الوَصايا الـعَشْرُ في سُورَةِ الأنعامِ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
29/04/2009

خطبة الجمعة بتاريخ 6 جمادى الأولى 1430
بسم الله الرحمن الرحيم
الوَصايا الـعَشْرُ في سُورَةِ الأنعامِ

     الْحَمْدُ للهِ الذِي أَسْبَغَ عَلَى عِبَادِهِ نِعَمَهُ وَعَطَايَاهُ، وَهَداهُمْ إِلَى الحَقِّ بِمَواعِظِهِ وَوَصَايَاهُ، قَالَ تَعَالَى: ((يَعِظُكُمُ اللَّهُ))(1)، وَقَالَ: ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ))(2)، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْـلٌ مِنَ الحَمْـدِ وَأُثْنِي عَلَيْهِ، وَأَومِنُ بِهِ وَأَتَوكَّلُ عَلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْـلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَرْسَلَ رُسُلَهُ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَهُدَاةً مُصلِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ أَوصَى وَوَجَّهَ، وَأَرْشَدَ ونَبَّهَ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

  أَمَّا بَعْدُ، فَيا أَيُّها المُؤمِنونَ :
   تَحتَضِنُ سُورَةُ الأَنْعَامِ المُبَارَكَةُ ثَلاَثَ آيَاتٍ مُبَارَكَاتٍ؛ تُعْرَفُ بِآيَاتِ الوَصَايا، مَنِ التَزَمَ وَصَايَاها أَمْرًا وَنَهْيًا تَحَقَّقَ فَلاَحُهُ، وَتَأَكَّدَ نَجَاحُهُ، وَقَدْ عَقَّبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ آيَةٍ بِالإِشَارَةِ إِلَى أَهَمِّيَّةِ مَا جَاءَ فِيهَا، وَالثَّمَرَةِ التِي نَحْصُدُها وَنَجْـنِيهَا، وَالثَّمَرَةُ تَعَقُّلٌ وَتَذَكُّرٌ، يَصِلُ الإِنْسَانُ بِسبَبِهِمَا إِلَى مَقَامِ التَّقْوَى، وَهُوَ مَقَامٌ يَنَالُهُ ذَوُو الأَفْكَارِ الثَّاقِبَةِ، فَيَضْمَنُونَ لأَنْفُسِهِمْ حُسْنَ العَاقِبَةِ ((وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى))(3)، يَقُولُ ابنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - فِي شَأْنِ هَذِهِ الآيَاتِ: ((هِيَ مُحْـكَمَاتٌ، وَأَجْمَعَتِ الشَّرَائِعُ الإِلَهِيَّةُ عَلَى تَقْرِيرِهَا وَالعَمَلِ بِها))، وَقَدْ بَيَّـنَتْ هَذِهِ الآيَاتُ الكَرِيمَةُ أُصُولَ الفَضَائِلِ وأَنْوَاعَ البِرِّ، وَأُصُولَ المُحَرَّمَاتِ وَالكَبَائِرِ، فَهِيَ إِذَنْ قِوَامُ الدِّينِ كُلِّهِ، بِالتِزامِها أمْرًا وَنَهْـيًا تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ، فَيَعِيشُ المُؤْمِنُ فِي نُورٍ مِنْ رَبِّهِ الذِي هَدَاهُ، وَيَسْـلُكُ المُجتَمَعُ بِهَا طَرِيقَ النَّجَاةِ؛ فَتَتَحَقَّقُ الطَّهَارَةُ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ مِنْ مُعَامَلاَتٍ، وَمَا يَنْشَأُ بَيْنَهُمْ مِنْ عَلاَقَاتٍ، ولِمَ لاَ؟ وَقَدْ حَاطَتِ الوَصَايا حُقُوقَ الآخَرِينَ بِكَثِيرٍ مِنَ الضَّمَانَاتِ، وَمَا دَامَتِ الحُقُوقُ مَصُونَةً وَالوَاجِبَاتُ مَرْعِيَّةً سَعِدَتِ الحَيَاةُ الأُسْرِيَّةُ، وَتَطَهَّرَتِ العَلاَقَاتُ الاجتِمَاعِيَّةُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الآيَةِ الأُولَى مِنْ آيَاتِ الوَصَايا: ((قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))(4).
