4) سورة الأحزاب / 56 . |