الـوفَـاءُ خـُلُـقُ الأَتـقـياءِ |
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء | |
10/02/2008 | |
طبة الجمعة بتاريخ 1 صفر 1429هـ بسم الله الرحمن الرحيم الـوفَـاءُ خـُلُـقُ الأَتـقـياءِ الحَمْدُ للهِ الذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وأَلهَمَ الإِنسانَ هَدْيَهُ ورُشْدَهُ، وأَمَرَهُ أَنْ يُوَفِّيَ بعَقْدِهِ، ويَلْتَزِمَ شَرَفَ كَلِمتِهِ وعَهْدِهِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، جَعَلَ الوَفاءَ مِنْ شِيَمِ المُتَّقِينَ، وخُلُقاً رَفِيعاً مِنْ أَخْلاَقِ المُؤمِنينَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، أَوفَى الخَلْقِ بِالوُعُودِ والذِّمَمِ، وأَشكَرُهمْ للإِحسَانِ والنِّعَمِ، -صلى الله عليه وسلم- وعَلَى آلهِ وصَحْبِهِ صَفْوَةِ الأُمَمِ، وعَلَى أَتْباعِهِ مَا خَطَّ فِي فَضْلِ الوَفاءِ قَلَمٌ، ومَا تَحَدَّثَ بِمَحاسِنهِ لِسانٌ وفَمٌ. أَمّا بَعْدُ، فيا أَيُّها المسلمون: يَقولُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالَى: ((وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ))(1)، فاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واعلَموا أَنَّ الوَفاءَ كَلِمَةٌ تَنْشَرِحُ لَها الصُّدورُ، وتُشْرِقُ أَحْرُفُها ضِياءً بَيْنَ ثَنايا السُّطورِ، وفِيها تَفانَى النَّاسُ عَلَى مَرِّ العُصورِ، فَيا لَها مِنْ حَقِيقَةٍ رَائعَةٍ وأَروَعُ مِنها صَاحِبُها، إِنَّها التِزامٌ صادِقٌ بِالأَقوالِ والكَلِماتِ، وثَباتٌ عَلَى الحَقِّ مَهْما تَكالَبَتِ النَّكَبَاتُ، والوَفاءُ بِالعَهْدِ أَدَبٌ رَبّانِيٌّ حَمِيدٌ، وخُلُقٌ نَبَويٌّ كَرِيمٌ، وسُلُوكٌ إِسلاَمِيٌّ نَبِيلٌ، جَعَلَهُ اللهُ صِفَةً لأَنبِيائِهِ، فَقالَ تَعالَى فِي إِبراهيمَ -عَلَيهِ السَّلامُ-: ((وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ))(2)، فَحِينَ ابتَلاَهُ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ وأَوامِرَ ونواهٍ أَتَمَّهُنَّ وقَامَ بِهِنَّ، وقَدَّمَ وَلَدَهُ إسمَاعِيلَ قُرْباناً تَنْفِيذاً لأَمْرِ اللهِ، وصَبَرَ عَلَى النَّارِ ابتِغاءَ عَفْوهِ ورِضاهُ، وقَالَ سُبْحانَهُ فِي إِسماعِيلَ -عليهِ السَّلاَمُ-: ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً))(3)، وأَعلَى دَرَجاتِ الوَفاءِ وأَسْماها، وأَجَلُّها وأَرقَاها، وَفَاءُ الإِنسانِ مَعَ رَبِّهِ الذِي خَلَقَ نَفْسَهُ وسَوَّاها، ورَفَعَ قَدْرَها وأَعلاَها، إِنَّ الوَفاءَ مَعَ اللهِ التِزامٌ بَأَمْرِهِ ونَهْيِهِ، وخُضُوعٌ لِشَرْعِهِ وحُكْمِهِ، إِنَّهُ عَهْدٌ أَخَذَهُ اللهُ عَلَى كُلِّ البَشَرِ، وَفَى بِهِ مَنْ آمَنَ وقَصَّرَ فِيهِ مَنْ كَفَرَ، قَالَ تَعالَى: ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ))(4)، إِنَّهُ إِيمَانُ الفِطْرَةِ التِي فَطَرَ اللهُ النَّاسَ عَلَيْها، وهُوَ مَعَ كَونِهِ مِيثَاقاً وعَهْداً بَيْنَ اللهِ تَعالَى وَعِبادِهِ فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ عُظْمَى ومِنَّةٌ كُبْرَى، قَالَ اللهُ تَعالَى: ((وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))(5)، وَلِمَ لاَ؟ والالتِزامُ بِهِ مُوْصِلٌ إِلى الجِنَانِ، وواقٍ مِنَ الشَّيْطانِ، قَالَ سُبْحانَهُ: ((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ))(6)، فَالالتِزامُ بِدِينِ اللهِ واتِّباعُ شَرْعِهِ ومَنْهَجِ رَسولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَفاءٌ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: ((كُلُّ مَا أَحَلَّ اللهُ ومَا حَرَّمَ ومَا فَرَضَ فِي القُرآنِ، فَهُوَ عَهْدٌ))، فَالإِيمانُ بِاللهِ والإِحسانُ بِالقَولِ والفِعْلِ، وإِقَامُ الصَّلاَةِ وإِيتاءُ الزَّكاةِ عَهْدٌ، وسَائرُ الطَّاعاتِ وَفاءٌ بِالعَهْدِ، قَالَ تعَالَى: ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ))(7)، والمُعْرِضونَ هُمْ أُولئكَ الذِينَ نَكَثوا عَهْدَهَم مَعَ اللهِ، وارتَكَبوا الإِساءَةَ وابتَعدوا عَنِ الإِحسَانِ وتَهاوَنوا بِشَرْعِهِ سُبْحانَهُ، ومِنَ الوَفاءِ للهِ سُبْحانَهُ الوَفاءُ لِرَسولِهِ -صلى الله عليه وسلم- باتِّباعِ سُنَّتِهِ والسَّيْرِ عَلَى هَدْيِهِ، قَالَ تَعالَى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً))(8)، والوَفاءُ لِكتابِهِ سُبْحانَهُ وتَعالَى، بِتَعلُّمِهِ وتَعلِيمِهِ، وحُسْنِ تِلاوَتِهِ وتَرتِيلِهِ، والعَمَلِ بِما فِيهِ، والوقوفِ عِنْدَ أَوامِرِهِ ونَواهِيهِ، قَالَ تَعالَى: ((قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))(9)، وعَنهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنّهُ قَالَ:((عَلِّموا أَولاَدَكُمُ القُرآنَ؛ فَإِنّهُ أَوَّلُ ما يَنْبَغِي أَنْ يُتَعلَّمَ مِنْ عِلْمِ اللهِ هُوَ)). أَيُّها المُسلِمونَ: إِنَّ مِنْ شِيَمِ الأَوفِياءِ، وأَخلاَقِ الفُضَلاَءِ، وشَمائلِ النُّبُلاءِ، الوَفاءَ للمُحْسِنينَ مِنْ أَربابِ الفَضْلِ وصُنَّاعِ المَعْروفِ، مِمَّنْ عُرِفوا بِمُساعَدَةِ المُحتاجِ وإِغاثَةِ المَلْهوفِ، وقَدْ ضَرَبَ الأَنبياءُ والمُرسلونَ وأَتْباعُهُم المُؤمِنونَ، عَلَى مَرِّ التَّاريخِ والعُصُورِ، وتَعاقُبِ الأُمَمِ والدُّهورِ، أَمثِلَةً فِي الوَفاءِ لأَهْلِ الإِحسَانِ، سُطِّرَتْ بِأَحْرُفٍ مِنْ نورٍ فِي صَفَحاتِ القُرآنِ، وحَفَلَتْ بِها كُتُبُ السِّيرَةِ العَطِرَةِ، فَأضْحَتْ نَسائمُ أَرِيجِها فِي الوَرَى مُنْتَشِرةً، تَشَنَّفَتْ بِسماعِها الآذانُ، وتَعَطَّرَتْ بِذِكْراها حِقَبُ الزَّمانُ، فَيا أَيُّتها الحَضَارَةُ المُعَاصِرَةُ، ويَا مَعشَرَ الجُموعِ الحاضِرَةِ، هَاكُم غَيْضاً مِنْ فَيْضِها، وإِلَيكُم شُعاعاً مِنْ ضِيائها، فَهَذا شَيْخُ المُرسَلِينَ نوحٌ -عَلَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- يَرُومُ الوَفاءَ لِوالِدَيْهِ؛ فَلاَ يَجِدُ خَيْراً مِنْ مَغْفِرَةِ اللهِ وَفاءً، ولاَ أَعظَمَ مِنْ رَحمَتِهِ أَجْراً وجَزاءً، فَيدعُو رَبّهُ قَائلاً -كَمَا حَكَى اللهُ عَنْهُ-: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَاراً))(10)، وهَذا عِيسى -عَلَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- يَصِفُ نَفْسَهُ كَما قَالَ تَعالَى عَنْهُ: ((وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً))(11)، إِنَّ الوَالِدَيْنِ هُما أَحَقُّ النَّاسِ بِالوفاءِ والبِرِّ، والإِحسانِ والعَطاءِ، وَفاءً