التَّربِيَةُ الأُسَريـَّة
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
08/07/2007
خطبة الجمعة بتاريخ 28 جمادى الثانية 1428هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التَّربِيَةُ الأُسَريـَّة
   الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، خلَقَ الإنسانَ مِنْ طِينٍ، وأسجدَ لَهُ الملائِكَةَ المُقرَّبِينَ، وجَعلَ مِنْ زِينَةِ الحَياةِ الدُّنيا المالَ والبَنِينَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيرُ أَبٍ عَرَفَتْهُ البَشَرِيَّةُ، وأَفْضَلُ مُرَبٍّ نَعِمَتْ بِهِ الإِنسَانِيَّةُ، -صلى الله عليه وسلم-  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجمَعينَ، والتَّابعينَ لَهُم بِإِحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   لَقَد خَلَقَ اللهُ عِبادَهُ على الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ، وبَعَثَ رُسُلَهُ الكِرامَ لِتَقْرِيرِ نِداءاتِ الفِطْرةِ السَّويَّةِ، يقولُ سُبْحانَهُ مُخاطِباً نَبِيَّهُ مُحمَّداً -عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )) (1)، تِلْكَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَخبَرَ نَبِيُّنا الكَرِيمُ -صلى الله عليه وسلم-  أَنَّ كُلَّ مَولُودٍ يُولَدُ علَيها؛ فَالأَطْفَالُ في بِدَايَةِ حَياتِهِمْ سِجِلٌ مَفْتُوحٌ، أَبْيَضُ نَاصِعٌ، يَستَقْبِلُ ما يَرِدُ علَيهِ مِنْ حَقٍّ وَباطِلٍ، وَخَيْرٍ وشَرٍّ، إِنَّهُمْ أَرضٌ تُنْبِتُ أَيَّ غِراسٍ مِنْ مكَارِمِ الأَخْلاقِ ومَساوئِها، ومَحاسِنِ الصِّفَاتِ وسَيِّئِها، لِتُؤتِيَ أُكُلَها في مُستَقْبَلِ أيَّامِها، لِذَا لَزِمَ الاهتِمامُ بِهِمْ، وحِمَايَتُهُمْ عَنْ كُلِّ ما يُؤَدِّي إلى ضَيَاعِهِم، فعلَى قَدْرِ هذهِ الرِّعايَةِ والعِنَايَةِ يَتَحَدَّدُ مَصِيرُ المُجتَمَعِ والأُمَّةِ.
   عبادَ اللهِ :
   إنَّ مِنْ أَهَمِّ العَوامل الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى انحِرافِ الأَبنَاءِ وفَسادِ خُلُقِهِمْ تَخَلِّي الأَبَوَينِ عَنْ إِصلاَحِهم، وانشِغَالَهما عَنْ تَوجِيهِهِمْ وتَربِيَتِهِمْ، وعَدَمَ الإِشْرافِ على تَقْوِيمِهِم وتَوجِيهِهِمْ، فَقَدْ يَكُونُ الأَبُ مُستَغْرِقَ الهَمِّ والتَّفْكِيرِ في دَوَّامَةِ زِراعَتِهِ أو تِجَارتِهِ أو صِنَاعَتِهِ، أو وَظِيفَتِهِ وعَمَلِهِ، لِيأخُذَ العَملُ جُلَّ وَقْتِهِ، ولا يَجِدُ مُتَّسعاً لِلجلُوسِ مَعْ أَولاَدِهِ وأَهلِهِ، بلْ إِنَّ منَ الآباءِ مَنْ يُمْضِي مُعْظَمَ الوَقْتِ خَارِجَ بَيتِهِ، مُنْصَرِفاً مَعْ أَصحَابِهِ في رَحَلاَتِهِ وخلَواتِه، نَاسِياً مَسؤُولِيَّاتِهِ تِجَاهَ بَيتِهِ وأُسْرَتِه، وكَذَا الأُمُّ الَّتِي تُقَصِّرُ في وَاجِبِها التَّربَوِيِّ نَحْوَ أَولاَدِها، بِسَبَبِ انصِرافِها سَاعَاتٍ طَويلَةٍ مَعْ مَعارِفِها واستِقْبَالِ ضُيُوفِها، لَقَد نَسِيَ هَؤُلاَءِ قَولَ نَبِيِّهِمُ الكَرِيمِ -صلى الله عليه وسلم-  : ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي بَيتِهِ ومَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه، والمَرأةُ راعِيَةٌ في بَيتِ زَوجِها ومَسؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِها)). إِنَّ الإسلامَ يُرِيدُ مِنَ المُسلِمِ أَنْ يُحقِّقَ التَّوازُنَ في حَياتِهِ؛ لِيُؤَدِّيَ جَمِيعَ واجِباتِهِ، كَما جَاءَ فِي الحَدِيثِ: ((إِنَّ لِرَبِّكَ علَيكَ حَقّاً، ولِنَفْسِكَ علَيكَ حَقّاً، ولأَهْلِكَ علَيكَ حَقّاً؛ فأَعطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه)). إِنَّ مِنَ الخَطَأِ الواضِحِ الاعتِنَاءَ بِإِنْجابِ الأَولاَدِ وتَلْبِيَةَ حاجَاتِهِمُ المَادِّيَّةِ دُونَ الالتِفَاتِ إِلَى تَربِيَتِهِمُ الإِيمانِيَّةِ والرُّوحِيَّةِ، فَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِنَّما يُحَمِّلُ المُجتَمَعَ أَعبَاءَ أَولاَدٍ مُهمَلِينَ، بِلاَ رَاعٍ ولاَ مُعِينٍ.
