الرحمة المهداة
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
29/03/2007
 خطبة الجمعة بتاريخ11 ربيع الأول 1428هـ
 بسم الله الرحمن الرحيم
الرَّحمةُ المُهداةُ
   الْحَمْدُ للهِ الذي له الأسماءُ الحُسنى والصفاتُ العُلَى، أنْزَلَ كُتُبَه وأرسَلَ رُسُلَه بالبيِّناتِ والهُدى، سُبحانَه الإلهُ الواحِدُ المعبُودُ، وَسِعتْ رحمَتُه كلَّ الوجودِ، أحمدُه سبحانه بما هو لهُ أهلٌ من الحمدِ وأُثني عليه، وأُومنُ به وأَتوكَّلُ عليه، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مُضّلَ له، ومَنْ يُضللْ فلا هادِيَ له، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، جعلَ اللهُ سِيرَتَه قُدوةً تَرمُقُها بَصَائرُ المُؤمنينَ، في كلَّ وَقْتٍ وحِينٍ، اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين والتابعين لهم بإحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :    لَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ عزَّ وَجلَّ رَسُولَهُ محمداً -صلى الله عليه وسلم- رَحْمَةً للعَالَمينَ، يقولُ اللهُ تَعالى في كِتابِه المبين: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) (1)، فجاءَ بِرِسالَةٍ أَخذتْ بِيدِ النّاسِ إلى الحْقِّ فكانت ميلاداً للحقِّ في أَجْملِ صُوَرِه وأَبْهاها، وأَيْنعِ مَعالِمِهِ وأَزْهاها، فَهدى اللهُ بِها الناسَ إلى الطرِيقِ المُستَقِيمِ الّذي لا عِوَجَ فيهِ، وأَبْعَدَتْهم عنْ كُلِّ ضلالٍ وتِيهٍ، يقولُ اللهُ تعالى:  ((قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))(2)، لَقَدْ جَاءتْ بِعْثَةُ محمدٍ -عليه الصلاةُ والسلامُ- بما يُسعِدُ حاضِرَ الإنسانِ ويؤمِّنُ مصيرَهُ، في كِتابٍ مجيدٍ ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ))(3)، يقولُ اللهُ جلَّ شأنهُ: ((وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) (4) ، إنَّ بِعثةَ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- عَرَّفتِ الناسَ باللهِ على أَصدَقِ وجهٍ وبِأقوى دليلٍ، فوضَّحتْ معالمَ الطريقِ وأنارتِ السبيلَ، فكانتْ بحقٍّ رحمةً عامّةً ونِعْمةً تامّةً، يقولُ اللهُ تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً))(5).
   عبادَ اللهِ :
   لَقَدْ تَوسَّعتْ مظاهرُ رَحْمةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وتعدَّدتْ؛ فشملتِ الأصدقاءَ والأعداءَ، والمؤمنَ وغيرَه على السَّواءِ، ووسِعتِ الكِبارَ والصِّغار، والإنسانَ والطيرَ والحيوانَ، ومِنْ مظاهِرِ رحمةِ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- بأُمَّتهِ حِرصُه على ألاّ يُفْرَضَ عليهم ما يَشقُّ عليهم أداؤُه، فكان -عليه الصلاةُ والسلامُ- يكرَه المواظبةَ على بعضِ السُننِ، لا رغبةً عنها، فقدْ كَان -عليه الصلاةُ والسلامُ- يَجدُ قُرّةَ عينِه وسعادةَ قلبِه في العِبادةِ، ولكن خوفاً ِمنهُ أنْ تُفرَض هذه السُّنَنُ على أُمَّتِه، كَما كان –عليه الصلاةُ والسلامُ- يَكرهُ أنْ يُكثِرَ أحدٌ مِنْ أصحابِه السؤالَ عَنْ شيءٍ فيه سَعةٌ، مخافةَ أنْ يُضيِّقَ ويُشَدِّدَ عليهم ما يَسّرهُ اللهُ ووسَّعَهُ، وفي هذا يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((ذروني ما تَركْتُكُم فإنِما أَهلكَ مَنْ كان قبلَكم كثرةُ سُؤالِهم واختِلافُهم على أنبيائِهم، فإذا أمرتُكُم بشيءٍ فأتوا ِمنهُ ما استطعْتُم، وإذا نهيتُكُم عن شيءٍ فدَعوه))، ويقولُ أيضاً -صلى الله عليه وسلم- : ((إنَّ اللهَ فَرَضَ فرائِضَ فلا تُضيّعوها، وحَدَّ حدوداً فلا تَعْتَدوها، وسَكَتَ عن أشياءَ رحمةً لكم مِن غيرِ نِسيانٍ فلا تبحثوا عنها))، ولَقَدْ بلغَ مِنْ رَحمتِه بالمؤمنين أَنه كان يَغضبُ الغضبَ الشديد، حِينَ يَصدُرُ مِنْ بعضِ النّاسِ تَصرُّفٌ يتّسِمُ بالتَشديدِ، لقَدْ سَمِعَ مَرَّةً أنَّ بعضَ أصحابِه يُطيلُ الصلاةَ عندما يَؤمُّ النّاسَ؛ فغضِبَ -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((إنَّ مِنْكم مُنفِّرينَ؛ فأَيُّكم صَلّى بالنّاسِ فلْيتَجوَّزْ -أي: فلْيُخفِّفْ- فإنَّ فيهمُ الضعيفَ والكبيرَ وذا الحاجةِ))، لَقَدْ كان طَبعُه الشريفُ -صلى الله عليه وسلم- يَميلُ دائماً إلى التَّيسِيرِ والتَّخْفِيفِ، رأى -عليهِ الصلاةُ والسلامُ- شيخاً كبيراً يُهادَى بينَ ابنيه فقال:((ما بالُ هذا؟ قالوا: نَذَرَ أنْ يمشي إلى الكعبةِ؛ فقال: إنَّ الله لَغَنِيٌ عنْ تعذيبِ هذا لِنفسِه، وأمَرَه أنْ يَرْكَب))، فلا عَجبَ أنْ وَصَفَه رَبُّه باسمَيْنِ منْ أسمائه وصِفتَيْنِ مِنْ صِفاته فقال: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ))(6).
   عبادَ اللهِ :
   وكَما وَسِعَتْ رحمَتُه -صلى الله عليه وسلم- المؤمِنين، وسِعَتْ كَذلِكَ المُناوئِين، فكَان نَصِيبُهم مِنْ رحمَتِه وافِرا، وفيضاً زاخِرا، رَغمَ ما كانْ يُلاقيه مِنْهم مِنْ إيذاءٍ، وسُخريةٍ واستهزاءٍ، وصَدٍّ عَنْ دعوتِه، ووضعِ العَراقيلِ أمامَ رِسالتِه، فكانَ رَغمَ ذلك يَمدُّ يَدَه إليهم ويدعو لهم، ورُبَّما صَبُّوا عليه الأذى أصنافاً وألوانا؛ فيفيضُ عليهمُ رِقَّّّّةً ورحمةً وحناناً؛ فَقَدْ كان يلتَمِسُ لهمُ الأعذارَ فيقول: ((اللهم اهدِِ قومي فإنَّهم لا يَعلمون))، ويقول: ((أرجو أنْ يُخرِجَ اللهُ مِنْ أصلابِهم مَنْ يعبُدُه ولا يُشرِكُ به شيئاً))، ولَقَدْ حقَّقَ اللهُ لِرسُولِه -صلى الله عليه وسلم- رجاءَه وأجابَ له دُعاءَه؛ فأخرجَ اللهُ مِنْ أصلابِهم مَنْ عَبَدوه حقَّ عِبادتِه وآزروا رسولَه (، وكانَ -صلى الله عليه وسلم- يَحُثُّ الأبنْاءَ على صِلةِ الآباءِ وإنْ كانوا على غيرِ دِينِهم، فالإسلامُ لا يجعلُ اختلافَ العقيدةِ مَثارَ قَطيعةٍ تُؤدِّي إلى العُقوقِ، وإضاعةِ ما بين الأرحامِ مِنْ حقوق، وقدْ تَضمّنَ كِتابُه الكريمُ هذهِ السماحةَ، وسَجّلها بِكُلِّ وضوحٍ وصراحة، وذلك في قولِه تعالى:  ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً))(7)، ولمّا كانتِ السُّنَّةُ النبويةُ موضَّحةً ومُفسَّرةً لِمَا جاءَ في الآياتِ القرآنيةِ فَقَدْ أَمَرَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- أسماءَ بنتَ أبي بكرٍٍٍ أنْ تَصِلَ أمَّها على الرَّغمِ مِنْ شِركِها، تقولُ أسماءُ-رضيَ اللهُ عنها-: ((قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي وهي مُشركةٌ في عهدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فسألتُه: أأصِلُ أمِّي؟ قال: نعم صِلي أمَّك)). إنَّ رحمةَ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- شَمِلتْ كلَّ الناسِ على مُختَلفِ العقائدِ والأجناسِ؛ فجاءَ بمنهجٍ وسطٍ جميلٍ، اليُسرُ والتخفيفُ طابِعُه الأصيل، إذ وَضَعَ عن الناسِ الإِصرَ والأغلالَ، فشَعَروا بِلَذَّةِ العبادةِ لله صاحبِ العظمةِ والجلالِ، يصفُ الله رسولَه -صلى الله عليه وسلم- فيقول: ((وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)) (8) ، إنَّ المبادئَ التي جاءَ بها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ودعا الناسَ إليها أساسُها الرحمةُ العامَّةُ، وثمرتُها تحقيقُ المصلحةِ التامَّة.