لِما بَذلاَ، وجَزاءً عمّا لوَلَدِهما قَدَّما وفَعَلاَ، قَالَ تَعالَى: ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً))(12)، ومِنَ الشِّيَمِ النَّبِيلَةِ والأَخلاَقِ الرَّفِيعَةِ الجَلِيلَةِ الوَفاءُ المُتبادَلُ بَيْنَ الزَّوجَيْنِ، وقَدْ ضَربَ لَنا رَسولُنا -صلى الله عليه وسلم- فِي ذَلِكَ أَروعَ الأَمثِلَةِ، تَقولُ السَّيدةُ عائشَةُ أُمُّ المُؤمِنينَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها-: كَانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذا ذُكِرَتْ خَديجَةُ لَمْ يَكُنْ يَسأَمُ مِنْ ثَنائهِ عَلَيْها واستِغفارِه لَها، فَذَكَرها يَوْماً، فَحَملَتْنِي الغِيرَةُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ، قَالَتْ: فَرَأيتُهُ غَضِبَ غَضَباً أُسقِطتُ فِي خَلَدِي –أي ندمت في قلبي-، وقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللهُمَّ إِنْ أََذْهَبْتَ غَضَبَ رَسولِكَ عَنِّي، لَمْ أَعُدْ أَذكُرُها بِسُوءٍ، فَلَمّا رأَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَا لَقِيتُ قَالَ: ((كَيْفَ قُلْتِ؟ واللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنِي النَّاسُ، ورُزِقْتُ مِنْها الوَلَدُ وحُرِمتُموهُ مِنِّي، قَالَتْ عَائشَةُ: فَغَدا ورَاحَ عَليَّ بِها شَهْراً))، ومَرَّةً جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فأَحسَنَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- استِقبالَها، فَقالَ لَها: ((كَيفَ أَنتُم؟ كَيفَ حَالُكُم؟ كَيفَ كُنْتُم بَعْدَنا؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسولَ اللهِ، فَلَّما خَرَجَتْ، قُلْتُ: يَا رَسولَ اللهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ العَجُوزِ هَذا الإِقبَالَ؟ فَقالَ: يا عائشَةُ إِنَّها كَانَتْ مِنْ صَواحِبِ خَديجَةَ، وإِنَّها كَانَْت تَأتِينا زَمانَ خَديجةَ، وإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ مِنَ الإِيمانِ))، إِنَّها مَدْرَسةٌ محمد -صلى الله عليه وسلم- ، مَدْرَسَةُ الأَخلاَقِ والقِيَمِ، مَدْرَسَةُ المُروءَةِ والشِّيَمِ، مَدْرَسَةُ الإِحسانِ والوَفاءِ بِالذِّمَمِ، إِنَّ الإِحسَانَ لاَ يَموتُ بِمَوْتِ فَاعِلِهِ، والفَضلَ لاَ يَفْنَى بِفناءِ بَاذِلهِ، قَالَ تعَالَى: (( هَلْ جَزَاءُ الأِحْسَانِ إِلا الأِحْسَانُ))(13)، أَلاَ فَأحسِنوا إِلى الآباءِ والأُمّهاتِ، والأَزواجِ والزَّوجاتِ، وكُلِّ مَنْ كَانَتْ تَربِطُهُ بِكُم جَمِيلُ الصِّلاتِ، ويَضْرِبُ لَنا أَبو بَكرُ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِثالاً رَائعاً عَلَى الوَفاءِ للمُعلِّمينَ والمُرشِدينَ ودُعاةِ الخَيْرِ؛ فَقَدْ خَرجَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَعَ عَلَيِّ بنِ أَبِي طَالبٍ- كَرَّمَ اللهُ وَجههُ- مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ بَعْدَ وَفاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ، فَإِذا بِهِ يَرَى الحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيانِ، فَيَتذكَّرُ حَبِيبَهُ -صلى الله عليه وسلم-، فَيأَخُذُهُ ويَحْمِلُهُ ويَقولُ: ((بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ))، ثُمَّ يَذْهَبُ ويَحْمِلُهُ كَما كَانَ يَحْمِلُه -صلى الله عليه وسلم- رِعايَةً وحُسْنَ عَهْدٍ لِعِشْرَتِهِ -صلى الله عليه وسلم-. أَيُّها المُسلِمونَ: إِنَّ مِنَ الوَفاءِ المَحْمودِ، والأَجْرِ المُتَّصِلِ المَمْدُودِ، الوَفاءَ لِلْمَيِّتِ مِنَ الصَّالِحينَ، ورِعايَةَ أَولادِ مَنْ مَضَى مِنَ المُحْسِنينَ، فَإِنَّ البِرَّ لاَ يَبلَى، والإِحسَانَ يَستَمِرُّ عَهْدُهُ ويَبقَى، فَقَدْ أَورَدَ ابنُ هِشامٍ أَنَّ سُفانَةَ بِنْتَ حَاتِمِ الطَّائيِّ وَقَعَتْ فِي أَسْرِ المُسلِمينَ، فَمَرَّ عَلَيها النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَتْ لَهُ: ((يَا رَسولَ اللَّهِ! امْـنُنْ عَلَيَّ؛ مَنَّ اللَّهُ عَليكَ، فَقَدْ هَلَكَ الوَالدُ، وغابَ الوافِدُ، ولا تُشْمِتْ بِي أَحياءَ العَرَبِ، فَإِنِّي بِنْتُ سَيدِّ قَومِي، كَانَ أَبِي يَفُكُّ الأَسِيرَ ويَحْمِي الضَّعِيفَ، ويَقْرِي -أَي يُكْرِمُ- الضَّيفَ، ويُشْبِعُ الجائعَ، ويُفرِّجُ عَنِ المَكْروبِ، ويُطْعِمُ الطَّعامَ ويُفْشِى السَّلامَ، ولَمْ يَرُدَّ طَالِبَ حَاجَةٍ قَطُّ، أَنا بِنْتُ حاتِمِ الطَّائِيّ))، فَقالَ لَها رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((يا جَارِيةُ، هَذِهِ صِفَةُ المُؤمِنِ، لَو كَانَ أَبوكِ مُسلِماً لَتَرَحَّمنا عَلَيهِ))، ثُمَّ قَالَ لأَصْحابِهِ: ((خَلُّوا عَنْها، فَإِنَّ أَباها كانَ يُحِبُّ مَكارِمَ الأَخلاَقِ)) ثُمَّ قَالَ لَها: ((فَلاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَجِدي ثِقَةً يُبلِّغُكِ بِلادَكِ ثُمَّ آذِنينِي))، فَلَمَّا قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ أَهلِها أَرادَتِ الخُروجَ مَعَهم، وذَهَبَتْ إِلى رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَستأْذِنُهُ، فَأَذِنَ لَها وكَساها مِنْ أَحسَنِ ما عِنْدَهُ مِنَ الثِّيابِ، وجَعَلَ لَها مَا تَركَبُهُ، وأَعطَاها نَفَقَةً تَكْفِيها مَؤونَةَ السَّفَرِ وزِيادَةً، إِنَّهُ الإِحسانُ لِمَنْ أَحسَنَ، إِنَّها المُعامَلَةُ الرَّاقِيَةُ التِي تُورِثُ فِي النُّفوسِ حُبّاً لأَصحابِها، وفِي القُلوبِ مَوَدَّةً لأَرْبابِها، ويُرْوَى أَنَّ ابنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَابَلَهُ أَعرابِيٌّ فَتَوقَّفَ ابنُ عُمَرَ ونَزَلَ ووقَفَ مَعَهُ وقَالَ: أَلَسْتَ ابنَ فُلانٍ بنَ فٌلانٍ؟ قَالَ: بَلَى، ثُمَّ أَلْبَسَهُ ابنُ عُمَرَ عِمامَةً كانَتْ عَلَيهِ وقَالَ لَهُ: اشدُدْ بِها رَأسَكَ، ثُمَّ أَعطاهُ دَابَّتَهُ وقَالَ: اركَبْ هَذا، فَتَعجَّبَ أصحابُ ابنِ عُمَرَ، وقَالوا لَهُ: إِنَّ هَذا مِنَ الأَعرابِ، وهُمْ يَرْضَونَ بِالقَليلِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبا هَذا كَانَ وِدّاً لِعُمَرَ، وإِنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: ((إِنَّ مِنَ أَبَرِّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ))، إِنَّهُ مَوقِفٌ يَجْمَعُ بَيْنَ بِرِّ الإبنِ بِأَهلِ وُدِّ أَبيهِ وبِرِّهِ بِوَلَدِ ذِي الإِحسانِ، هَذَا وإِنَّ مِنَ الوَفاءِ للمَيِّتِ كَفالَةَ أَولاَدِهِ الأَيتامِ، وتَعَهُّدَهُم