   عِبَادَ اللهِ :
   تَبدأُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ بِأَمْرٍ مُوَجَّهٍ إِلَى رَسُولِ الإِنْسَانِيَّةِ وَهَادِي البَشَرِيَّةِ، يَأْمُرُهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ: ((تَعَالَوْا))، أَي هَلُمُّوا وَأَقْبِلُوا ((أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ))، يَعنِي أَقْرَأْ عَلَيْكُمُ الآيَاتِ المُشتَمِلَةَ عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيكُمْ، فَالتَّحلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ لاَ يَـكُونُ إِلاَّ مِنَ اللهِ الكَرِيمِ، وَتَبدأُ الوَصَايَا بِالقَاعِدَةِ الأَسَاسِيَّةِ وَهِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى الوَحْدَانِيَّةِ، وَعَدَمِ الإِشْرَاكِ بِاللهِ فِي أَيِّ قَولٍ أَو عَمَلٍ، فَبِذَلِكَ يَـكُونُ العَمَلُ مَقْبُولاً، وَالجَزَاءُ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ مَضْمُونًا وَمكْفُولاً، فَكُلُّ عَمَلٍ خَلاَ مِنَ الإِخْلاَصِ هَوُ عَمَلٌ مَرْدُودٌ وَمَرْفُوضٌ، لأَنَّ أَسَاسَهُ مَنْقُوضٌ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وابتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ)). إِنَّ العَمَلَ يَسْـلَمُ بِعَقِيدَةِ التَّوحِيدِ مِنْ جَمِيعِ الآفَاتِ وَالأَوْصَابِ، فَتَصِحُّ وِجْهَتُهُ، وتُضْـمَنُ سَلاَمتُهُ، وَمِنْ أَجْـلِ ذَلِكَ جَاءَ النَّهْيُ عَنِ الإِشْرَاكِ بِاللهِ قَبْـلَ الدُّخُولِ فِي التَّكَالِيفِ وَالفَرَائِضِ، وَالأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالشَّرَائِعِ وَالأَحكَامِ؛ لأَنَّ الشِّرْكَ بِاللهِ أُسُّ المُحَرَّمَاتِ، فَهُوَ يَجُرُّ إِلَى كُلِّ مُحَرَّمٍ، كَمَا أَنَّهُ مَعَ الشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى لاَ تُجْدِي عِبَادَةٌ، وَلاَ يَنْفَعُ خُلُقٌ مَهْمَا بَدَا جَمَالُهُ، وَلاَ يُقْبَلُ عَمَلٌ مَهْمَا ظَهَرَ حُسْـنُهُ وَكَمَالُهُ، إِذِ الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، لاَ بِالمَظَاهِرِ وَالشَّكْلِيَّاتِ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى))، وَيَقُولُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: ((إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَموَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعمَالِكُمْ)).