   عبادَ اللهِ:
   إِنَّ البَيْتَ هُوَ المَدْرَسَةُ الأُولَى لِبِنَاءِ عقُولِ الأَبناءِ وتَهذِيبِ سُلُوكِهِمْ، وتَربِيَةِ القِيَمِ والأَخْلاَقِ في أَنفُسِهِمْ، بلْ إِنَّ التَّربِيَةَ الأُسَرِيَّةَ هِيَ الَّتِي تُحَدِّدُ لَهُمُ الأُسلُوبَ الَّذِي سَيُواجِهُونَ بِهِ مِشْوارَ حَياتِهِم، فَفِي البَيْتِ يَتَلَقَّى الطِّفْلُ المَعاييرَ الَّتِي تَحكُمُ عَلاَقَاتِه المُختَلِفَةَ مَعَ المُجتَمَعِ مِنْ حَولِه، لِذَا كَانَ الوَاجِبُ علَى الأَبَوَينِ أَنْ يَأْخُذُوا بِأَيْدِي أَبنَائِهِمْ في صِغَرِهِمْ، وأَنْ يَحرِصُوا علَى تَعَهُّدِهِمْ ورِعايَتِهِمْ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِمْ، وأَنْ يَستَشْعِرُوا المَسؤُولِيَّةَ التَّامَّةَ في تَربِيَتِهِمْ، وقَد لَفَتَ القُرآنُ الكُريمُ إِلَى أَهَمِّيَّةِ رِعايَةِ الأَبنَاءِ صِغَاراً، وما لَها مِنْ أَثَرٍ عَظِيمٍ عِنْدَما يَغدُونَ كِباراً، فَقَالَ سُبحانَهُ مُخاطِباً نَبِيَّهُ يَحيَى -عليهِ السَّلامُ-: (( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً، وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً، وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً))(2)، وتَأْكِيداً علَى أَهِمِّيَّةِ رِعايَةِ الأَبنَاءِ مُنْذُ الصِّغَرِ نَجِدُ قَولَهُ تَعالَى فِي سُورَةِ النُّورِ: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ )) (3). إِنَّهُ أَدَبٌ رَفِيعٌ فِي تَربِيَةِ الأَطْفَالِ على خُلُقِ الاستِئذَانِ، يَدلُّ دَلاَلَةً واضِحةً علَى أَنَّ الأولادَ فِي مَرحلَةِ الصِّغَرِ مُؤَهَّلُونَ لِلتَّلَقِّي والتَّوجِيهِ، والتَّدرِيبِ علَى العِبادَاتِ والأَخْلاَقِ.