بِالرِّعايَةِ والكِسْوَةِ والإِطْعامِ، وإِرشَادَهُم إِلى مَعَالِي الأُمورِ والهِمَمِ العِظامِ، قَالَ تعَالَى: ((وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم))(14)، وعَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((أَنا وكافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنّةِ كَهاتَيْنِ، وأَشارَ بِالسَّبابَةِ والوسطْى وفَرَّجَ بَينَهما))، وإِنَّ مِما يَنبَغِي الالتِفاتُ إِلَيهِ فِي كَفالَةِ اليَتِيمِ أَنْ يُختارَ لَهُ الوَكيلَ الصَّالِحَ، الذِي عُرِفَ بِالصَّلاَحِ فِي نَفْسِهِ وأَهلِهِ ومُجتَمَعِهِ، حَتَّى ولَو لَمْ يَكُنْ قَريباً لَهُ، خِلاَفاً لِما جَرَتْ عَليهِ عَادَةُ البَعْضِ مِنْ تَوكِيلِ قَرِيبِ اليَتيمِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ صَلاَحِهِ وفَسادِهِ، فَإِنَّ موسَى -علَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ- استَخلَفَ علَى قَومِهِ أَخاهُ هارونَ -علَيهِ السَّلاَمُ- بَعْدَما وَصَفهُ بِصِفاتِ الصَّلاحِ، كَما حَكَى اللهُ عَنْهُ قَولَهُ: ((وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ))(15)، فَاستَخلَفَهُ لِعلْمِهِ بِصلاَحِ حَالِهِ وفَصاحَةِ مَقالِهِ، قَالَ تَعالَى: ((وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ))(16)، فَإِنَّ اليَتيمَ يَحتاجُ لِمَنْ يُدافِعُ عَنْ حُقوقِهِ، ويُحْسِنُ أَدَبَهُ وتَدْبِيرَ أُمورِهِ. فَاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وكُونوا أَوفياءَ لأَهلِ الإِحسانِ، بَعْدَ الوَفاءِ لِلْمَلِكِ الدَّيَّانِ، تَدْخُلوا الجَنَّةَ دَارَ الأَمانِ. أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ. *** *** *** الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : إِنَّ مِنْ صُوَرِ الوَفاءِ التِي أَكَّدَ عَلَيها الإِسلاَمُ، وحَثَّ عَلَى الالتِزامِ بِها الأَنامَ، الوَفاءَ بِالعُهودِ والوُعُودِ، فَمَنْ وَعَدَ صَاحِبَهُ وَجَبَ علَيهِ الوَفاءُ، وإِنْ مَنَعهُ مَانِعٌ لاَ طَاقَةَ لَهُ بِهِ وَجَبَ علَيهِ الاعتِذارُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ البِرِّ والإِيمانِ، والخَيْرِ والإِحسانِ، قَالَ تَعالَى: ((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))(17)، وهوَ مِنْ صِفاتِ المُتَّقينَ، وشَمائلِ المُؤمنينَ التِي أَمَرهُم بِها رَبُّ العَالَمينَ، قَالَ سُبْحانَهُ: ((وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً))(18)، إِنَّ إِخلاَفَ المواعِيدِ، والإِخلاَلَ بالمَواثيقِ والعُهودِ تَجُرُّ صَاحِبَها بَعيداً عَنْ حَظيرَةِ الإِيمانِ، وتُدنِيهِ مِنَ الفُسوقِ والعِصْيانِ، فَإِنَّ الغَدْرَ مَرتَعُهُ وخِيمٌ، والخِيانَةَ خَطَرُها جِدُّ جَسيِم، فَعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((أَربَعٌ مَنْ كُنَّ فيهِ كانَ مُنافِقاً خالِصاً، وَمَنْ كانَ فِيهِ خصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَ فِيهِ خِصلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حَتَّى يَدَعَها: إِذا اؤتِمنَ خَانَ، وإِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا عاهَدَ غَدَرَ، وإِذا خَاصَمَ فَجَرَ))، وفِي