   فاتقوا اللهَ -عبادَ الله-، وتأسَّوا برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- واقتَدوا، وبِهداهُ اهتَدوا؛ تهنَؤوا وتَسعدُوا.  
  أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   لََقَدْ أثبتَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الرَّحمَةَ لِبِعثتِه بأعظمِ أسلوبٍ وأبلغِ بيانٍ فقال: ((إنّما أنا رَحْمَةٌ مُهداةٌ))، فإذا كانت ذَاتُه -صلى الله عليه وسلم- رحمةً فصفاتُه كَذلك، فالرسولُ -صلى الله عليه وسلم- رِسالَةُ رحمةٍ للعالمين أَهْداها اللهُ إليهم، كما جاء - عليه الصلاةُ والسلامُ- إلى النّاسِ بِدِينٍ تَتَجلَّى الرحمةُ في إِرشَاداتِه وتَوجيهاتِه، فالقولُ والعملُ والسلوكُ الذي أَمَرَ به الدِّينُ ظاهِرُه وباطِنُه الرحمة، فمَنْ عمِلَ عملاً أو قالَ قولاً يُجافي الرحمةَ غَلُظَ قَلْبُه وقسا، وقساوةُ القلبِ تَجلِبُ اللعنةَ والمقتَ، في كلِّ حِينٍ ووَقْت، يقولُ اللهُ تعالى: ((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً)) (9)، ويقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((إنَّ أبْعدَ النّاسِ مِنَ اللهِ تعالى القلبُ القاسي)). إنَّ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- وهو القُدوةُ والأسوةُ كان يَنهى عنْ أيِّ تصرُّفٍ يَنِمُّ عنِ القسوةِ، ومِنْ مظاهرِ رحمَتِه -صلى الله عليه وسلم- حِرْصُه البالغُ على هِدايةِ الناسِ وإِرشادِهِم إلى ما فيه سعادَتُهم في الدنيا والآخرة، حتى لقدْ بَلغَ به الحِرصُ على ذلك أنّه كان يأسفُ ويحزنُ حينَ يرى بعضَ الناسِ قدْ نَأوا عَنْ طريقِ الهدايةِ، وسَلكوا سبيلَ الغَوَايةِ، غيرَ أنَّ القرآنَ الكريمَ كان ينزِلُ عليه يُسلَِّيه ويُسَرِّي عنْه، ويُعلِّمُه بأنّه ليسَ عليه إلاَّ إِبلاغُ رسالةِ ربِّه، فمَنِ اهتدى فلِنفسِه ومَنْ ضلَّ فإنَما يضِلُّ عليها، يقولُ اللهُ تعالى: ((فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)) (10) ، ويقول: (( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ))، ويقول: ((لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ))(11)، ويَضْرِبُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- مثلاً على حِْرصِه على هِدايةِ أُمّتِه فيقول: ((إنّما مَثَلي ومَثَلُ النّاسِ كمثلِ رَجُلٍ استوقَدَ ناراً فلمّا أضاءَتْ ما حولَه جعلَ الفَراشُ وهذه الدَّوابُّ - التي تَقعُ في النّارِ- يَقعْنَ فيها، وجَعلَ يحجِزُهنَّ ويَغْلِبنَهُ فيتقحَّمْنَ فيها، فهذا مَثَلي ومَثَلُكم، فأنا آخذُ بحُجَزِكم عن النّار وأنْتم تَقْحَّمُون فيها)).
   فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، وأطيعوا اللهَ والرسولَ لَعلَّكم تُرحَمون.       
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (12).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة الأنبياء / 107 .
(2) سورة المائدة / 15-16 .
(3) سورة فصلت / 42 .
(4) سورة النحل / 64 .
(5) سورة المائدة / 3 .
(6) سورة التوبه / 128 .
(7) سورة لقمان / 15 .
(8) سورة الأعراف / 157 .
(9) سورة المائدة / 13 .
(10) سورة فاطر / 8 .
(11) سورة الشعراء / 3 .
(12) سورة الأحزاب / 56 .