   عِبادَ اللهِ :
   قَد يَحسَبُ بَعضُ الآباءِ أَنَّ مَسؤُولِيَّةَ تَربِيَةِ الأَبناءِ تَقِفُ عِنْدَ حَدِّ الأَوامرِ والتَّوجِيهاتِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ استِجابَةً مِنْهُمْ لَجأ إِلَى العُقُوباتِ، وهَذَا خَطأٌ ظَاهرٌ وفَهْمٌ قَاصِرٌ لِمَعنى التَّربِيَةِ، إِذْ أَنَّ لَها أَسالِيبَ مُختَلِفَةً وطَرائِقَ مُتَعَدِّدةً، وأَهَمُّ لَبِنَةٍ فِيها غَرسُ مُراقَبَةِ اللهِ تَعالَى، يقُولُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  لابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: ((يا غُلامُ احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجاهَكَ))، أَلاَ وإِنَّ مِنْ أَهَمِّ وَسائِلِ التَّربِيَةِ إِشْباعَ الحاجَاتِ النَّفْسِيَّةِ لِلأَبنَاءِ؛ بِإِظْهَارِ الاعتِنَاءِ بِهِمْ، وإِشْعارِهِمْ بِمَحَبَّتِهِم، فَهُمْ يَنتَظِرُونَ مِنَ آبائِهِمْ أَنْ يكُونُوا مَحلَّ اهتِمامِهِم، لِيُصغَى لَهُمُ السَّمْعُ عِنْدَما يَسأَلُونَ أو يَشكُونَ، ويُنْصَتَ لِقَصَصِهِمْ عِنْدَما يَحكُونَ، إِنَّ الأَبَ إِذَا فَعلَ ذَلِكَ عَزَّزَ صِلَتَهُ بِأَولاَدِه، واكتَسَبَ ثِقَتَهُمْ، فَكَانَ أَدعَى لَهُمْ في استِماعِ نَصائِحِهِ وإِرشَادَاتِه، وقَد حَفَلَتِ السُّنُّةُ النَّبَوِيَّةُ بِمَظَاهِرَ عَدِيدةٍ لاحتِرامِ الطِّفْلِ وتَقْدِيرِه، فَقَدْ كَانَ -صلى الله عليه وسلم-  يُسلِّمُ علَى الأَطْفَالِ ويُقَبِّلُهُم، ويُداعِبُهُمْ ويُمازِحُهُمْ،  بلْ إِنَّهُ كَانَ يُحاوِرُهُمْ ويَحتَرِمُ آراءَهُمْ، فَعَنْ سَهلِ بنِ سَعدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  أُتِيَ بِشَرابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وعَنْ يَسارِهِ أَشْياخٌ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: ((أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعطِيَ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ الغُلاَمُ: لاَ واللهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحداً))، فَما أَجمَلَهُ مِنِ اهتِمامٍ، وَما أَحسَنَهُ مِنِ احتِرامٍ، إِنَّهُ يُشْعِرُ الصَّغِيرَ بِالثِّقَةِ فِي نَفْسِه، لِيَكُونَ ذَلِكَ خَيْرَ مُعِينٍ لَهُ فِي كِبَرِهِ علَى تَحَمُّلِ المَسؤُولِيَّةِ، والبُعدِ عَنِ الانطِوَاءِ والانهِزَامِيَّةِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وارعوا أَبنَاءَكُمْ؛ لِيَشِبُّوا نَافِعِينَ لأَنفُسِهِمْ وأُمَّتِهِمْ، مُبتَعِدِينَ عَنْ كُلِّ ما يَضرُّ بِمُستَقْبلِهِمْ.
    أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
   الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِذَا كَانَتْ تَربِيَةُ الأَبنَاءِ في جَمِيعِ الأَوقَاتِ وَاجِبَةً، فَإِنَّها في أَيَّامِ الإِجَازَاتِ أَوجَبُ وأَوكَدُ؛ إِذِ الفَراغُ عُرضَةٌ لِلضَّيَاعِ إِنْ لَمْ يُستَثْمَرْ فِيما يَنْفَعُ فِي المَعاشِ والمَعادِ، وقَدْ نَبَّهَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم-  علَى ذَلِكَ عِنْدَما قَالَ: ((نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِما -أَي لاَ يَعرِفُ قَدرَهُما- كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ))، فَيَجِبُ علَى الآبَاءِ أَنْ يُوَجِّهُوا أَبنَاءهُمْ لاستِغلاَلِ هَذِهِ النِّعمَةِ؛ بِإِعدَادِ بَرامِجَ هَادِفَةٍ مُفيدَةٍ، تُقَوِّمُ أَخلاَقَهُمْ، وتَرفَعُ مِنْ ثَقَافَتِهِمْ، وتُوَجِّهُ طَاقَاتِهِمْ نَحوَ الخَيْرِ.
   فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وأَعينُوا أَبنَاءكُمْ علَى اغتِنَامِ أَوقَاتِهِمْ، واستِثْمارِ طَاقَاتِهِمْ، وكُونُوا لَهُمْ قُدوَةً حَسَنَةً، وأَبعِدُوهُمْ عَنْ كُلِّ رِفْقَةٍ سَيِّئَةٍ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (4).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
                                             
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
                                             
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
(( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة     الروم / 30 .
(2) سورة     مريم / 12-14 .
(3) سورة     النور / 58 .
(4) سورة الأحزاب / 56 .