رِوايَةِ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ : ((آيَةُ المُنافِقِ ثَلاَثٌ، إِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا وَعَدَ أَخلَفَ، وإِذا اؤتِمنَ خَانَ))، وإِنَّ مِنَ الوَفاءِ الوَاجِبِ وَفاءَ الأَجيرِ أَجرَهُ دونَ مُماطَلَةٍ أَو نُقصانٍ، أَو تَعنِيفٍ أَو حِرْمانٍ، فَعَنْ أَبِي هُريرةَ أَيضاً -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((قَالَ اللهُ تَعالَى: ثَلاثَةٌ أَنا خَصْمُهم يَوْمَ القِيامَةِ: رَجَلٌ أَعطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجَلٌ باعَ حُرّاً فَأَكَلَ ثَمنَهُ، ورَجُلٌ استأَجَرَ أَجيراً فَاستَوفَى مِنهُ العَملَ ولَمْ يُوفِهِ أَجرَهُ))، فالالتِزامُ بِعُقودِ العَملِ وسائرِ المُعامَلاَتِ صِفَةٌ لازِمَةٌ للمُؤمنِ؛ فإِذا أَبرَمَ عَقداً فَيَجِبُ أَنْ يَحتَرِمَهُ، وإِذا أَعطَى عَهْداً فَيَجِبُ أَنْ يَلتَزِمَهُ، ومِنَ الإِيمانِ أَنْ يَكونَ المَرءُ عِنْدَ كَلِمَتهِ التِي قَالَها، يَنتَهِي إِلَيْها كَما يَنْتَهِي الماءُ عِنْدَ شُطآنِهِ، ويَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ المُؤمِنُ بَيْنَ النَّاسِ بِأَنَّ كَلِمتَهُ مِيثاقٌ غَلِيظٌ، لاَ خَوفَ مِنْ نَقضِها، ولاَ مَطْمَعَ فِي اصطيادِها، إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحِلُّ عَقْداً أَبرَمَهُ، يَنْتَظِرُ رِبْحاً أَوفَرَ مِنْ عَقْدٍ آخَرَ، لَكِنَّ الإِسلاَم َيَكْرَهُ أَنْ تُداسَ الفَضائلَ فِي سُوقِ المَنْفَعَةِ العَاجِلَةِ، ويَكْرَهُ أَنْ تَنطَوِيَ دَخائلُ النَّاسِ عَلَى نِيَّاتٍ مَغْشوشَةٍ، ويُوجِبُ الوَفاءَ عَلَى الفَرْدِ والجَماعَةِ حتَّى تُصانَ العُقودُ في الفَقْرِ والغِنَى، قَالَ تعَالَى: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ))(19)، وقَالَ سُبْحانَهُ: ((وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ))(20). فَاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وحافِظوا عَلَى أَداءِ الأَماناتِ علَى اختِلافِ أَلوانِها، وشَتّى صُوَرِها وأَنواعِها، فَفِي أَدائِها بُرْهانٌ علَى الإِيمانِ بالله، والتَزِمُوا أَمْرَهُ واجتَنِبوا نَهْيَهُ؛ فَإِنّهُ مَنْ يَتَقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسراً. هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (21). اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين. اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ. عِبَادَ اللهِ : ((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )). (1) سورة البقرة / 281. (2) سورة النجم / 37 . (3) سورة مريم / 54 . (4) سورة الأعراف / 172 . (5) سورة المائدة / 7 . (6) سورة يس / 60-61 . (7) سورة البقرة / 83. (8) سورة الأحزاب / 21 . (9) سورة المائدة / 15-16 . (10) سورة نوح / 28 . (11) سورة مريم / 32 . (12) سورة الإسراء / 24 . (13) سورة الرجمن / 60 . (14) سورة البقرة / 220 . (15) سورة القصص / 34 . (16) سورة الاعراف / 142 . (17) سورة الأعراف / 142 . (18) سورة الإسراء / 34 . (19) سورة النحل / 92. (20) سورة النحل / 95 . (21) سورة الأحزاب / 56 . |
|
آخر تحديث ( 10/02/2008 ) |