مِنْ أَخلاقِـيـَّاتِ الـتـجارَةِ
كتب قسم الخطب بدائرة الائمة والخطباء   
07/05/2008
خطبة الجمعة بتاريخ 3 جمادى الأولى 1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مِنْ أَخلاقِـيـَّاتِ الـتـجارَةِ
    الحَمْدُ للهِ الذِي أَحَلَّ لِعِبَادِهِ البَيْعَ والشِّرَاءَ، وجَعَلَهُما سَبَباً مِنْ أَسْبَابِ اليُسْرِ والرَّخاءِ، وطَرِيقاً مَشْروعاً لِلْرِّبْحِ والثَّراءِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَعَدَ المُيَسِّرِينَ عَلَى عِبَادِهِ ثَواباً عَظِيماً، وأَعَدَّ لِلمُنفِقينَ مَنْزِلاً عَالِياً كَرِيماً، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ، تَاجَرَ فَعُرِفَ بِالصِّدقِ والأَمَانَةِ، ونَهَى عَنِ الاستِغْلاَلِ والجَشَعِ والخِيانَةِ، -صلى الله عليه وسلم- وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَنْ تَبِعَهم مِنْ أَهلِ الإِحْسَانِ والإِعَانَةِ، صَلاَةً وسَلاَماً يَتَعاقَبَانِ تَعَاقُبَ اللَّيلِ والنَّهارِ، إِلَى أَنْ يَرِثَ الأَرْضَ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ.   أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي -عِبادَ اللهِ- بِتَقْواهُ، والتَّعَرُّضِ لِعَفْوِهِ ورِضَاهُ، قَالَ تَعالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ))(1)، واعلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ وجَعَلَ حَاجَةَ بَعْضِهمْ إِلَى بَعْضٍ دَائمَةً، وتَبَادُلَ المَصَالِحِ بَينَهُمْ حَالَةً قَائمَةً، وجَعَلَ لِذَلِكَ طُرُقاً وأَسْبابَاً، ولِلْخَيْرِ أَهْلاً وطُلاَّباً، ومِمَّا شَرَعَهُ عَزَّوَجلَّ فِي ذَلِكَ التِّجَارَةُ بِالبَيْعِ والشِّرَاءِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبابِ البَرَكَةِ والنَّماءِ، أَلاَ وإِنَّ لِلتِّجارَةِ فِي الإِسلاَمِ أَخْلاَقاً وآدَاباً، ولِلْرِّبْحِ طُرُقاً مَشْروعَةً وأَبواباً، ومِنْ أَعْظَمِ مَعايِيرِها وأَخْلاَقِها، وأَجَلِّ مَبادِئها وآدابِها، السَّماحَةُ فِي الأَخْذِ والعَطاءِ، والسُّهولَةُ فِي البَيْعِ والشِّراءِ، فَعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ، سَمْحاً إِذا اشْتَرَى، سَمْحاً إِذا قَضَى، سَمْحاً إِذا اقتَضَى))، دُعاءٌ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِالرَّحْمَةِ لِمَنْ جَعَلَ السَّماحَةَ خُلُقاً أَصِيلاً مِنْ أَخْلاَقِهِ، يَتَعاطَى عَلَى أَسَاسِها مَعَ جَمِيعِ مَنْ حَولَهُ مِنْ أَهلِهِ ورِفَاقِهِ، يَعقِدُ بِها فِي البَيْعِ والشِّراءِ صَفَقاتِهِ، ويَجْعَلُها نُصْبَ عَينَيْهِ إِذَا وَفَى أَوِ استَوفَى مُستَحقَّاتِهِ، فَمَا أَرْوَعَهُ مِنْ مَنْهَجٍ يَسْعَدُ بِهِ المُتَعامِلُونَ، ويَستَرِيحُ لِنَتائجِهِ المُؤْمِنونَ، مَنْهَجٌ النَّاسُ أَحْوَجُ مَا يَكونونَ إِلَيهِ وقَدَ عَصَفَتْ بِهِم رِياحُ الغَلاَءِ، التِي لَمْ تَقْتَصِرْ عَلَى بَلَدٍ دُونَ آخَرَ، ولَمْ يَسْلَمْ مِنْ لَفْحِها مُقِيمٌ أَو مُسَافِرٌ، لِمَا لِغَلاَءِ الأَسْعارِ مِنْ آثَارٍ سَيِّئَةٍ عَلَى الفَرْدِ والمُجتَمَعِ؛ حَيْثُ يَعْجَزُ الفَقَيِرُ عَنْ شِراءِ مَا لاَ غِنَى لَهُ عَنْهُ، وقَدْ يَتَحَمَّلُ آخَرونَ دُيونًا يَعْجَزونَ عَنْ أَدَائها، ولِذَلِكَ فَإِنَّ المُتأَمِّلَ فِي النُّصُوصِ الشَّرعِيَّةِ، بَآيَاتِها القُرآنِيَّةِ وأَحَادِيثِها النَّبَوِيَّةِ، يَجِدُ أَنَّ الشَّرِيعَةَ الإِسْلاَمِيَّةَ قَدْ عَالَجَتْ عِلاَجاً نَاجِعاً هَذِهِ الأَسْبابَ، لِتَبقَى الأُمَّةُ هَانِئَةً مُطْمَئنَّةً عَلَى رِزقِها وقُوتِها، فَقَدْ حَثَّ الإِسْلاَمُ عَلَى حُسْنِ النَّظَرِ فِي اكتِسابِ المَالِ، مِنْ طُرُقِهِ المُباحَةِ وأَسَالِيبِهِ المُناسِبَةِ، ودَعَا لِلْمُنَافَسَةِ فِي عَرْضِ السِّلَعِ والبَدَائلِ، تَأْصِيلاً لِمَبْدَأِ الوِقَايَةِ التِي تَقْطَعُ سُبُلَ الاحتِكَارِ، ولِيَكونَ لِلمُستَهلِكِ أَكْثَرُ مِنْ خِيارٍ، فَيأْخُذُ مَا لَدَيْهِ بِهِ استِطاعَةٌ واقتِدارٌ، يَقُولُ اللهُ تَعالَى: ((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))(2)، وَجاءَتْ نُصُوصُ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ حَاثَّةً المُسلِمَينَ عَلَى مُزاوَلَةِ التِّجَارَةِ والزِّرَاعَةِ والصِّناعَةِ بِمِهَنِها المُختَلِفَةِ، لأَنَّ بِها قِوامَ الأَرضِ، وصَلاَحَ أُمُورِ العِبَادِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وتَيْسِيرَ حَاجَاتِهمُ المَعِيشِيَّةِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ: ((عَلَيكُمْ بِالتِّجَارَةِ فَإِنَّ فِيها تِسْعَةَ أَعشَارِ الرِّزقِ))، كَمَا أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- حَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى العِنَايَةِ بِالأَرضِ وزِرَاعَتِها فِي قَولِهِ: ((التَمِسُوا الرِّزقَ فِي خَبايَا الأَرضِ))، وقَولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا مِنْ مُسلِمٍ يَغْرِسُ غَرساً أَو يَزْرَعُ زَرْعاً فَيأْكُلُ مِنْهُ إِنْسانٌ أَو طَيْرٌ أَو بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ))، ولَكِنْ قَدْ لاَ يَكُونُ المَرْءُ قَادِراً عَلَى تَوفِيرِ كُلِّ مُتَطَلَّبَاتِ حَياتِهِ بِعَمَلِ يَدِهِ، فَيَنشَأُ تَبادُلُ المَصَالِحِ بَيْنَ العِبادِ، وتُجلَبُ الإِحتِياجَاتُ مِنْ مُختَلَفِ الأَصَقاعِ والبِلاَدِ، وهُنا رُبَّما سُوِّلَ لِضِعَافِ النَّفُوسِ استِغلاَلُ الآخَرِينَ، واغتِنامُ حَاجَاتِ المُستَهلِكِينَ، فَجَاءَتْ تَعالِيمُ الإِسلاَمِ بِمَنْهَجٍ وَاضِحٍ يَقِي المُجتَمَعَ تَصَرُّفاتِ النُّفُوسِ الشَّحِيحَةِ، ويُوَجِّهُ التَّعامُلاَتِ وِجْهَتَها الصَّحِيحَةَ، فَحَرَّمَ ضُروبَ الإِستِغلاَلِ الجَشِعِ، وحَذَّرَ مِنْ خُطُورَةِ الأَنَانِيَّةِ والطَّمَعِ، فَنَهَى عَنِ الاحتِكَارِ، لِلْحَيلُولَةِ دُونَ المُغَالاَةِ فِي الأَسْعارِ، فَعَنْ أَبِي هُريْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ احتَكَرَ حُكْرةً يُرِيدُ أَنْ يُغلِي بِها عَلَى المُسلِمينَ فَهُوَ خَاطِئٌ))، والحُكْرَةُ حَبْسُ السِّلَعِ عَنِ البَيْعِ، ولَمْ يَقِفِ النَّهْيُ عِنْدَ الاحتِكارِ وَحْدَهُ، بَلْ تَعدَّاهُ إِلى كُلِّ تَصَرُّفٍ أَو احتِيالٍ تَكونُ نَتِيجَتُهُ رَفْعَ الثَّمَنِ دُونَ مُبَرِّرٍ، والمُغالاَةَ فِي الأَسْعارِ والتَّضْييقَ عَلَى النَّاسِ، فَعَنْ مَعقِلِ بنِ يَسارٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ دَخَلَ فِي شَيءٍ مِنْ أَسْعَارِ المُسلِمينَ لِيُغلِيَهَ عَلَيْهِم كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعظمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيامَةِ)) أَي بِمكَانٍ عَظِيمٍ مِنْها.
    أَيَُّها المُسلِمونَ:
    إِنَّ لِلتِّجَارَةِ فِي الإِسلاَمِ بُعْداً لاَ يَقِفُ عِنْدَ كَونِها مُجَرَّدَ سَعْيٍ لأَربَاحٍ شَخْصِيَّةٍ، بَل هِيَ وَسِيلَةٌ لِتَحقِيقِ الرَّفاهِيَةِ المَعِيشِيَّةِ، وعَامِلٌ مِنْ عَوامِلِ تَرابُطِ العَلاَقاتِ الاجتِماعِيَّةِ، إِنَّها ضَرورَةٌ لاستِمرارِ الحَياةِ الإِنْسَانِيَّةِ، هَذَا هُوَ الفَهْمُ الصَّحِيحُ لِمَعانِي التِّجَارَةِ، كَمَا استَوعَبَهُ سَلَفُ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَجَعَلوا مِنْها سَبَباً لِكَشْفِ الغُمَّةِ، وسَنداً لِلضُّعَفاءِ فِي المَواقِفِ المُدلَهِمَّةِ، وهُنا يَسْمُونَ بِنُفُوسِهِم عَنْ حُبِّ الذَّاتِ، إِلَى قَرْعِ أَبْوابِ الجَنَّاتِ، بِما يَجُودُونَ بِهِ عَلَى الضُّعَفاءِ مِنَ المُواسَاةِ والصَّدَقاتِ، فِي مَطْلَبٍ صَادِقٍ لِلْفَلاَحِ، قَالَ تَعالَى: ((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون))(3)، وتَرْوِي لَنَا كُتُبُ السِّيرَةِ عَنْ مَوقِفٍ مُشْرِقٍ لأَحَدِ تُجَّارِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- يَوْمَ أَصَابَ النَّاسَ شِدَّةٌ، فَقلَّتِ السِّلَعُ وارتَفَعَتِ الأَسْعارُ، إِنَّهُ الصَّحابِيُّ الجَلِيلُ عُثمانُ بنُ عَفَّانَ، فَقَدْ كَانَتْ لَهُ تِجَارَةٌ ضَخْمَةٌ فِيها صُنُوفٌ مِنَ الغِذَاءِ والكِسَاءِ وأَنْواعُ السِّلَعِ، ولَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ واقتَرَبَ مِنَ المَدِينَةِ جَاءَهُ التُّجَارُ يُساوِمُونَهُ ويَرْجُونَهُ حَتَّى دَفَعوا لَهُ رِبْحاً بِالعَشَرَةِ خَمْسَةً، وهُوَ يَقُولُ: جَاءَنِي أَكثَرُ-أَي أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ عَرْضٌ بِسِعْرٍ أَكْبَرَ مِنْ عَرْضِهِم-، فَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ تُجَّارُ المَدِينَةِ؛ فَمَنْ دَفَعَ لَكَ أَكْثَرَ؟ فَقَالَ: ((إِنَّ اللهَ وَعَدَ بِالحَسَنَةِ عَشْرَةَ أَمثالِها، وإِنَّي أُشْهِدُكُم أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ التِّجَارَةِ صَدَقَةٌ عَلَى أَهلِ المَدِينَةِ))، ومَا جَاءَ المَساءُ حَتَّى كَانَتْ كُلُّهَا مُوَزَّعَةً عَلَى المُحتَاجِينَ ولَمْ يَبِتْ مِنْها شَيءٌ، هَكَذا كَانَ المُسلِمونَ السَّابِقُونَ يَرْجُونَ أَنْ يَدْخُلُوا تَحْتَ قَولِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيامَةِ، ومَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسلِماً سَتَرهُ اللهُ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، واللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)).
