الـتَّربيَةُ الـفِكْرِيــَّةُ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
24/02/2009

خطبة الجمعة بتاريخ 1 ربيع الأول 1430هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الـتَّربيَةُ الـفِكْرِيــَّةُ  

  الحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ العِلْمَ دَلِيلَ عِبَادِهِ المُؤمِنينَ، وَنُورًا يَمْـنَحُهُ السُّعَدَاءَ المُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، خَلَقَ الخَلْقَ مِنَ العَدَمِ، وَأَكْرَمَنا بِأَنْ جَعَلَنا مِنْ خَيْرِ الأُمَمِ، وَمَيَّزَنَا بِمَا شَاءَ مِنْ رَفِيعِ الصِّفاتِ وَنَبِيلِ القِيَمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَطْهَارِ، وَتَابِعِيهِمُ البَرَرَةِ الأَخْيارِ، مَا تَعَاقَبَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ.           

   أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي -عِبادَ اللهِ- بِتَقْوَى اللهِ، وَالعَمَلِ بِمَا فِيهِ رَضَاهُ، فَإِنَّكُمْ ((إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًَا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))(1)، وَاعلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - أَنَّ عُنْوانَ تَقَدُّمِ الأُمَمِ وفَخارِها، وَمبْعَثَ أَمْنِها وَأَمَاَنِها، وَمصْدَرَ عِزِّها وَاستِقرَارِها، فِي سَلاَمَةِ عُقُولِ أَفرَادِها، وَنَزَاهَةِ أَفكَارِ أَبنَائِها، وَمَدَى ارتِبَاطِهِمْ بِثَوابِتِ حَضَارَتِهِمْ، وَاعتِزَازِهِمْ بِمَعَالِمِها الثَّقَافِيَّةِ، وَمِنْ مَحاسِنِ شَرِيعَتِنا الغَرَّاءِ أَنَّها جَاءَتْ بِحِفْظِ العُقُولِ وَالأَفْكَارِ، وَجَعَلَتْ ذَلِكَ إِحدَى الضَّرورَاتِ الخَمْسِ الوَاجِبِ حِفْظُها مِنَ الإِضْرارِ، تَحقِيقًا لِمَصَالِحِ العِبَادِ فِي أُمُورِ المَعَاشِ وَالمَعَادِ، فَالتَّربِيَةُ وَالتَّعلِيمُ أَسَاسَانِ مُهِمَّانِ لِصِنَاعَةِ الأَجيَالِ، وَالتَّوجِيهُ السَّلِيمُ لِفِكْرِهِمْ وِقَايَةٌ لَهُمْ مِنَ الانْحِرافِ وَالضَّلاَلِ، وَشَتَّانَ بَيْنَ أُمَّةٍ تَفْخَرُ بِجِيلٍ مُفَكِّرٍ، وَأُخْرَى تَنُوءُ بِشَبابٍ جَاهِلٍ غَيْرِ مُتَبَصِّرٍ، قَالَ تَعَالَى: (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ))(2)، لِذَا كَانَ غَرْسُ العِلْمِ وَصِيَاغَةُ الفِكْرِ أَوَّلَ هَدَفٍ لِلرِّسَالَةِ، كَيفَ لاَ ؟ وَقَدِ استَغْرَقَ ذَلِكَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ عَامًا فِي مَرحَلَتِها المَكِّيَّةِ، وَلَمْ تَخْلُ مِنْهُ تَوجِيهَاتُ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ مِنَ المَرحَلَةِ المَدَنِيَّةِ، وَعِنْدَما أَسلَمَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ -صلى الله عليه وسلم-  لأَصْحَابِهِ: ((فَقِّهِوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَأَقرِئوهُ القُرآنَ))، وَالنَّاظِرُ فِي تَأْرِيخِ أُمَّـتِنَا القَوَيمِ، يَجِدُ أَنَّ مَنْهَجَ الإِسلاَمِ فِي ذَلِكَ أُنْمُوذَجٌ فَرِيدٌ، وَتَكَامُلٌ بَدِيعٌ بَيْنَ العِلْمِ وَالتَّربِيَةِ الإِيمَانِيَّةِ الرَّاسِخَةِ، يَجتَمِعَانِ لِتَنشِئَةِ جِيلٍ رَبَّانِيٍّ يَعْمُرُ الحَيَاةَ وَيَبْنِي الأَرْضَ، فَتَكُونُ سِمَةُ المُخْرَجَاتِ جَسَدًا طَاهِرًا، وَقلْبًا مُؤمِنًا، وَعِلْمًا نَافِعًا، وَحَضارةً تَستَنِيرُ بِهُدَى اللهِ.
   أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
   إِنَّ أَوَّلَ خُطُواتِ التَّعلِيمِ فِي الإِسلاَمِ التَّعْرِيفُ بِأَدَبِ النُّبُوَّةِ فِي الأَمَانَةِ وَالصِّدقِ وَالاستِقَامَةِ، وَالعَدلِ وَالإِخلاَصِ وَصَلاَحِ الظَّاهِرِ وَطَهارَةِ السَّرِيرَةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المُثُلِ العُلْيا، قَالَ تَعالَى: (( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ))(3)، وَالمَنَاهِجُ وَالنُّصُوصُ مَهْما كَانَتَ سَامِيةً لاَ يَكُونُ لَهَا تَأْثِيرٌ فَعَّالٌ إِلاَّ إِذَا تَحَوَّلَتْ إِلَى وَاقِعٍ مُتَحرِّكٍ وَتَرْجَمَةٍ عَمَلِيَّةٍ فِي التَّصَرُّفاتِ وَالسُّلُوكِ وَالمَشَاعِرِ وَالأَفكَارِ، فَحَاجتُنا إِلَى القُلُوبِ العَامِرَةِ بِالإِيمَانِ، وَالجَوارِحِ الفَاعِلَةِ لِلْبِرِّ وَالإِحسَانِ، لَيْسَتْ دُونَ حَاجَتِنَا إِلَى العُقُولِ المَشْحُونَةِ بِالمَعلُومَاتِ، إِنَّ مُهِمَّةَ التَّعلِيمِ قَبْـلَ إِعطَاءِ المَعلُومَاتِ تَكْمُنُ فِي تَكْوِينِ العَقْلِ الذِي يَستَعْمِلُ المَعلُومَاتِ لِلْخَيْرِ لاَ لِلشَّرِّ، وَلِنَفْعِ البَشَرِيَّةِ لاَ لِضَرَرِها، وَلاَ سَبِيلَ لِذَلِكَ إِلاَّ بِتَربِيَةٍ تُرَسِّخُ تِلْكُمُ المَفَاهِيمَ وَتَغْرِسُها فِي أَعمَاقِ النَّفْسِ؛ لِتَجْعَلَها تَتَعَلَّقُ بِمَعَالِي الأُمُورِ وَتَتَرَفَّعُ عَنْ سَفَاسِفِها، وَإِذَا كَانَ العِلْمُ مُجَرَّدًا مِنَ التَّربِيَةِ خَواءً مِنَ المَبادِئِ فَهُوَ نَاقِصٌ؛ وَلِذا ارتَبَطَتِ التَّربِيَةُ بِالتَّعلِيمِ، وَالعِلْمُ بِالعَمَلِ، قَالَ تَعَالَى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ))(4)، هَذا وَإِنَّ أَوَّلَ مَا يَجِبُ تَغْذِيَةُ الفِكْرِ بِهِ هُوَ صَحِيحُ المُعتَقَداتِ، وَسَلِيمُ الأَفْكَارِ وَالتَّصَوُّراتِ، نَحْوَ اللهِ وَسَائرِ المَوجُودَاتِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  يَومًا فَقَالَ: ((يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تِجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسأَلِ اللهَ، وَإِذَا استَعَنْتَ فَاستَعِنْ بِاللهِ، وَاعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْـكَ، رُفِعَتِ الأَقلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ))، إِنَّهُ تَوجِيهٌ مُبَاشرٌ لِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِكْرُ المَرءِ وَهُوَ يَشُقُّ عُبَابَ هَذِهِ الحَيَاةِ.                                           
   أَيُّها المُؤمِنونَ :
   إِنَّ تَقَدُّمَ الأُمَمِ يُقَاسُ بِقَدْرِ التِزَامِهَا بِالقِيَمِ وَتشَبُّعِها بِالمَبَادِئِ وَتَمَثُّلِها بِالأَخلاَقِ، وَأَيُّ أُمَّةٍ لاَ تَقُومُ مُؤسَّساتُهَا عَلَى التَّربِيَةِ الرّشِيدَةِ وَاقِعًا عَمَلِيًّا وَسُلُوكًا مُشَاهَدًا لاَ يُمْـكِنُ أَنْ تَسِيرَ طَوِيلاً مَهْمَا ارتفَعَتْ وَتَفنَّنَتْ فِي الوَسَائلِ وَالتَّقْنِيَةِ، وَالوَاجِبُ يَقْتَضِِي تَحْصِينَ الأَجيَالِ بِالفِكْرِ المُستَنِيرِ، فَالفِكْرُ فِي حَيَاةِ الأَفْرَادِ وَالأُمَمِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ، لِمَا لَهُ مِنَ الصِّلَةِ الوَثِيقَةِ بِهُوِيَّةِ الأُمَّةِ وَشَخْصِيَّتِها الحَضَارِيَّةِ، فَإِذا