   أَيُّها المُسلِمُونَ :
   كَثِيرًا مَا يُتْبِعُ القُرآنُ الكَرِيمُ الأَمْرَ بِعبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَالنَّهْيَ عَنِ الإشرَاكِ بِهِ شَيئًا الأَمْرَ بِالإحسَانِ إِلَى الوَالِدَيْنِ، فَبَيْنَ الأَمْرَيْنِ ارتِبَاطٌ وَثِيقٌ، وَوَصْـلٌ دَقِيقٌ، فَعِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ حَقُّ مَنْ أَنْشَأَ وَخَلَقَ، وَأَوْجَدَ وَرَزَقَ، وَالإِحسَانُ إِلَى الوَالِدَيْنِ حَقُّ مَنْ كَانَا لِلْخَلْقِ وَالإِيجَادِ سَبَبًا، وَوَصَايا سُورَةِ الأَنْعَامِ تُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ: ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))(5)، وَالإِحسَانُ إِلَى الوَالِدَيْنِ دَعْوَةٌ إِلَى مُعَامَلَتِهِمَا مُعَامَلَةً كَرِيمَةً، مَبْنِيَّةً عَلَى المَحَبَّةِ وَالعَطْفِ، مُحَلاَّةً بِالرِّقَّةِ مُزَيَّنَةً بِاللُّطْفِ، وَإِذَا كَانَ التَّوحِيدُ هُوَ جَوْهَرَ العَقِيدَةِ فَإِنَّ بِرَّ الوَالِدَيْنِ وَالإِحسَانَ إِلَيْهُمَا ثَمَرَةٌ مِنْ ثِمَارِهَا وَأَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا، وَلِذَلِكَ كَانَتِ العَقِيدَةُ فِي المَرتَبَةِ الأُولَى قَبْـلَ رَابِطَةِ الأَولاَدِ بِالوَالِدَيْنِ؛ فَوَاجِبُ طَاعَةِ الوَالِدَيْنِ يَسْـقُطُ حِينَ يَأْمُرُ الوَالِدَانِ بِمَا يُغْضِبُ الرَّبَّ ويُبْعِدُ عَنْ رِضَاهُ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((لاَ طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ فِي مَعْصِيةِ الخَالِقِ))، وَهَذَا النَّهْيُ بِعَدَمِ طَاعَةِ الوَالِدَيْنِ فِي المَعصِيَةِ لاَ يُسْـقِطُ حَقَّهُمَا فِي المُعَامَلَةِ الطَّيِّبَةِ وَالصُّحْبَةِ الحَسَنَةِ، تَقُولُ أَسمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاستَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صِلَتِها؛ فَقَالَ: ((نَعَم، صِلِي أُمَّـكِ))، وَقَدْ جَمَعَ القُرآنُ الكَرِيمُ هَذَا التَّوازُنَ فِي مُعَامَلَةِ الوَالِدَيْنِ فِي آيَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ، حَيْثُ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا))(6)، وَبَعْدَ الأَمْرِ بِأَدَاءِ حَقِّ اللهِ وَحَقِّ الوَالِدَيْنِ تَأْتِي الوَصِيَّةُ الثَّالِثَةُ التِي تَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الأَولاَدِ، وَبِذَلِكَ تَكتَمِلُ صُورَةُ الأُسْرَةِ التِي يُرِيدُها الإِسْلاَمُ مُظَلَّلَةً بِالأَمْنِ مُنَعَّمَةً بِالسَّلاَمِ، وَبَعْدَ الوَصِيَّةِ الأُولَى التِي تَقُومُ عَلَيْهَا كُلُّ وَصِيَّةٍ وَالوَصِيَّـتَيْنِ المُتَعلِّقَتَيْنِ بِالحَيَاةِ الأُسْرِيَّةِ تَأْتِي الوَصِيَّةُ الرَّابِعَةُ يَحتَضِنُها قَولُ اللهِ تَعَالَى: ((وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ))(7)، فَكُلُّ مَا عَظُمَ جُرْمُهُ، وَتَجاوَزَ فِي الفُحْـشِ اسمُهُ وَإِثْمُهُ؛ يَجِبُ تَوَقِّيهِ، وَيَلْزَمُ تَجَنُّبُهُ وَتَلاَفِيهِ، فَلاَ يُمْـكِنُ قِيَامُ أُسْرَةٍ سَلِيمَةٍ وَلاَ مُجتَمَعٍ نَظِيفٍ عَفِيفٍ إِلاَّ بِالبُعْدِ عَنِ الفَوَاحِشِ ظَاهِرِهَا وَخَافِيهَا.
   عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ حَقَّ الحَيَاةِ لِلإِنْسَانِ مَكْفُولٌ، وَكُلُّ مَنْ حَرَمَهُ ذَلِكَ هُوَ أَمَامَ اللهِ مَسؤولٌ، وَالإِسلاَمُ يَحْـتَرِمُ النَّفْسَ البَشَرِيَّةَ وَيُقَدِّرُ لَهَا حُرْمَتَها، ويُوجِبُ حِمَايَتَها وَصِيَانَتَها، مِنْ حَيْثُ هِيَ نَفْسٌ حَيَّةٌ مُرِيدَةٌ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ العَقِيدَةِ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيْحَها تُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عامًا)). إِنَّ الاعتِدَاءَ عَلَى نَفْسِ أَيِّ إِنْسَانٍ هُوَ اعتِدَاءٌ عَلَى جِنْسِ النَّفْسِ، كَمَا أَنَّهُ اعتِدَاءٌ عَلَى حَقِّ الحَيَاةِ ذِاتِهَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الوَصِيَّةِ الخَامِسَةِ مِنْ هَذِهِ الآيَاتِ: ((وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))(8).
   أَيُّها المُؤمِنونَ :
   تَتَتابَعُ وَصَايا سُورَةِ الأَنْعَامِ، فَتَحتَضِنُ الآيَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ آيَاتِ الوَصِيَّةِ أَرْبَعَ وَصَايَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))(9)، إِنَّ كَفَالَةَ اليَتِيمِ قَاعِدَةُ النِّظَامِ الاجتِمَاعِيِّ فِي الإِسْلاَمِ، وَهُوَ عَمَلٌ يُقَرِّبُ الكَافِلَ لِلْيَتِيمِ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي دَارِ السَّلاَمِ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبابَةِ وَالوُسْطَى-))، وَرِعَايَةُ مَالِ اليَتِيمِ وَحِفْظُهُ كَرِعَايَةِ اليَتِيمِ ذَاتِهِ، لأَنَّ مَالَهُ قِوَامُ حَيَاتِهِ، لِذَلِكَ أَوْصَى اللهُ مَنْ يَتَولَّى اليَتِيمَ أَنْ يَحفَظَ مَالَهُ وَيَحْمِيَهِ، وَيَصُونَهُ وَيُنَمِّيَهُ، وَلاَ يَقْرَبَهُ إِلاَّ بِالطَّرِيقَةِ التِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ اليَتِيمُ أَشُدَّهُ جِسْمِيًّا وَعَقْلِيًّا؛ لِيَستَطِيعَ هُوَ بِنَفْسِهِ حِمَايَةَ مَالِهِ الذِي يُسَلَّمُ إِلَيْهِ وَيُحْسِنُ القِيَامَ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يَغْدُو اليَتِيمُ فِي المُجتَمَعِ نَاشِرًا لِلْخَيْرِ نَافِعًا لِلنَّاسِ، وَكَمْ مِنْ يَتَامَى أَحْسَنَ المُجتَمَعُ إِلَيْهِم، فَلَمَّا اشتَدَّ عُودُهُمْ أَفَادُوا أُسَرَهُمْ ومُجتَمَعَهُمْ، وَكَانُوا فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ مَعَهُمْ. إِنَّ الإِسلاَمَ يُوصِي كَثِيرًا بِالإِحسَانِ إِلَى اليَتِيمِ وَعَدَمِ القَسْوَةِ عَلَيْهِ؛ رَغْبَةً مِنْهُ فِي انْضِمَامِ أَعضَاءٍ نَافِعِينَ إِلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يَتَفَوَّقُ المُجتَمَعُ وَيَصْـلُحُ أَمْرُهُ، وَيَعلُو شَأْنُهُ وَيَشْتَدُّ أَزْرُهُ. إِنَّ العِنَايَةَ بِاليَتِيمِ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الرَّحْمَةِ وَالتَّكَافُلِ التِي حَثَّ عَلَيْهَا الإِسلاَمُ، وَهِيَ تَشْمَلُ كُلَّ طِفْلٍ فَقَدَ مَنْ يَرْعَاهُ وَيهْـتَمُّ بِشُؤونِهِ، فَالطِّفْلُ الذِي لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْـلُومٌ، وَالطِّفْلُ المُعْدِمُ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِ أَبِيهِ، وَالطِّفْلُ الذِي فُقِدَ وَالِدَاهُ بِسَبَبٍ من الأَسْبابِ، كُلُّ هَؤلاَءِ وَأَمثَالُهُمْ يَجِبُ إِيوَاؤُهُمْ وَكَفَالَتُهُمْ، وَبَذْلُ الجُهْدِ فِي حُسْنِ تَربِيَتِهِمْ، لِنَضْمَنَ لَهُمْ غَدًا وَاعِدًا، وَمُستَقْبَلاً صَاعِدًا، وَلَقَدْ ضَرَبَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- مَثَلاً لِهَذَا التَّكَافُلِ حِينَ أَشَارَ عَلَى عَمِّهِ العَبَّاسِ أَنْ يَقُومَ كُلٌّ مِنْهُما بِكَفَالَةِ ابنٍ مِنْ أَبنَاءِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ الذِي قَلَّ مَالُهُ؛ فَكَانَ أَنْ كَفَلَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَكَفَلَ العَبَّاسُ جَعْفرَ بنَ أَبِي طَالِبٍ؛ فَهَلْ لِلْقَادِرِينَ المُوسِرِينَ أَنْ يُخَفِّفُوا الأَعبَاءَ عَنْ إِخْوَانِهِمُ المُعْـدِمِينَ؛ لِيَكُونُوا جَمِيعًا إِخْوَانًا مُتَحابِّينَ؟   
   أَيُّها المُسلِمُونَ :
   بَعْدَ الوَصِيَّةِ بِاليَتِيمِ وَمَالِهِ يُوصِي اللهُ عِبَادَهُ بإِيفَاءِ الكَيْـلِ والمِيزَانِ، وَهَذا أَمْرٌ لاَ يُستَغنَى عَنْهُ فِي مَجَالِ المُعَامَلاَتِ بَيْعًا وَشِراءً وَأَخْذًا وَعَطَاءً، فَلاَ تَطْفِيفَ لِلْكَيْـلِ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَلاَ نَقْصَ لَهُ عِنْدَ البَيْعِ، وَكَذَلِكَ الشَّأْنُ فِي المِيزَانِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ مَقَايِيسَ، فَالمُؤمِنُ يَكِيلُ وَيَزِنُ وَيَقِيسُ بِكُلِّ عَدْلٍ وَبِكُلِّ دِقَّةٍ؛ لِيَأْخُذَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَإِذَا كَانَ العَدْلُ مَطْلَبًا شَرْعِيًّا وَأَمْرًا حَتْمِيًّا فِي تَعَامُلِ النَّاسِ فِي المَالِ وَالتِّجَارَةِ وَالبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَهُوَ كَذَلِكَ فِي الأَقْوَالِ وَالأَحكَامِ وَالقَضَاءِ، وَلِذَلِكَ جَاءَتِ الوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ فِي قَولِ الحَقِّ سُبْحَانَهُ: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى))(10)، إِنَّ التِزامَ قَولِ الحَقِّ وَالحُكْمَ بِالعَدلِ وَصِيَّةُ اللهِ لِلْعِبَادِ، بِهَا تَصْـلُحُ الأَحْوَالُ وَتَأَمَنُ البِلاَدُ، وَفِي ظِلاَلِ هَذِهِ الوَصِيَّةِ لاَ تَعَصُّبَ لِقَرِيبٍ، وَلاَ مُجَامَلَةَ لِحَبِيبٍ، وَلاَ ظُلْمَ لإِنْسَانٍ بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهِ؛ بِقَصْـدِ إِيصَالِ الضَّرَرِ إِلَيْهِ، ثُمَّ تَأْتِي الوَصِيَّةُ التَّاسِعَةُ حَيْثُ يَقُولُ رَبُّنا وَخَالِقُنا: ((وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))(11)، فَالوَفَاءُ بِالعَهْدِ وَصِدْقُ الوَعْدِ وَصِيَّةٌ إِلَهِيَّةٌ، بِتَحقِيقِهَا يَتَحَقَّقُ أَمْرٌ مُهِمٌّ مِنْ أَوَامِرِ الدِّينِ، وَتَنْتَشِرُ الثِّقَةُ بَيْنَ النَّاسِ فِي جَمِيعِ المَيَادِينِ، وَكُلُّ عَهْدٍ أُبْرِمَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَو بَيْنَ جَمَاعَتَيْنِ هُوَ عَهْدٌ مَعَ اللهِ وَاجِبُ الوَفَاءِ لاَزِمُ الإِتْمَامِ، مَا دَامَ مُنضَبِطًا بِقَوَاعِدِ الإِسلاَمِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وَالتَزِمُوا أَوَامِرَ اللهِ وَنفِّذُوا وَصَايَاهُ؛ تَسعَدُوا بِمَحَبَّـتِهِ وَرِضَاهُ.
   أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
                                                        *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ المَنْهَجَ الذِي رَسَمَهُ اللهُ لِلإِنْسَانِ لِيَسِيرَ عَلَيْهِ وَيلْتَزِمَهُ فِي سُلُوكِهِ مَعَ اللهِ وَمَعَ النَّاسِ هُوَ المُعَبَّرُ عَنْهُ بِالاستِقَامَةِ، وَهِيَ خَاتِمَةُ الوَصَايَا العَشْرِ، وَفِيهَا يَقُولُ تَعَالَى: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))(12)، ولِلاستِقَامَةِ أَثَرٌ طَيِّبٌ وَفَعَّالٌ فِي رُقِيِّ الإِنْسَانِ فِي حَيَاتِهِ وَفَوْزِهِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ للهِ الكَبِيرِ المُتَعَالِ، لِذَلِكَ جَاءَتْ وَصِيَّةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، كَمَا أَوْصَى بِهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فَعَنْ سُفْيانَ بنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ؟ قَالَ: قُلْ آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ استَقِمْ))، وَلأَهَمِّيَّةِ الاستِقَامَةِ فِي سَعَادَةِ الفَرْدِ وَالجَمَاعَةِ أَمَرَنا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نَدْعُوَهُ لِيَهْدِيَنَا إِلَيْهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَواتِنَا المَفْرُوضَةِ وَالمَسنُونَةِ فَنَقُولَ: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ))(13)، لِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَعُمَّ الاستِقَامَةُ جَمِيعَ أَعمَالِنَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَبِها تَصْـلُحُ الأَعْمَالُ وَالأَقْوَالُ، وَتَستَقِيمُ الأُمُورُ وَتَحْسُنُ الأَحْوَالُ، فَلاَ تُقَصِّرُ زَوْجَةٌ فِي أَدَاءِ حَقِّ زَوْجِهَا، وَلاَ يُقَصِّرُ زَوْجٌ فِي أَدَاءِ حَقِّ زَوْجَتِهِ، وَلاَ يَتََهاوَنُ مُوَظَّفٌ فِي أَدَاءِ وَاجِبِ وَظِيفَتِهِ، وَلاَ يَتَراخَى مَسْؤُولٌ فِي القِيَامِ بِمَسْؤُولِيَّـتِهِ، إِنَّ الحَيَاةَ مَعَ الاستِقَامَةِ نَظَافَةٌ وَطُهْرٌ وَعَفَافٌ، وَحَيَاةٌ لِلضَّمَائِرِ، وَإِخْلاَصٌ فِي الظَّوَاهِرِ وَالسَّرائِرِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ- وَاذكُرُوهُ، واستَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاستَغْفِرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ التِزَامَ هَذِهِ الوَصَايا العَشْرِ أَمْرٌ مُحْـكَمٌ ثَابِتٌ فِي كُلِّ جِيلٍ، دَائِمٌ فِي كُلِّ عَصْرٍ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (14).
   اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ :(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة النور/ 17.
(2) سورة النساء/ 131.
(3) سورة طـه/ 132.
(4) سورة الأنعام/ 151.
(5) سورة الأنعام/ 151.
(6) سورة لقمان/ 15.
(7) سورة الأنعام/ 151.
(8) سورة الأنعام/ 151.
(9) سورة الأنعام/ 152.
(10) سورة الأنعام/ 152.
(11) سورة الأنعام/ 152.
(12) سورة الأنعام/ 153.
(13) سورة الفاتحة/ 6.
(14) سورة الأحزاب / 56 .