    أَيُّها المُؤمِنونَ :
    إِنَّ اللهَ بِرَحْمَتِهِ حِينَ خَلَقَ المَعْروفَ خَلَقَ لَهُ أَهْلاً، فَحَبَّبَهُ إِلَيهِم، وَحَبَّبَ إِلَيْهِم إِسْدَاءَهُ، وَجَّهَهُمْ إِلَيهِ كَمَا وَجَّهَ المَاءَ إِلَى الأَرضِ المَيتَةِ فَتَحْيَا بِهِ ويَحْيا بِهِ أَهلُها، وإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خَيْرَاً جَعَلَ قَضَاءَ حَوائجِ النَّاسِ عَلَى يَدَيْهِ، ومَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ اللهِ عَلَيْهِ كَثُرَ تَعَلُّقُ النَّاسِ بِهِ، فَإِنَّ قَامَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ للهِ فِيها فَقَدْ شَكَرَها وحَافَظَ عَلَيْها، وإِنْ قَصَّرَ وَمَلَّ وتَبَرَّمَ فَقَدْ عَرَّضَها لِلزَّوالِ ثُمَّ انْصَرَفَتْ وُجُوهُ النَّاسِ عَنْهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ للهِ أَقْواماً اختَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنافِعِ عِبَادِهِ، يُقِرُّها فِيهِمْ مَا بَذَلُوها، فَإِذَا مَنَعُوها نَزَعَها مِنْهُمْ وحَوَّلَها إِلَى غَيْرِهِم))، وعَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: ((إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى أَلاَّ أَدَعَ حَاجَةً إِلاَّ سَدَّدتُها مَا اتَّسَعَ بَعْضُنا لِبَعْضٍ، فَإِذا عَجَزنا تَآسَيْنا فِي عَيشِنا حَتَّى نَستَوِيَ فِي الكَفافِ))، إِنَّهُ تَكَافُلٌ فِي المَنافِعِ وتَآزُرٌ عِنْدَ الشَّدائدِ، وتَضَامُنٌ فِي التَّخْفِيفِ مِنَ المَتاعِبِ، إِنَّها صُوَرٌ مُشْرِقَةٌ مِنْ صُوَرِ الفَهْمِ الدَّقِيقِ لِمَعانِي التِّجَارَةِ، فَهْماً يُفِيدُنا بِأَنَّ عَلَى المُؤسَساتِ التِّجَارِيَّةِ، والمُنشآتِ الصِّناعِيَّةِ، والجِهَاتِ الإِنْتَاجِيَّةِ، التِزامَاً أَخْلاَقِيَّاً تِجَاهَ الوَطَنِ والمُواطِنينَ، يَفْرِضُ عَلَيْها مُراعَاةُ ظُرُوفِ المُستَهلِكينَ، فَما هِيَ إِلاَّ بِهِمْ، هُمْ أَدَاةُ إِنْتَاجِها، وهُمْ كَذَلِكَ سُوقُ مَبِيعَاتِها، وفِي هَذَا السِّياقِ يَتَعَيَّنُ عَلَى المُؤَسَّساتِ أَنْ تَضَعَ المَسؤولِيَّةَ الاجتِماعِيَّةَ فِي صُلْبِ استَراتِيجيَّاتِها، إِذْ أَنَّ هَذِهِ المَسؤولِيَّةَ هِيَ فِي المَقامِ الأَوَّلِ رِسَالَةُ صِدْقٍ وخِدْمَةٌ إِنْسانِيَّةٌ، تَهْدِفُ إِلَى تَحْسِينِ حَياةِ المُجتَمَعِ، ولِتَأْصِيلِ هَذَا المَعنَى شُرِعَتْ زَكَاةُ عُروضِ التِّجَارَةِ طَهَارةً لِلنُّفُوسِ، وتَزكِيَةً لِلْقِيَمِ والمَبادِئ، قَالَ تَعالَى: ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(4)، وفِي المُقابِلِ حَذَّرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مَنْ يَبْخَلُ بِهَذا الحَقِّ فَقَالَ سُبْحانَهُ: ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ))(5)، إِنَّ الزَّكَاةِ لَمْ تَكُنْ فَقَطْ مُجَرَّدَ إِعْطَاءِ بَعْضٍ مِنَ المَالِ لإِطْعامِ الفُقَراءِ ونَحْوِهِم، بَلْ هِيَ أَدَاةٌ مِنْ أَدَواتِ التَّنْمِيَةِ عَلَى صَعِيدٍ أَكْبَرَ، وذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ تَوفِيرِ فُرَصِ عَمَلٍ، مِثْلَ أَنْ يُعْطَ الشَّابُّ الفَقِيرُ رَأْسَ مَالٍ كَي يَبْدأَ تِجَارَةً، أَو يَشْتَرِيَ آلَةً لِحِرفَةٍ يَعلَمُها.
   فَاتَّقوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَلْتَكُنِ النُّفُوسُ سَخِيَّةً، والأَيْدِي بِالخَيْرِ نَدِيَّةً، واستَمسِكُوا بِعُرَى السَّمَاحَةِ، وسَارِعُوا إِلَى سَدادِ عَوَزِ المُعْوِزِينَ، ومَنْ بَذَلَ اليَوْمَ قَلِيلاً جَناهُ غَداً كَثِيراً، تِجَارَةٌ مَعَ اللهِ رَابِحَةٌ، وقَرْضٌ للهِ حَسَنٌ مَردُودٌ إِلَيْهِ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً، إِنْفَاقٌ بِاللَّيلِ والنَّهارِ، والسِّرِّ والعَلَنِ: ((الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))(6).
  أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
  *** *** ***
   الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
   أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
   إِنَّ لارتِفاعِ الأَسْعارِ أَسْباباً كَثِيرَةً مُتَنَوِّعَةً، وقَدْ يَجِدُ المَرءُ فِي كَثِيرٍ مِنْها أَعْذاراً لِلتُّجَّارِ، عِنْدَما يَتَبَيَّنُ أَنْ لَيْسَ ثَمَّةَ نِيَّةٌ لِلاستِغَلاَلِ والإِضْرارِ، لاَ سِيَّما فِي السِّلَعِ المُستَورَدَةِ مِنْ خَارِجِ البَلَدِ، والتِي لاَ يَكُونُ لِلتَّاجِرِ فِي تَحْدِيدِ سِعْرِها يَدٌ، ولِذَا كَانَ الأَصلُ فِي البَيْعِ والشِّراءِ مَنْعَ التَّسعِيرِ عَلَى أَربَابِ التِّجَارَةِ، لِمَا قَدْ يُسَبِّبُهُ ذَلِكَ لَهُمْ مِنَ الضَّرَرِ والخَسَارَةِ، فَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: غَلاَ السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فَقَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، سَعِّرْ لَنا، فَقالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّ اللهَ هُوَ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّزاقُ، وإِنِّي لأَرْجُو أَنْ ألقَى رَبِّي ولَيْسَ أَحَدٌ يَطلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ ولاَ مَالٍ))، وَهَذا أَمْرٌ وَاضِحُ الحِكْمَةِ فِي السِّلَعِ المَجلُوبَةِ، وهُوَ كَذَلِكَ فِي أَوضَاعِ السُّوقِ العَادِيَّةِ، ولَكَنْ لَيْسَ فِيهِ مُبَرِّرٌ لِبَعْضِ صُوَرِ المُغالاَةِ فِي أَسْعارِ سِلَعٍ مِنَ المُنتَجاتِ الوَطَنِيَّةِ، أَبَانَتْ جِهاتُ الإختِصاصِ مِقْدَارَ قِيمَتِها التَّسوِيقِيَّةِ، ومِثلُها المُغالاَةُ فِي