اطَمأَنَّ النَّاسُ عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنْ أُصُولٍ وَثَوابِتَ، وَأَمِنُوا عَلَى مَا لدَيهِمْ مِنْ قِيَمٍ ومُثُلٍ وَمَبادِئَ، فَقَدْ تَحَقَّقَ لَهُمُ الأَمْنُ فِي أَسمَى صُوَرِهِ وَأَجلَى مَعَانِيهِ، لِذَلِكَ حَرَصَتْ شَرِيعَتُنَا الغَرَّاءُ عَلَى سَلاَمَةِ فِكْرِ أَبنَائِها بِمَا يُحَافِظُ عَلَى مُكَوِّنَاتِ شَخْصِيَّتِهِمْ وَتَمَيُّزِ ثَقَافَتِهِمْ وَمَنْظُومَتِهمُ الفِكْرِيَّةِ، لأَنَّ الخَلَلَ الفِكْرِيَّ طَرِيقٌ إِلَى الخَلَلِ السُّلُوكِيِّ وَالاجتِمَاعِيِّ، فَجَاءَ النَّهْيُ وَاضِحًا وَصَرِيحًا، عَنِ اتِّبَاعِ الآخَرِينَ إِلاَّ فِيمَا كَانَ نَافِعًا وَصَحِيحًا، وَإِذَا كَانَ الفِكْرُ بِهَذِهِ الأَهَمِّـيَّةِ، فَإِنَّ الوَاجِبَ التَّنَبُّهُ لِلأَفْكَارِ المُنْحَرِفَةِ، وَعَدَمُ التَّفْرِيطِ في مُقَوِّمَاتِنَا الرّاسِخَةِ، وَهُوِيَّـتِنا الوَاضِحَةِ، هُوِيَّةٍ لاَ تَنْسَى المَاضِيَ العَرِيقَ، وَلاَ تُهْمِلُ الحَاضِرَ المُشْرِقَ، بَلْ تَستَشْرِفُ آفَاقَ المُستَقْبَلِ الوَاعِدِ بإِذْنِ اللهِ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
                                                       *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ اللُّغَاتِ مِنْ أَعظَمِ شَعَائرِ الأُمَمِ التِي تُفَاخِرُ بِهَا، وَتَحْـفَظُ بِها أَفْكَارَها، وَتُدَوِّنُ بِهَا قِيَمَها وَمَبادِئَها، وَلُغتُنا العَرِبيَّةُ عُنْوانُ مَجْدِنا، وَعَلاَمَةُ أَصَالتِنا، اختَارَها اللهُ وِعَاءً لِكتَابِهِ العَظِيمِ، وَلِسانًا لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ -صلى الله عليه وسلم- ، قَالَ تَعَالَى: ((وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ))(5)، إِنَّها شِعَارُ الإِسلاَمِ لارتِبَاطِها بِأَهَمِّ مُقدَّسَاتِهِ: الكَتِابِ وَالسُّنَّةِ، وَاعتِيادُ اللُّغةِ الفُصْحَى لَهُ أَثَرٌ فِي العَقْلِ وَالدِّينِ وَالخُلُقِ، لِذَا يَجِبُ إِحيَاءُ مَحَبَّـتِها فِي نُفُوسِ النَّاشِئَةِ، وَهَذِهِ مَسؤُولِيَّةٌ تَقَعُ بِالدَّرَجَةِ الأُولَى عَلَى كَاهِلِ الأُسْرَةِ؛ إِذْ لاَ يُمكِنُنَا أَنْ نُخْرِجَ جِيْلاً يَفْخَرُ بِلُغَتِهِ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قُدْوَةٌ أَبَوِيَّةٌ، إِنَّ لُغَةً حَمَلَتْ حَضَارَةَ العَالَمِ قُرُونًا وَمَهَّدَتْ لِحَضَارَاتٍ مُعَاصِرَةٍ، يَجِبُ أَنْ نُحَافِظَ علَيْهَا وَنَحْـتَرِمَها.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى التَّمَسُّكِ بِقِيَمِكُمْ، وَالعَمَلِ عَلَى إِحيَاءِ تَلِيدِ مَجْدِكُمْ، بِحُسْنِ تَربِيَةِ أَولاَدِكُمْ، وَصِيَانَةِ فِكْرِكُمْ، وَالمُحَافَظِةِ عَلَى مُكْتَسبَاتِكُمْ وَلُغَتِكُمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِفْعَتَكُمْ وَعِزَّتَكُمْ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا))(6).
   اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ :((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة الأنفال/ 29.
(2) سورة الزمر/ 9.
(3) سورة الزمر/ 22.
(4) سورة الصف/ 2-3.
(5) سورة الشعراء/ 192-195.
(6) سورة الأحزاب / 56 .

آخر تحديث ( 24/02/2009 )