الإِيجَارَاتِ السَّكَنِيَّةِ، والمُضَارَبَةُ المُخَالِفَةُ لِلنُّظُمِ فِي المَبِيعَاتِ العَقارِيَّةِ، فَمَا المُبَرِّرُ لِرَفْعِ قِيمَةِ إِيجَارِ مَبَانٍ مَضَى عَلَى بِنَائها سَنواتٌ، ولَمْ تُكَلِّفْ مَالِكَها جَدِيداً مِنَ الأَعمَالِ والخِدْماتِ، فَيَرفَعُ السِّعْرَ مُتَجاوِزاً حُدودَ المَسْمُوحِ بِهِ فِي هَذَا المَجَالِ، إِنَّ لِمثْلِ هَذَهِ التَّصَرُّفاتِ عَلَى المُجتَمَعِ عَواقِبَ خَطِيرةً، ولَها نَتَائجُ وَخِيمَةٌ مُستَطِيرَةٌ، فَهِيَ تُؤثِّرُ عَلَى العُمَّالِ والمُوَظَّفِينَ، وعَلَى استِقرارِ شَرِيحَةِ المُنتِجِينَ، مِمَّنْ تَضْطَرُّهُمْ ظُروفُ عَمَلِهِمُ المَكَانِيَّةُ والزَّمانِيَّةُ إِلَى السَّكَنِ فِي مَنطِقَةٍ بِعَينِها، فَارتِفاعُ تَكالِيفِ السَّكَنِ مَعَ إِمكَانَاتِهِمُ المُحدودَةِ، قَدْ يَصَلُ بِهم إِلَى الأَزَماتِ والبَلْوَى، وحِينَها قَدْ لاَ يَكُونُ لاستِمرارِهم فِي أَعمَالِهم جَدْوَى، فَتَخْتَلُّ بِذَلِكَ الإِنتَاجِيَّةُ، وتَتَضَرَّرُ المَصَالِحُ الوَطَنِيَّةُ، فَأَيْنَ هَؤلاءِ المُلاَّكُ عَنْ مَسؤولِيَّاتِهِمُ التَّكَافُلِيَّةِ؟ وأَيْنَ هُمْ مِنْ قَولِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، ومَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ))، وقَولِهِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنْ كَانَ عِنْدكَ خَيْرٌ تَعودُ بِهِ عَلَى أَخِيكَ، وإِلاَّ فَلاَ تَزِيدَنَّهُ هَلاَكاً إِلَى هَلاَكِهِ))، أَلاَ فَلْيَعلَموا أَنَّ المَالَ مَالُ اللهِ، ومَا العَبْدُ إِلاَّ مُستَخْلَفٌ فِيهِ يَصْرِّفُهُ فِيما شَرَعَهُ سُبْحانَهُ وارتَضَاهُ، قَالَ عَزَّ وجَلَّ: ((آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ))(7)، إِنَّ عَدَمَ الاكتِراثِ بِعِبَادِ اللهِ المُحتاجِينَ، وإِهمَالَ مُراعَاةِ الضُّعفَاءِ والمُعْسِرينَ سُلُوكٌ سَيِّءٌ مُشِينٌ، وإِنَّ الشَّرِيعَةَ الكَامِلَةَ الحَكِيمَةَ العَادِلَةَ لا تُطْلِقُ تِلْكَ الحُرِّيَّةَ لأَربَابِ السِّلَعِ والمَتاعِ بِلاَ قُيودٍ ولاَ ضَوابِطَ، فَإِذَا أَسَاءَ التَّجارُ استِخْدامَ هَذِهِ الحُرِّيَّةِ وتَعَسَّفُوا وتَعَدَّوا، وتَرَكُوا السِّعْرَ المُتَقارِبَ المُتَعارَفَ عَلَيهِ إِلَى السِّعْرِ المُتَفاحِشِ الفَادِحِ، وعَمدوا إِلَى رَفْعِ أَسْعارِ السِّلَعِ والخِدْماتِ بِلاَ أَسْبابٍ تَسْتَدعِيهِ، ولاَ عَوامِلَ تَقتَضِيهِ سِوَى الطَّمَعِ، والرَّغْبَةِ فِي التَّكَاثُرِ والجَشَعِ، واستَغلُّوا رَغْبَةَ النَّاسِ فِي الشِّراءِ وحَاجتَهُمُ الاستِهلاَكِيَّةَ، وأََوهَمُوا المُشْتَرِينَ بِأُمُورٍ مُفتَعَلَةٍ وأَسْبابٍ مُختَلَقَةٍ لاَ حَقِيقَةَ لَها فِي الوَاقِعِ، حتَّى أَضْحَتِ الأَسْعارُ فِي تَصَاعُدٍ مُستَمِرٍّ وحَرَكَةٍ مُطَّرِدَةٍ، وأَصْبَحَ سِعْرُ الشَّيءِ مِثلَيْهِ أَو أَكْثَرَ إِلَى أَضْعافٍ مُضَاعَفَةٍ، وتَضَرَّرَ أَكْثَرُ النَّاسِ بِالغَلاَءِ، وأُرهِقَ الفُقَراءُ، وأُثقِلَ كَاهِلُ المُحتَاجِينَ والضُّعفاءِ، عِنْدَها تَكُونُ الأَذَيَّةُ لِلنَّاسِ ظَاهِرَةً، لاَ مُسَوِّغَ لِفِعْلِها ولاَ إِقْرِارِها، بَلْ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْها وإِنكَارُها، كَيْ يَسِيرَ الجَمِيعُ عَلَى الطَّرِيقِ الأَمثَلِ الأَقْوَمِ، وهُنا قَدْ تَضْطَرُّ الجِهاتُ المَسؤولَةُ إِلَى التَّسْعِيرِ الذِي لاَ وَكْسَ فِيهِ ولاَ شَطَطَ، وقَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ الشَّرعِيَّةُ، والأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ، عَلَى جَوازِ تَقْوِيمِ الأَشيَاءِ بِقيمَةِ عَدْلٍ وثَمَنِ مِثْلٍ، وفِي مِثْلِ هَذَهِ الحَالَةِ يَتَحقَّقُ بِالتَّسْعِيرِ رِبْحٌ ونَماءٌ لأَربَابِ السِّلَعِ وعَدْلٌ بَيْنَ البَائعِينَ والمُشتَرِينَ، ويَستَقِرُّ التَّوازُنُ الاقتِصادِيُّ العَامُّ، ويُحْمَى الضُّعفاءُ مِنْ جَشَعِ الطَّامِعينَ، ومَا يُؤَدِّي إِلَى استِغلاَلِ المُستَهلِكينَ، ويُحافَظُ عَلَى القُدْرَةِ الشِّرائيَّةِ لِلفُقَراءِ والمُحتَاجِينَ، تَحقِيقاً لِقَاعِدةِ: ((دَرْءُ المَفاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ))، و((الضَّرَرُ الأَشَدُّ يُزالُ بِالضَّرَرِ الأَخَفِّ))، و((المَصلَحَةُ العَامَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى المَصلَحَةِ الخَاصَّةِ)).
   فَاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، واجعَلُوا مِنَ التَّكَافُلِ بَيْنَكُمْ مُعِيناً عَلَى الأَزَماتِ، ومِنَ الإِيثَارِ حَلاَّ لِلمُشْكِلاَتِ، تَطِبْ لَكُمُ الحَياةُ، وتَهْنأَوا بِالجَنَّةِ بَعْدَ المَمَاتِ.
   هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (8).
   اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
   اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
   اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
   اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
   رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
   رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
   رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
   اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
   عِبَادَ اللهِ :
((  إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).
(1) سورة التوبة / 119 .
(2) سورة الجمعة / 10 .
(3) سورة الحشر / 9 .
(4) سورة التوبة / 103 .
(5) سورة التوبة / 34 .
(6) سورة البقرة / 274 .
(7) سورة الحديد / 7 .
(8) سورة الأحزاب / 56 .